في عام 1848 أصدر الرفيق «كارل ماركس وفريدريك إنجلز» بيانهما الشيوعي الشهير وبه الجملة الخالدة :«يا بروليتاريين العالم .. اتحدوا» والتي تحولت لاحقا في الترجمة لتصبح «يا عمال العالم .. اتحدوا »! كم عدد عمال العالم في ذلك الزمن؟! في واقع الحال كانت الكرة الأرضية بأسرها تضج بالعمال وبحسبة أدق فإن 80% من سكان العالم كانوا عمالا و10% طبقة متوسطة والعشرة الأخيرة من أهل الثراء الفاحش! لهذا السبب لم يقل الرفيقان «ماركس وإنجلز» في بيانهما الشهير : «يا طبقة متوسطة العالم اتحدوا » وبالطبع لا يمكن لهما أن يقولا ..«يا مليونيرات العالم .. اتحدوا »!! .
في شهر إبريل من عام 1960 وصلت باخرة شحن مصرية اسمها «كليوباترا» عليها حمولة 2000 طن من القطن المصري طويل التيلة إلى ميناء نيويورك لكن اتحاد بحارة أميركا وعمالهم كانوا قد أصدورا بيانا رفضوا فيه «تفريغ حمولة الباخرة أو حتى تزويدها بالماء والطعام والأدوية » وظل أكثر من 100 بحار مصري على متنها وكأنهم في صحراء قاحلة لا يجدون قطعة خبز أوشربة ..ماء !
إسرائيل كانت وراء ذلك إذ حركت اللوبي اليهودي الضاغط ضد مصر وأي سفينة عربية جاءت من بلد تقاطع تل أبيب والسبب أن جمال عبد الناصر قد منع مرور أي سفينة إسرائيلية من قناة السويس بل وقامت مصر بمصادرة بضائع كانت تحملها سفن إسرائيلية!.
وعندما هددت تل أبيب باستصدار قرار من الأمم المتحدة ردت القاهرة بأنها لن تنفذ أي قرار أممي حتى تنفذ إسرائيل قرار التقسيم وعودة اللاجئين وكل رغبة دولية تجاهلتها في الشرق الأوسط..! عندها كان ضغط اللوبي اليهودي وتحريك اتحاد البحارة ومنع تفريغ السفينة «كليوباترا» في ميناء نيويورك وترك بحارتها بلا أي زاد أو ..تموين!! عندها ألقى الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر خطابا طلب فيه من .. «كل العمال العرب في كل الوطن العربي مقاطعة تفريغ السفن الأميركية ومعاملتها بالمثل»! استجاب ملايين العمال العرب للنداء وربضت سفن الشحن ببضائعها على أرصفة الموانئ العربية كأسراب البط المكسورة الأجنحة «فتحركت المصالح الأميركية وشركاتها العملاقة وضغطت على البيت الأبيض»! فأمر الرئيس كنيدي عناصر من الجيش بالدخول إلى ميناء نيويورك وتفريغ الشحنة وتزويد بحارتها المصريين بالطعام و..الشراب وانتهت الأزمة!.
قرأت ثلاثة كتب عن مؤسس المملكة العربية السعودية الراحل الكبير الملك عبد العزيز رحمه الله وفي أحدها أعتقد أنه كان بعنوان «نشأة مملكة» لمستشرق روسي اسمه «باسالييف» إن لم تخني الذاكرة ينقل رأيا لأحد مستشاري بن سعود وهو بريطاني اسمه «فليبي» رافقه في رحلة توحيد الجزيرة العربية ويقترح عليه أن يكمل مشروعه العملاق باتجاه اليمن ويحتلها ويضمها إلى مملكته فيرد عليه «عبد العزيز» غاضبا : «اليمن أرض صعبة من أين لي بعدد كاف من الرجال ليتولوا شؤونها» ؟! لو كان الملك الراحل يملك أعداد عمال العالم وقتها – أوعمال العرب أيام عبد الناصر لكانت اليمن الآن واحة أمن وأمان ورخاء ولا يختفي خلف كل حجر فيها شيطان.. أمرد!!
انتشى ملالي طهران بسقوط العاصمة اليمنية صنعاء وقبلها انتشوا حين أسقط لهم الأميركيون بغداد وقبلها انتشوا عندما حارب المارينز حكم «طالبان» في أفغانستان وأزاحوا لهم «الملا عمر» وقبل كل ذلك حصلوا على نصف لبنان ونصف سكانها ونصف سياسييها ونصف قرارها وكل دماء ..شعبها ثم جاؤوا إلى جنوب شبه الجزيرة العربية حيث «القات» «أرخص من الخبز» والرصاصة أغلى من الإنسان والقبيلة أهم من المعتقد والحجر «أنشف» من .. الدماغ!!
رفع ملالي طهران شعار «يا حوثيو العالم ..»اتحدوا لكن كم «حوثيا» سيكمل المشوار في ..موريتانيا والسودان وجبيوتي والجزائر وليبيا والمغرب وتونس و..رام الله ونابلس والخليل و..و.. امتدادا للعالم الإسلامي الكبير من «داكار» حتى «جاكرتا» !!
طهران تريد وحدة «حوثية» يحكمها الولي الفقيه سيقابلها وحدة «بهائية» وأخرى «أشاعرية » وثالثة «شافعية» ورابعة «مالكية» وخامسة «بهرية» و«زيدية» حتى تصل عدد الفرق إلى الرقم السحري القديم 73 فرقة»!!
«كارل ماركس ورفيقه» حكمت نظريتهما نصف الكرة الأرضية لثمانين سنة لأنها كانت «أممية» وعبد الناصر وقوميته جعلت للعرب هيبة لأنها «أممية» فهل يعتقد الملالي أن ..«الحوثية الأممية» ستغطي «على شعوبهم الفارسية » الممزقة إلى عشرات القوميات و«الأثنيات»؟!
إن «الفرقة الناجية» الوحيدة من حرب «المسلمين ضد الإسلام» هذه ستكون .. إسرائيل ولا أحد غيرها.