نجحت قوى الأمن اللبناني، في الصيف الماضي، في إلقاء القبض على انتحاريين ـــ سعودي وفرنسي ـــ اعترفا بانتمائها لــ «داعش» وبإقدامهما على تفجير فندق «دو روي» في بيروت، والتخطيط لعملية انتحارية في مطعم الساحة في الضاحية الجنوبية. واعترف الانتحاري الفرنسي بأنه كان سينفذ عملية انتحارية ضدّ «الشيعة» لتلقينهم درساً بسبب قتالهم في سوريا. وخلال التحقيق تبين أن هذا المتهم، فايز يوسف بوشران، هو من مواليد جزر القمر Comoros Island، وأنه كان يتابع على اليوتيوب ما كان يحصل في سوريا من جرائم بحق السنة، وعرف بوجود إشارات بأن يوم القيامة أصبح قريباً، فتكوّنت لديه قناعة بالذهاب الى سوريا للجهاد. واضاف ان شخصا تواصل معه على موقع على الفيسبوك، يتضمن «أموراً جهادية»، وأخبره بأنه في حال رغب في الجهاد فعليه السفر الى سوريا من ألمانيا او اسبانيا الى تركيا، وهناك ينقله شخص الى الرقة للالتحاق بــ «داعش»، وهذا ما حصل معه، ومع آخرين من جنسيات مختلفة.
وفي الرقة، وبعد تلقّ.ي دروس دينية، إضافة إلى الدروس التي تلقاها في فرنسا على يد شيخين شجّعاه على الجهاد، اختار برغبته القيام بعملية انتحارية ضد الشيعة في لبنان، وأنه أُعطي ألف دولار، وخُيّ.ر بين تنفيذ العملية الانتحارية بحزام أو سترة ناسفة.
وبسؤاله عن المنفعة التي كان سيجنيها بقتل نفسه وأبرياء آخرين، قال إنه تم اقناعه بأن هذا هو الطريق الى الجنة ولقاء «الحور»! وقال الانتحاري إنه قرر القيام بالعملية الانتحارية بعد أن سمع من رجل دين في وطنه فضل الشهادة وميزات الانتحاري الذي يدخل الجنة اثر استشهاده.
وهنا نرى ما لهذه الدروس الدينية من سلبية وخطورة على الشباب، وكيف أن من الغباء الشديد، او شدة الذكاء، السماح بهذه الدروس بحجة أنها «أعمال خير وبركة» ويؤجر من يلقيها ومن يستمع إليها.
الطريف ـــ إن كان هناك ما هو طريف في هذا الموضوع ـــ أن جزر القمر التي قدم منها بوشران إلى لبنان، عن طريق فرنسا، التي حصل على جنسيتها، تقع في منطقة نائية في المحيط الهندي، وبعيداً بآلاف الكيلو مترات عن أي دولة عربية، على الرغم من ذلك وصلت إليها «سوسة التطرف»، ربما لأنها عضو في الجامعة العربية، ولو أن لغتها الرسمية السائدة هي الفرنسية، وأقلية تتكلم القمرية والعربية فيها. ولا تزيد مساحة جزرها على 2200 كلم2، وسكانها على 800 ألف نسمة، ويبلغ دخل %50 منهم أقل من دولار ونصف الدولار يومياً.
والطريف أكثر أن حكومتنا، وفي سعيها الى وضع حد لمشكلة عديمي الجنسية، أو «البدون»، الذين يزيد عددهم على مئة ألف، تسعى الى حصولهم على جنسية جزر القمر. وان هذه «المواطنة الاقتصادية» ستمنح هؤلاء حق الحصول على الإقامة المجانية، إضافة إلى سلسلة من المحفزات، مثل: التعليم المجاني والرعاية الصحية، والحق في الوظيفة.
لا أدري مدى إنسانية هذا الإجراء، وهل حقّاً سيضع حدّاً لمشكلة «البدون»، خاصة أن غالبية هؤلاء وُلدوا ونشأوا في الكويت، ويطالبون بالحصول على جنسيتها، لكن السلطات تؤكد أن 34 ألفاً فقط هم الذين يمكن أن يحصلوا على الجنسية، وأن الباقين هم من جنسيات أخرى؟!
أحمد الصراف