لم يكن مستغربا ما قام به تنظيم «داعش» المشبوه من تدمير للآثار الإنسانية الخالدة، فقد نحروا قبل ذلك الإنسانية من الوريد الى الوريد، المستغرب بحق هو عدم قدرة الجيش العراقي العرمرم والتحالف الدولي معه على القيام بما نجحت فيه نساء البيشمركة الكردية، أي هزيمة «داعش» وطرد مرتزقته من الموصل الحدباء وغيرها من المدن العراقية التي ابتليت بما هو أسوأ من غزو المغول والتتار.
***
وقد بقيت الآثار الإنسانية في العراق وسورية ومصر وإيران وأفغانستان وليبيا رغم انها بلدان فُتحت منذ أيام الخلفاء الراشدين الأولى ولم يأمر أحد جيوش المسلمين بهدمها والحال كذلك مع دول «الخلافة الإسلامية» التي امتدت منذ بدايات الدولة الأموية حتى نهايات الدولة العثمانية ومن ثم يصعب القبول بالقول ان الهدم كان لأسباب دينية خاصة.
وقد ذكر بعض أسرى «داعش» ممن أطلق سراحهم مؤخرا ان أغلب الداعشيين لا يصلّون ولا يقرأون القرآن، وحتى تكون مسلما متطرفا عليك أن تكون.. مسلما أولا!
***
إن هناك 3 أسباب محتملة لقيام تنظيم «داعش» المشبوه بتدمير التراث الإنساني، أولها حرصهم على استمرار عملية تشويه الإسلام وإثارة عداء العالم على المسلمين حتى يصبحوا لا بواكي لهم، والثاني تدمير ماضينا كما دمروا حاضرنا ومستقبلنا وجعلنا أمة دون جذور ودون تاريخ ودون قيمة مضافة للإنسانية، وإلغاء دولنا من الخارطة السياحية والثقافية للعالم، والثالث إعطاء التبرير المسبق لمن يريد هدم المقدسات الإسلامية التاريخية في بلده.
***
إن تحريم الصور والتماثيل كان كما قال بعض العلماء لقرب بدايات الإسلام بعبادة الأصنام، أما الآن فلا يخشى من ذلك الأمر، لذا سمح العلماء بالصور التي تستخدم في بطاقات الهوية وجوازات السفر، وقد شبه بعض علماء الأزهر الأمر بما حدث من تحريم ومنع الثورة المصرية في بداياتها لتعليق صور الملك فاروق خشية من الثورة المضادة، أما الآن فقد انتفت العلة من المنع ولم يعد هناك ما يمنع من نشر صوره، وفي هذا السياق لا يمكن للمسلمين وأهل مصر والعالم أجمع ان يسمح بهدم ثلثي التراث الإنساني الموجود في أرض الكنانة على شكل تماثيل كحال أبي الهول ورمسيس وتوت عنخ آمون وغيرها، وقبور كحال الأهرامات، بحجج لا يقول بها أغلبية علماء المسلمين.. ان الخوف على الإسلام ليس من الحجر بل من شياطين البشر كحال قيادات «القاعدة» و«داعش».
***
آخر محطة: عدم الإسراع بطرد داعش من الموصل سيسهل عليها تفخيخ وتفجير سد الموصل ومن ثم قتل ما يقارب نصف مليون مسلم عراقي عربي سني غرقا، فلم تخلق «داعش» إلا للإضرار بالمسلمين بشكل عام والسنة بشكل خاص، وإلا فلماذا هجوم «داعش» على المدن الكردية والعربية السنية الآمنة مما تسبب في تدميرها بالكامل وتهجير أهلها؟!