موقف1:
فتاة ترغب في الزواج من شاب خلوق ومتدين تعرفت عليه في مجال العمل ولكن تصطدم رغبتهما برفض الأهل القاطع بذريعة الاختلاف في المستوى العائلي او المادي أو الاجتماعي , في حين أننا مقابل ذلك بالقران الحكيم نجد قول الباري سبحانه ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم “.
موقف2:
فتاة خلوقة و جميلة قد سبق لها الزواج ولكنها لم توفق في التجربة الأولى لها بسبب زوج مدمن للخمر , تقدم لها شاب أخر لم يسبق له الزواج , معجبا بها و راغبا باكمال نصف دينه ولكنه قوبل برفض قاطع من أهله للتقدم لخطبتها واستمر الرفض أعواما بائت محاولاته كلها لاقناعهم بالفشل واضطر بعدها للزواج بها رغما عنهم وهو يعيش معها عيشة سعيدة و رزقا بذرية طيبة ولكن المفارقة العجيبة أن اهله ما زالا يطالبونه بتطليق تلك الفتاة المسكينة او الزواج بأخرى !!
في مقابل ذلك الموقف نرى أروع مثال لكسر تلك الأعراف الجاهلية قدمه لنا الرسول الأكرم عليه افضل الصلاة والسلام حينما تزوج من طليقة الصحابي الجليل زيد بن حارثة رضي الله عنه,كاسرا كل الاعراف بذلك الزواج المبارك, كما أن التاريخ يخبرنا ان الأعم الأغلب من زوجاته كن ثيبات لا أبكارا , وأروع مثال هو زواجه بالسيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين والتي يذكر أنها كانت اكبر منه سنا ايضا والتي ظل يذكرها بكل الخير بعد وفاتها لما لاقاه منها من مساندة ودعم له طوال بعثته النبوية , رضوان الله عليها .
قال تعالى ” و لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر و ذكر الله كثيرا”
موقف3:
فتاة تم التعارف بين الاهل منذ الصغر أنها حكرا لابن عمها , حتى وان لم ترغب بالزواج به حين الكبر فلابد ان يتنازل ذلك الشاب عن رغبته بالاقتران بها حتى تقترن بغيره!!
وكذلك مثال اخر اذا اقترن الأخ واخته بابنة وابن العم وحصل انفصال بين احد الازواج لسبب ما , نجد ان العرف البائس يفرض انه لابد أيضا من انفصال الزوجين الاخرين مقابل من انفصل من الطرف الاخر حتى وان لم يكن هناك أي خلاف أو سبب !!
أي عرف هذا وتحت أي دين نصنفه ؟! ” أفحكم الجاهلية يبغون , ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون”.
في مجتمعنا المعاصر نماذج عديدة من الجمود الفكري والتعصب الأعمى لبعض التقاليد والأعراف السائدة حتى مع مخالفتها للدين او العقل او المنطق!! و تقديس للماضي دون معايير سليمة للتقييم ونتاج ذلك صور من المعاناة لا حصر لها !! على الرغم اننا في القرن الحادي والعشرين ولكننا ما زلنا نرى من يربط الاعراف بالشرع والدين في حين ان الدين بريء منها براءة الذئب من دم يوسف!!
عندما نتمعن في اسباب بعض الخلافات بين الافراد او البعض نجد أنها ترجع احيانا الى آلية التفكير الجامد والمنغلق والرافض للتغيير !! والمتعارض بالاصل مع الشرع الاسلامي !! فالأسلام هو الدين السماوي الوحيد الذي كسر الجمود ودعى لتغيير اعراف الجاهلية الظالمة فجاء منصفا المرأة فأكرمها و رفعها وأمر بحسن معاملتها , في حين ان بعض الديانات الاخرى كانت ما زالت تبحث هل للمرأة روح وكيان؟!!
فالاسلام أتى ليأمر الناس بحسن معاملة المرأة سواء كانت أما فقال على لسان نبيه ” أمك ثم أمك ثم أمك”و أمر باكرام الزوجة في الاية الكريمة” وعاشروهن بالمعروف” , وحدد كافة حقوقهن بالورث والنفقة وجميع الاحكام في سورة كاملة باسمهن وهي سورة ” النساء” !!
ان الحل الانسب لمثل هذه المعاناة يكمن في العودة للدين الاصيل والعقل لنحكم على تلك الموروثات المقدسة اكثر من الدين ذاته , وادراك دعوة القران الكريم الى نبذ الارتباط بها , ” واذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا , أولوا كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون “.
فلنتملك مسؤولية الفكر وقوته في الحكم على العلاقات والمواقف والمشاعر في حياتنا , وفي تغيير الموروثات الخاطئة في مجتمعنا , حتى نسمو بفكرنا و ننطلق الى المستقبل بفكر بعيد عن الانغلاق على الذات.
ختاما أختم قولي بهذا الحديث الشريف ..
” أكرموا النساء ,فوالله ما أكرمهن الا كريم و وما أهانهن الا لئيم “.
و دمتم بخير.