تظهر لنا الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم بين فترة وأخرى مدى الترابط المالي والتجاري بين مختلف دول العالم، وأظهرت لنا أزمة «داعش» مدى الترابط الأمني بين مختلف دول العالم. لا يمكن لأي سياسي يعيش في أوروبا أو أميركا أو شرق آسيا أو حتى روسيا وأستراليا أن يتجاهل ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط، فحتى لو كان بعيدا عن النيران فستصله حرارتها لأن الحدود الحقيقية بين دول العالم سقطت، والحواجز ألغيت، وإلا فكيف يمكن أن نفسر قدرة هذا التنظيم الذي لم يتعد عمره العشر سنوات على استقطاب مقاتلين من 80 دولة حول العالم، وحشد أكثر من 30 ألف مقاتل مستعدين للموت ولارتكاب أبشع أنواع الفظائع والقتل التي شهدها العالم في العقود الأخيرة؟ متابعة قراءة «داعش».. التي وحّدت العالم
اليوم: 28 سبتمبر، 2014
كم يكلف قتل فكرة.. «ملتحية»؟!
حين وصل إلى أسماعي -وبصري أيضا- رقم المبلغ الذي اقترحته الولايات المتحدة الأميركية لمحاربة جيش الدولة الإسلامية «داعش» وهو خمسمائة مليار دولار – أكرر «مليار وليس مليون»- لم أهتم كثيرا بالأمر فهم يأخذون نفطنا في الخليج منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم وبأسعار أقل من قيمته . أما لماذا قلت «نفط الخليج» ولم أقل غيره فلأن المتحمل الأكبر لفاتورة حرب داعش ذات الأصفار الخمسة عشر أو ستة عشر إلى يمين الرقم 5 ستكون دول مجلس التعاون ! أقول لم أهتم كثيرا للمبلغ المقترح من أجل حرب هؤلاء الفجرة لأن الآباء والأجداد وتراثنا القديم يقول المال يذهب ويأتي لكن الأرواح ان ذهبت فهي لا ترجع وهذا هو اهتمامي الأول والثاني و.. الأخير!! إذا كانت الولايات المتحدة قد قررت إنها تحتاج الخمسمائة مليار دولار للقضاء على «أجساد» عناصر «داعش» فكم سنحتاج – نحن العرب والمسلمين من المال والأنفس «للقضاء على.. الفكرة الداعشية» التي دخلت إلى «رؤوس الأبناء والأحفاد»، ومن يقف خلفهم مؤمنا بأفكارهم وداعما لمناهجهم؟! تعالوا نتبين أنواعهم: متابعة قراءة كم يكلف قتل فكرة.. «ملتحية»؟!
حتة وحدة
أنا من قوم ولدوا وفي أفواههم ملاعق من الشجب والاستنكار. يعالجون مشاكلهم بالشجب، ولا يفعلون ما يمنع وقوعها. ويتصدون لنوائبهم بالاستنكار، وإن تكررت كرروا معها استنكارهم، والعين بالعين، والسن بالسن.
والله يذكره بالخير طبيب “العيادة” في الكلية العسكرية في مصر. هي لم تكن عيادة، ولا حتى من فصيلة العيادات، كانت غرفة معتمة، فيها طاولة عليها نوعان من الأدوية؛ بانادول ومرهم، وكان الله غفوراً رحيماً. ولن يفلت مرض من هذين العلاجين السحريين. متابعة قراءة حتة وحدة
لفهم اللعبة وأدوار اللاعبين!
يجد كثير من المختصين صعوبة في فهم ما يجري من أحداث في المنطقة واستحالة وضع مسطرة أو قاعدة واحدة يمكن من خلال تطبيقها استيعاب وفهم من يحالف من ومن يعادي من! والأمر ليس جديدا بعكس ما يظن كثير من المراقبين والمتابعين، فالعمليات السياسية والمخابراتية والأمنية ترسمها عقول «مركبة» بينما لا تفهم عقولنا البسيطة إلا الأبيض والأسود و1 + 1=2 و«عدو عدوك هو صديقك وصديق عدوك هو عدوك» وتلك قواعد للعلم لا تنطبق على كل الأحداث والوقائع، بل الأمر أكثر تعقيدا كما تدل أحداث الماضي القريب! متابعة قراءة لفهم اللعبة وأدوار اللاعبين!
تنويع مصادر الفكر قبل مصادر الدخل
أصبح في حيص بيص حين أقرأ عبارة مثل تنويع مصادر الدخل للدولة، التي كثيراً ما تُذكَر لا من المهمومين بالإدارة الاقتصادية للدولة فقط، بل من مؤسسات الدولة ذاتها أيضاً، سواء كانت في خطابات الحكومة أو تقارير مجالس التخطيط وغيرها، ويمكن وصف معظم تلك الشكاوى من الحال، بأنها "حكي بحكي" وكلام أخذت زبدته. الزميل محمد البغلي في تقرير بـ"الجريدة" يوم الخميس دق ناقوس الخطر من تدني أسعار النفط، وغياب البديل الذي يعوض نزول بضاعة الدولة الوحيدة، وكأن هناك من يسمع رنين أجراس الخطر، أو يفك الخط رسمياً وشعبياً.
يذكر محمد أن أسعار النفط تراجعت نحو 13.7 في المئة في الأشهر الثلاثة الأخيرة، ويقرر أن الفوائض المالية في أيام "البوندروسا" لم تستغل في الماضي، "لمعالجة الاختلالات الحقيقية للاقتصاد الكويتي، لا من حيث إصلاح سوق العمل عبر توفير مناخات وبيئات استثمارية مختلفة عن العمل الحكومي، ولا من جهة تقليل هيمنة الدولة على الاقتصاد، ولا عبر طرح مشاريع وفرص ترفع نسبة الإيرادات النفطية… إلخ". المفارقة المخجلة أنه مع تلك الفوائض زادت رداءة الخدمات في الصحة والتعليم والإسكان كما يذكر الزميل، ودون التطرق "إلى الخصخصة الحقيقية"ـ وأحلامها العريضة في ظل هذه الإدارة السياسية ـ التي يتصور أنها أحد أطواق النجاة من الفيضان الإعساري القادم، فقطاعنا الخاص هو طفيلي يحيا على بركة الإنفاق الحكومي، وصدقاته حسب قرب أصحابه إلى مراكز القرار.
يبقى أن نسأل أين تذهب تلك الفوائض المالية، طالما أنها لم تنعكس على "الخدمات العامة"، والتي يمكن إعادة تسميتها بـ"المعاناة العامة"؟! الإجابة التي لا تحتاج إلى جهد فكري لذلك السؤال توجز بكلمتين "مناهيل الفساد"، فهي التي تبتلع هذه الفوائض في الأمس واليوم، وإذا كان جزء كبير من تلك الفوائض بالماضي يخصص لإسكات المواطنين وتهميش وعيهم، عبر سياسة "دهان السير" المتمثلة في شراء الولاءات السياسية، فماذا ستفعل السلطة غداً حين تنكمش إيرادات الدولة لدرجة تعجز معها السلطة عن الاستمرار بتخدير الوعي العام وإسكات المتطلعين لهبات الحكومة؟! هل سيكفي عندها أن تذكرنا السلطة بنهاية دولة الرعاية، رغم رداءة هذه الرعاية؟ هل تفكر بأن تفتح أبواب الإصلاح السياسي مثلما تتحدث (فقط بالحديث) عن الإصلاح الاقتصادي؟ وهل ستفتح صمامات الأمان، ويخرج منها البخار الساخن كي لا ينفجر القدر الكويتي، أم أنها بالعكس ستزيد من كثافة وحجم الضغط والقمع السياسيين، تأسياً بالسياسات العامة لمعظم الدول العربية الآن!
غير انخفاض أسعار النفط وآثاره على واقع الدولة، هناك فواتير باهظة الثمن ستفرض على الدولة، من قبل "التحالف الدولي" في حربه ضد داعش وأشقائه، وهي حرب ستطول كما وعدت الإدارة الأميركية، وكأنها تقول لدول المنطقة الغرم بالغنم، فكما غنمتم بالأمس من النفط وأسعاره العالية، وساندتم ثقافة التطرف الديني بـ"البترودولار" عليكم ان تغرموا اليوم، وكأنه، لم يكن هناك أي دور للإدارات الأميركية المتعاقبة في خلق وحوش التطرف بالسابق.
ما العمل وماذا ستعمل السلطة أمام تحديات الاقتصاد والسياسة الحالية، هل ستنفتح وتصلح من أمرها وأمر الناس، أم ستنغلق وستزيد من جرعات القمع؟! لنعد إلى بداية الحديث، بالتأكيد عن حاجتنا "لتنويع مصادر الدخل" وكي يصبح ذلك ممكناً لابد من تنويع مصادر الفكر المهيمن، فالفكر الأحادي لن يقودنا لغير الكوارث.
كتاب هند وطائرات التحالف
في الوقت نفسه الذي انطلقت فيه طائرات التحالف لدك قواعد «الدولة الإسلامية»، انطلقت سيارة مندوبة وزيرة الشؤون حاملة كتابها لبلدية الكويت طالبة منح حزبي السلف والاخوان الدينيين مواقع دعوية بعدد محافظات الكويت الست! ولا أدري لماذا انضمت الكويت للحرب ضد «داعش»، ولو معنويا، ولم تقف في صفه، إذا كان هذا موقفها من الأحزاب المتشددة؟ أما في ما يتعلق بالحرب الحالية على «داعش»، فهي تشبه الإغارة على مناطق تواجد مفترسين للقضاء عليهم، وترك مفاقسهم كما هي! وبالتالي فإن عمليات التحالف ضد «داعش» لن تنجح إن اقتصرت الغارات على القواعد العسكرية، بل من الضروري أن تتجه الأنظار الآن وبعد انتهاء العمليات لداخل الدول الإسلامية المتخلفة للقضاء، بالقوة والحزم نفسهما، على المتخلف من مناهج مدارسها، وعلى الفكر المتطرف في مؤسساتها الدينية وعلى الغلو الديني في برامجها الإعلامية. كما من الضروري منع أنشطة الأحزاب الدينية والانفتاح والتوسع على الآخر، وتشجيع الأنشطة الأدبية والثقافية والفنية. وفي مقال لأحد «زعماء حزب الإخوان» في الكويت، قال فيه ان الإخوان لم يخطفوا طائرات ولم يفجّروا مقاهي، ولم يحاولوا اغتيال أمير، ولم يتم القبض عليهم بخلايا تجسسية، ولم ينحروا خصومهم، أو يستخدموا الأحزمة الناسفة أو يفجّروا سفارات وأبراجاً.. إلخ، فكل هذه الأعمال الإرهابية لم يقم بها الإخوان ومع هذا نعتوا بالجماعة الإرهابية! طبعا هذا كلام لا معنى له، ففكر الإخوان وصلب عقيدتهم وشعار السيفين وكلمة «أعدوا» المشتقة من النص الديني: «واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل «ترهبون» به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم»، كلها مؤشرات واضحة في رأينا على ميول الإخوان الإرهابية. كما أن تاريخهم الدموي كاف ومعروف ودليل على أنهم حزب إرهابي، دع عنك سلسلة الاغتيالات السياسية الشهيرة التي قام بها جهازهم السري، بقيادة عبدالرحمن السندي، الذي اختاره المرشد البنا شخصيا! وبالتالي فكل محاولة لتبرئة الإخوان من الإرهاب لا معنى لها. فكما أن من زرع الفكر النازي في رأس هتلر مثلا لم يشاركه في قتل الملايين، فيمكن القول بالتبعية ان زعماء الإخوان من عبدالله عزام والقرضاوي وعشرات الدعاة لم يشتركوا مباشرة في أية عمليات إرهابية أو حروب إقليمية، ولكنهم قاموا بما هو أكثر ضررا من ذلك بتخريبهم لعقول عشرات آلاف الشباب وحضهم على المشاركة في القتال في أفغانستان والبوسنة وكوسوفو والشيشان وغيرها، ليلقوا حتفهم ببلاش! وبالتالي فإن الفكر المحرك وراء موت كل هؤلاء الأبرياء في حروب عبثية هو فكر إخواني سلفي، والمسؤولية تقع عليهم بالدرجة الأولى وليس على أولئك الشباب المغرر بهم. نعود لبداية المقال ونقول ان خطر «داعش» لا يكمن في عاصمة دولته، ولا حيث توجد جيوشه في سهول العراق ووديان سوريا، بل في كتبنا المدرسية وبعض وسائل إعلامنا المنغلقة ومنابر مساجد مغالية في تطرفها. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com