في عام 1956 قامت حرب السويس التي نتج عنها موافقة مصر على فتح مضائق تيران للسفن الإسرائيلية، وفي ربيع 1967 تم نصب فخ لمصر من قبل أنظمة ثورية عربية لتوريطها في حرب استعدت لها إسرائيل جيدا، ووقعت القيادة المصرية في الفخ وأعلنت إغلاق مضائق تيران، فبدأت الحرب واستطاع سلاح الطيران الإسرائيلي الانتصار على 3 دول عربية خلال ساعات قليلة (ردا على من يدعي أن الحملة الجوية على داعش لا تستطيع حسم الحرب) تلا ذلك بدء حرب الاستنزاف التي استنزفت مصر وأوقفت عملية إعادة بناء قواتها ولم تستنزف إسرائيل على الاطلاق، وفي عام 1970 أعلن عبدالناصر قبوله بوقف إطلاق النار وتعامله الايجابي مع مبادرة «روجرز» السلمية وبدأ معها الاستعداد لحرب أكتوبر المجيدة.
***
على الجانب الإسرائيلي قاد الجنرال بارليف الجبهة الجنوبية أي الحدود مع مصر (1967- 1970) وقام بإنشاء خط بارليف المنيع طبقا لنظرية «الدفاع الثابت» أي منع القوات المصرية من عبور ذلك الخط بأي ثمن، إلا أن الحرب لم تقم في تلك الفترة، بل في الفترة التي تلتها والتي قاد خلالها الجنرال شارون الجبهة الجنوبية (1970 – 1973) ومعه الجنرال شموئيل جونين، وكان السؤال الاول الذي وجهه شارون الى مجلس الوزراء الإسرائيلي أعطوني خط دفاع صمد في التاريخ؟ لذا قرر أن خط بارليف ساقط لا محالة في أي حرب قادمة، فقام بإهماله وتخفيف عدد الجنود المدافعين عنه (تم أسر ما يقارب 300 جندي إسرائيلي فقط عند سقوطه في 6/10/1973 وقرر استبداله بنظرية «الدفاع المتحرك» أي خلق منطقة قتل بين خط بارليف وممرات سيناء يصول ويجول بها الطيران الإسرائيلي المتفوق وتعمل دباباته على الأرض لإبادة أي قوات متقدمة.
***
لذا لم يكن الانتصار المصري والعربي الكبير في أكتوبر 1973 يتمثل، كما روج هيكل في مقالاته، في سقوط خط بارليف (الدفاع الثابت) الساقط لا محالة والذي يمكن دحضه ـ أي ذلك الانتصارـ من أي عسكري محايد، بل تكمن عظمة الانتصار المصري بهزيمة إسرائيل في «دفاعها المتحرك» حيث تولت بطاريات صواريخ سام2 وسام3 المتمركزة غرب القناة بعملية إسقاط الطائرات الإسرائيلية بالعشرات، في حين قامت الدبابات المصرية وصائدو الدبابات من حملة الصواريخ المضادة للدروع بتحطيم الدبابات الإسرائيلية بالعشرات، وحينها شعرت إسرائيل بالهزيمة الفادحة فاستنجدت بحلفائها وحلقت طائرة تجسس غربية فوق القناة، واكتشفت ثغرة الدفرسوار التي كانت خطورتها الحقيقية والمبكرة هي انها دمرت 35 بطارية صواريخ مما مجموعه 36 بطارية، فعادت السيطرة الجوية لإسرائيل وتم تدمير 250 دبابة مصرية خلال 5 ساعات، كما يذكر اللواء أركان حرب أحمد أسامة إبراهيم، من قبل الطائرات الإسرائيلية.
***
آخر محطة:
(1) الغريب أن احتمالية الثغرة وحدوثها في الدفرسوار تحديدا تم وضعها في حسبان هيئة الأركان المصرية منذ عام 1971 وتم التدرب على كيفية التعامل معها والقضاء عليها، إلا أن تدخل القرار السياسي بالعمل العسكري أوقف التعامل معها ابان الحرب مما نتج عنه تطويق الجيش الثالث.
(2) تبقى حرب أكتوبر المجيدة تاريخا ناصعا لمصر وللأمة العربية فقد كسرت عقدة التفوق الإسرائيلي وأدت بالنهاية لاتفاق سلام جعلها آخر الحروب، وأعاد سيناء وخيراتها لمصر وكان بالإمكان أن يستفيد العرب وخاصة الفلسطينيين بأكثر من ذلك لولا عنتريات صدام والقذافي ومن مشى على خطاهما المدمرة لمصالح الأمــة العربيــة!