كان الجميع يراهن على تماسك المعارضة وتشتت خصومها لكثرة أقطابهم وتضارب مصالحهم، ولكن تبين أن ما يحدث هو العكس تماما.
مع مرور أكثر من عامين على حل مجلس الأغلبية ٢٠١٢ حاولت المعارضة أن تبدو متماسكة ومتفقة على الهدف والوسيلة أو على الأقل هذا ما حاولت إظهاره بالعلن، ولكن في الآونة الأخيرة اتضح أنها مفككة ومنقسمة على نفسها.
ربما اختلف بعض السلفيين ومنذ البداية مع ائتلاف المعارضة على أشياء معينة «كالأحزاب»، وكذلك فعل د.عبيد الوسمي عندما طرح فكرة الحوار داخل مكونات المجتمع ومن ثم مع السلطة.
ولكن كل هذه الاختلافات لم تؤثر كثيرا على الوضع العام للمعارضة، حتى ظهرت بعض الانقسامات الحادة الأخيرة للعلن، ومنها على سبيل المثال «تغريدات النائب السابق أحمد السعدون» وهو من زعماء المعارضة حول «المندسين وحماة سراق المال»، حيث فهمه الكثيرون على أنه تشكيك وتخوين لبعض مكونات المعارضة مما يؤدي حتما إلى إضعافها، وخصوصا أن السعدون لم يوضح من هم المقصودون بذلك ولماذا استحقوا هذا اللقب؟
ويتساءل الكثير لماذا يصر السعدون على اتهامه؟ ولماذا لا يصرح بأسمائهم إذا كان يخشى على الحراك منهم؟
ويبرر البعض ذلك بأن السعدون يخشى على الحراك من الانقسام والتفكك ولذلك يحذر من المخربين ولا يسميهم، فهو دائما ما يعارض ومن الداخل الكثير من سياسات الائتلاف وبعض خطبهم ومسيراتهم، ولكنه يبقى الأمر دائما داخل المجموعة حفاظا على وحدة المعارضة.
بات من المؤكد أن هناك تيارين سياسيين يسيطران على قوى ائتلاف المعارضة وهما: تيار السعدون وتيار البراك، الأول يتسم بالمعارضة الكلاسيكية الهادئة نسبيا وذات النفس الطويل، وهو بشكل عام تيار محافظ جدا ولا يحاول الخروج عن المألوف سياسيا واجتماعيا، وبطبيعة الحال دائما ما يحاول التوصل لحلول وسطية.
أما تيار البراك فهو تيار سياسي راديكالي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ينتهج خطابا سياسيا عالي السقف وحاد اللغة، ويطرح من خلاله أفكاره الطموحة بكل وضوح وشفافية وبلغة غالبا ما تكون قاسية.
ما يجمع بين «مدرسة السعدون» و«مدرسة البراك» أهداف مشتركة كثيرة وكبيرة وكفاح مشترك طويل، ولكن ما بين الرجلين رجال كثر، يتنازعون الأدوار الثانوية في المدرستين ويحاولون القفز على الأحداث، وآخرهم «جبل وارة» ومقاله الذي كاد أن يدمر الحراك السياسي.
ختاما: التجمع المعارض الناجح هو الذي يستطيع أن يدمج بين النهج المحافظ والراديكالي معا، ليصنع سياسة لا تكون هادئة جدا فتقتل الحراك ولا ثائرة جدا فتفسده.
في السابق نجح خصوم المعارضة في عزل بعض القوى السياسية طائفيا عن المعارضة بعد أحداث «التأبين»، ونجحوا كذلك في إبعاد الليبراليين عن الحراك الذي يزعمون أن الإسلاميين يقودونه، وأخشى أن يكون الهدف القادم هو تقسيم المعارضة بين فئتين «البدو» و«الحضر» أو المناطق الداخلية والخارجية.