البيان الذي أصدره مجلس الوزراء بالأمس بشأن اتخاذ تدابير حازمة لضبط أمن البلد واستقراره، هو ردة فعل واضحة على الأحداث التي صاحبت حبس مسلم البراك، وما صاحب بعضها من اعمال عنف، استنكرها الجميع، سواء من بعض الشباب المشارك في المسيرات، او من جهة بعض رجال الأمن، الذين نرى أنهم بالغوا في استعمال القوة. وأعتقد بأن الحكومة القوية لا بد أن تكون لهجتها أيضاً قوية إن أرادت فعلاً أن تحافظ على أمن البلد واستقراره! لكن شريطة ألا يكون هناك إفراط ولا تفريط! فالمسيرات مثلاً، السلمية منها أو العبثية، أثبتت الأيام عدم جدواها، بل إن أثرها السلبي كبير وضار على مسيرة العمل الوطني الإصلاحي! ولاحظنا كيف يتم الإعلان عنها باجتهادات فردية من جهات ليس لها حضور في الساحة الشعبية، ثم تضطر بقية القوى الأخرى إلى الاستجابة خوفاً من التفرد في موقف سياسي أقرب ما يكون إلى التخاذل!
كما لاحظنا كيف تمكنت الأجهزة الأمنية من استغلال هذا الحدث لإظهار المعارضة السياسية بمظهر المشتت الفاقد للبوصلة! فضلاً عن أن استعمالها للقوة جعل التكافؤ بين الطرفين غير موجود! لذلك، أعتقد أن الاعتصامات في ساحة الإرادة وتوصيل الرسائل من خلال التجمعات هناك أفضل وأسلم وأكثر فعالية من المسيرات غير المرخصة. ولعلنا ما زلنا نذكر أن إسقاط حكومة تم من خلال الاعتصامات في ساحة الإرادة، كما أن تفاعل الجمهور مع التجمعات هناك ومشاركته أوضح وأكبر. لذلك، أتمنى ألا نشاهد بعد اليوم مسيرات غير مرخصة تدعو لها جهات غير ظاهرة، ليس خوفاً أو تخاذلاً، حاشا لله، بل حرص على العمل السياسي من الاندثار!
وما دام اننا نتحدث عن بيان مجلس الوزراء، فأرجو ألا يكون هناك خلط للأوراق، بمعنى أن تطبيق قانون الجنسية شيء مطلوب، ولكن لا يأتي كردة فعل على تعاطي بعض أجهزة الإعلام مع حدث محلي انقسم فيه أهل الديرة إلى مؤيد ومعارض له! فمن أيد فلان في طرحه أسكت عنه، ومن عارضه أطبق عليه قانوناً كنت ساكتاً عنه طوال السنين الماضية. ذلك لأن أكره شيء أن يكون تطبيق القوانين مبنياً على المواقف السياسية! فقد يظهر لنا من يطالب بتطبيق القانون على الحالات الصارخة في المجتمع مثل النائب الذي وصل إلى مجلس الأمة وليس له تواجد في الكويت قبل 1948! أليس هذا تزويراً واضحاً ومكشوفاً وأولى بتطبيق القانون عليه؟!
أما تحذير جمعيات النفع العام من ممارسة العمل السياسي، فأنا -شخصياً- أؤيد ذلك، خصوصاً أن جميع التوجهات السياسية في البلاد صار لها تيارات منظمة تتحدث عنها، طبعاً يستثنى من ذلك بعض جمعيات النفع العام التي لها طبيعة سياسية، مثل جمعية المحامين والخريجين واتحاد الطلبة والنقابات، إذا اعتبرنا التحذير يشملها.