من الواضح أن الأحداث المأساوية في المنطقة تزداد سوءا، تحديدا في سورية والعراق وغيرهما من البلدان العربية التي تحولت ساحاتها إلى حلبة قتال ودمار وتشريد، هذه المصائب لم تأت بالمصادفة وليس كما يروج لها البعض من أجل الحرية، بينما الحقيقة مغايرة تماما، لأن نواياها الشريرة تهدف إلى إشعال حرب طائفية في المنطقة أطرافها «سنية ـ شيعية» رسمت لوحتها بريشة خبيثة على خريطة منطقة الشرق الأوسط والسؤال هنا: هل الكويت ضمن الخريطة التي رسمتها تلك الريشة؟
كل هذه الأحداث المؤلمة، باتت واقعا أليما على الأرض، والكويت ليست بمنأى عنها إن لم تكن الحكمة حاضرة في تلك الظروف الاستثنائية، التي تستوجب أن نتعامل معها بأسلوب استثنائي حذر.
دعونا نتوقف لحظة مع العقل ونسأل بحكمة، هل دفاع وتعاطف البعض مع الجيش الحر أو جبهة النصرة أو داعش أو جيش بشار أو حزب الله أو إيران، سينقذ بلدنا من فتنة طائفية ملامحها باتت تظهر على سطح الساحة السياسية والاجتماعية، والكراهية التي انتشرت أخيرا خير عنوانا لها؟
أليس الوضع الراهن بحاجة إلى تحكيم العقل أكثر من الجري وراء الكراهية؟ خاصة أن المعركة باتت مكشوفة لكل من يرصدها بعين وطنية بعيدة عن أمراض الفزعة الطائفية، فضلا عن تحقير عقول البعض وجعله أداة لبعض الآلات الإعلامية التي توجه الرأي العام حسبما تريد بفنون إعلامية تأثيرها يفوق السحر ونتائجها حتما مؤلمة على الجميع لطالما البعض أصبح أسيرا لها.
ففي ظل الأحداث الكارثية التي تمر على المنطقة، فالمحافظة على أمن واستقرار الكويت بات واجبا وطنيا ومسؤوليته تقع على الجميع، فعلى الشعب الكويتي أن يلعب دورا مهما لا يقل أهمية عن دوره البطولي ابان الغزو العراقي، فجاء الوقت الذي يلزمنا بأن نترك فيه جميع خلافاتنا السياسية والمذهبية، التي شجعت على الانقسام القبلي والطائفي والفئوي في الفترة الأخيرة، وهذه الانقسامات اذا استمرت فستكون أرضا خصبة لأصحاب الأجندات الطائفية الذين يحاولون إشعال الكويت بحرب طائفية شرارتها في كل فترة تجدح على الساحة السياسية، ولكن لطف الله ثم حكمة صاحب السمو الأمير وحسن تصرف العقلاء منع اشتعالها، وكل ما حصده هؤلاء الطائفيون هو نشر الكراهية بين بعض فئات المجتمع ليس أكثر.
وللأسف فإن البعض منهم انحرف عن مسار التمسك بالوحدة الوطنية، وأصحاب الفتن باتوا أبطالا على الساحة السياسية والتويترية بالتحديد، ينشرون سموم أفكارهم بين الشباب، ويشككون في ولاء أبناء جلدتهم لمجرد اختلافات مذهبية، وكل هذا يتم باسم حرية الرأي والمحاسبة غائبة بسبب الحسابات والترضيات السياسية.
أقولها بحزن وخوف من المجهول، الكويت يحدق بها الخطر، وأرضيتها خصبة، نتيجة وجود متطرفين من مختلف الانتماءات المذهبية، لذا علينا مهمة وطنية تكمن في ضرورة الدفاع عن وطننا من خلال محاربة الأفكار المتطرفة المريضة، فالأمر اليوم بحاجة إلى ثقافة مجتمع تحمل عقلا وروحا يعشقان الكويت كما كان شهداء القرين في المعركة الوطنية التي امتزج فيها دم السني والشيعي والحضري والبدوي دفاعا عن الكويت ولا شيء غير الكويت.
افهموا ما يحدث من حولكم جيدا، فهي بداية لشرارة قد تحرق الجميع وتنهي مستقبلا جميلا، كلنا يعلم أننا محسودون على نعمتي الأمن والأمان قبل نعمتي الخير والديمقراطية، لذا أتمنى من الكل أن يرى الكويت بعيون الأب والتي ترى عيون ابنه تدمع ألما، كفانا تناحرا وتفرقة وكراهية، والذي يريد سلامة الكويت عليه أن يتبع نهج وحكمة صاحب السمو الأمير، كونه أكثر حرصا على مصلحة الكويت واستقرارها في ظل الظروف الراهنة.