أشعر بالخجل، وأنا أراجع ما كنت أكتبه قبل عدة سنوات من مقالات كنت أفتخر فيها بمستوى الحريات التي كنا نعيشها في الكويت، حيث كنت أقول إن الواحد فينا ينتقد الحكومة في النهار، وينام بالليل في بيته من دون أن يحرص على قفل الباب الخارجي. وأشعر بالحرج وأنا أشاهد اليوم الإحالات إلى النيابة والمحاكم لا تتوقف، حتى بات الواحد فينا لا يأمن على نفسه إن كتب تغريدة، وهو في غرفة نومه من أن يطرق بابه في الصباح مندوب العدل، وبيده طلب ضبط وإحضار، أو استدعاء! كنا نفتخر بعدم وجود سجين رأي في الكويت. واليوم، أصبحنا لا نستنكر خبر الأحكام الصادرة بحق السياسيين والمفكرين، حتى أصبحت الاعتصامات في دواوين المتهمين ظاهرة اعتدنا عليها!
السؤال المستحق هنا هو: هل الكويت تغيرت، أم كل دول الخليج، أم الدول العربية قاطبة؟!
أعتقد أن بعض دول المنطقة مهيأة سابقاً لهذا الوضع، حيث كانت سجونها تزخر بهذا النوع من السجناء. لكن الكويت – مع الأسف – بدأت – حديثاً – تسير على النهج والخط الأمنيين نفسهما، وبدلاً من أن نُصدِّر للآخرين الديموقراطية واحترام الحريات، أخذنا منهم الحل الأمني لقضايانا، ولعل أبرز مظاهره قمع حرية التعبير، أو ما يسمى تلطفاً بـ «القبضة الحديدية»!
ولم يقتصر التغيير على الإجراءات، بل وصل إلى تغيير المفاهيم، فما كان مباحاً في السابق أصبح اليوم ممنوعاً، وما كان من المحظورات، أصبح من المندوحات، خذ مثلاً قضية فلسطين، فمنذ الصغر كنا ندرس أنها قضية العرب والمسلمين الأولى. واليوم، يتعمد الإعلام المأجور أن يُنسينا هذه القضية، بل أصبحت في مؤخرة أولويات مؤتمرات القمم العربية، كيف لا، ونحن نرى حرباً ضروساً على المقاومة الفلسطينية من قبل الأشقاء والأصدقاء؟! ألم نشاهد بعض الأشقاء يتعاون مع العدو الصهيوني ضد «حماس» في حربها الأخيرة معه؟! ألم نشاهد تدمير الأنفاق في غزة من قبل بعض الأشقاء العرب بحجة أنها تزود المقاومة الفلسطينية بالأسلحة لاستخدامها في حربها مع الصهاينة؟! ألم تتم إزالة مدينة رفح بالكامل من أجل تأمين حدود الكيان الصهيوني؟! ولماذا الاطالة؟! ألا يُحاكم اليوم رئيس دولة منتخب بحجة التخابر مع «حماس»؟! هل بعد هذا خذلان وتراجع عن مفاهيم كنا نتشربها منذ الصغر، ترسخ فينا الانتماء العربي والإسلامي لهذه القضية؟!
إن صدق ظني، سيأتي يوم يصبح التطبيع مع العدو الصهيوني أمراً متاحاً، وتصبح مقاومة التطبيع تهمة تُحال بسببها إلى المحاكم! وبهذه المناسبة، لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل للدكتور ناصر الصانع وزملائه في منتدى «برلمانيون ضد الفساد» على إقامتهم لندوة «برلمانيون من أجل القدس»، التي تشرفت بحضورها في اسطنبول بتركيا نهاية هذا الأسبوع. وفعلاً، جددت فينا الأمل في إحياء هذه القضية من جديد.
الملاحظة أن الندوة أقيمت في تركيا، حيث يتعذر أن تُقام في إحدى الدول الصديقة أو الشقيقة!
ختاماً، هل لاحظت عزيزي القارئ، أنني تحاشيت ذكر الأسماء هنا حتى لا أتورط بكتاب استدعاء جديد؟!
***
نهنئ الزميلين الدكتور سعد بن طفلة وصالح الملا على الإفراج، ونتوقع أنه بداية لطريق طويل من المعاناة، بسبب المواقف من قضايا الساعة!
الله يحفظك يا كويت.