آمنت شعوب كثيرة، ولا تزال، بأفضليتها على غيرها، علما وأدبا وخلقا وتقدما وحضارة ومعيشة، وحتى عرقا، وهي بالتالي تتباهى بما لديها، وليس في الأمر ما يسيء طالما بقي ضمن حدود المباهاة! ولكن الخطورة تكمن في تطور تلك المباهاة لما هو أخطر، والسعي لتسخيرهم لخدمتهم، أو اعتبارهم «كائنات أدنى»، أو حتى إبادتهم. والتاريخ الديني والمدني مليء بالأمثلة، فهذا ما حدث لمن جلبوا للعالم الجديد من أفريقيا، وما تعرض له سكان أميركا واستراليا الأصليين وغيرهم. وربما تكون التجربة النازية الأكثر حداثة، وهي التجربة التي ضمنها المجرم أدولف هتلر، الذي قتل اكثر من 60 مليون نفس بريئة، ضمنها كتابه «كفاحي» Mein Kampf، الذي كتبه عام 1925، والذي بنى فكرة النازية فيه على اساس الإيمان بالتفاوت بين الأعراق، وأن العنصر الآري هو الأعلى، وأن اليهود هم الأدنى، وغير مرغوب فيهم، وبالتالي من الضرورة وضع حل نهائي لوجودهم في أوروبا. ومن هنا بدأت جرائم الإبادة النازية، بعد فشل خطط ترحيل اليهود للخارج، وهذا ما تود الصهيونية العالمية الآن القيام به اتجاه الفلسطينيين. فقانون يهودية دولة إسرائيل يعني نقاءها الديني وتخلصها من اي بكتيريا ضارة أو عناصر غير مرغوبة فيها.
ولو حاولنا القراءة بين سطور الكتب المدرسية، التي تدرس لأطفال المدارس في الكويت والدول الخليجية، ومن الذين لا تتجاوز أعمارهم العاشرة، سنجد أن فيها مواد تثير العنصرية، وتجعل المسلم أفضل من غيره، أدبا ونظافة ومحبة إلهية وخلقا وتحضرا. ولو تجاوزنا ذلك لسبب أو لآخر، لواجهتنا معضلة أخرى تتمثل في النسبة الكبيرة من الطلبة، والهيئة الإدارية والتدريسية، من غير المسلمين، وبالذات في المدارس الخاصة، الذين يطلعون على مواد تدرس لتلاميذ صغار تضعهم في الدرك الأسفل لا لشيء إلا لكونهم «غير مسلمين»! فما هو شعور تلميذ في الثامنة من العمر عندما يكتشف أنه المسلم الوحيد في مجموعته، وأن زملاءه وأساتذته كفرة؟
وكيف يمكن قبول تضمين منهج المرحلة الابتدائية ما يشجع الأطفال على أن يموتوا في سبيل الإسلام، وأن الكفار والمشركين (من اصحابه ومن يعملون مع والده أو يشتغلون في البيت ويقومون بتربيته) مصيرهم النار، بمن فيهم ربما ناظر المدرسة الإنكليزي؟
وفي هذا السياق، أخبرني صديق أن حفيده عاد من المدرسة باكيا، لأن زملاءه وصفوه بالكافر، لأن امرأة قبلته أمام المدرسة! ولم تكن تلك المرأة غير جدته التي أوصلته الى المدرسة!
أحمد الصراف