قال لي صديقي الخليجي: ما أسعدكم أيها الكويتيون، فالديموقراطية عندكم لم تعد سمة الحياة السياسية فقط، بل اصبحت تكسو الحياة الاجتماعية ايضاً، فأجبته صدقت! ولذلك لا تجد ولله الحمد في سجوننا أي سجين سياسي أو سجين رأي! بل ان أحدنا ينتقد الحكومة برئيسها من دون وجل ثم يذهب الى بيته وينام من دون ان يتأكد من احكام قفل الباب الخارجي!
طبعاً هذا الحوار كان قبل عدة سنوات، أما اليوم فلو حدث ان قابلت صاحبي لدار الحوار التالي:
– ما أتعسكم أيها الكويتيون، لديكم ديموقراطية ولا تمارسونها! ونظام دستوري ولا تطبقونه! فأجيبه صدقت! ولذلك عندما يحين موعد الانتخابات البرلمانية لا يذهب اليها أحد، وعندما يتم استجواب وزير لا يجد النائب المستجوِب نائباً واحداً يتحدث مؤيدا له، أما السجون فأصبح فيها سجناء رأي وثمة من الشعب متهم او محال للنيابة بسبب تغريدة! والقانون ربما أصبح يطبق وفقاً للمزاج السياسي! عندنا تُمنح الجنسية لشخص لم تطأ قدمه الا فندق الشيراتون جاء ليتسلم شهادة الجنسية ثم يعود لبلده، بينما «بدون» أمضى اكثر من خمسين عاماً يحمل بندقيته للدفاع عن الوطن ويحرم منها! عندنا نصف الشعب تم تجنيسه بطريقة شهادة الشهود، لذلك اصبح نصف الشعب بعد خمسة وخمسين عاما من تطبيق قانون الجنسية معرضا للابتزاز السياسي ان فتح فمه أو طالب بتطبيق القانون أو بحقوقه الدستورية!
هذا هو واقعنا الحقيقي اليوم.. بالأمس كنا نتميز عن بقية دول الخليج بديموقراطيتنا الحقة، واليوم لم نعد نتميز عنهم بشيء، بل هم تجاوزونا كثيرا بمشاريع التنمية والعمران!
عندنا قتل المخططون للقبضة الامنية كل طموحنا كشعب في مستقبل زاهر وفي العيش بدولة حضارية! ظن هؤلاء ان باسلوبهم القمعي سيحجمون المعارضة السياسية وسيرهبونها، وقد يتحقق لهم هذا على الأرض لكن ما لم ينتبهوا له ان الواقع النفسي والمشاعر الوجدانية والقلبية ايضاً ستتغير، وهذه أخطر على المدى البعيد من الانتصار المادي! تشريد الاسر وضياع مستقبل اجيال كاملة سيدمر النسيج الاجتماعي للكويت، وسيقضي على النقاط المضيئة في الرباط المتماسك لهذا المجتمع الصغير.
يقول مصدر مسؤول لـ القبس بالامس ان سحب الجناسي ما هو الا تصحيح للمسار، حيث ان من سحبت جنسيته لم يكن حاصلا على احصاء 1965، كما ان بعضهم مقيم خارج الكويت لاكثر من عشرين عاماً! بينما واقع من سحبت جنسيته يقول بخلاف ذلك، مما يؤكد المزاجية والانتقائية في السحب، فهذا نائب كلكم تعرفون انه مزور في جنسيته ومع هذا هو وزميله من يحددون للحكومة من تسحب جنسيته، وبالمقابل نائب آخر تم سحب جنسية أقاربه ولما احتجتوه في مجلس الامة رجعتوا جناسيهم! مغرد يقول ان الكويت ستصبح المحافظة رقم 32 للجمهورية الاسلامية الايرانية ولا تحركون ساكنا، وآخر يبدي رأياً سياسياً في الحكومة نجده خلف القضبان! ونائب يصرح اذا حلوا مجلس الامة سأفجّر ادارة الفتوى والتشريع وغيرها (!!) ويؤكد كلامه في مقابلة تلفزيونية ثانية ولا يتجرأ احد ان يمسه لأنه من وارد الخارج! بينما يتحدث طفل عن تركيا تقوم الدنيا ولا تقعد ويتم التهديد بسحب جنسية عائلته! لذلك نقول للمصدر الذي صرح لـ القبس اكرمنا بسكوتك!
ومما يؤسف له اننا اصبحنا نصدّر لدول الجوار انتكاستنا! فهذه بعض دول الخليج تدرس سحب جناسي بعض المواطنين لديها، بينما كان المواطن الخليجي يتمنى ان يؤدي اتحاد دول الخليج الى نقل تجربة الديموقراطية الكويتية لدولته! اليوم لسان حاله يقول «اقضب مجنونك لا يجيك أجن منّه»!