نشرت بعض مراكز التواصل الاجتماعي المشهورة بتلفيقها للأخبار، تصريحات على لساني مسيئة إلى القضاء ورجاله، ومع أنني أعتقد أن مرفق القضاء من المرافق العامة التي يجب تطهيرها من جميع أشكال الفساد – إن وجدت – غير أنني أستغرب هذه الجرأة عند بعضهم في التقوّل على الناس وتوريطهم بما لم يقولوه! وكنت قد قدمت شكوى في مخفر الرابية على إحدى هذه الصحف الإلكترونية لنشرها أخباراً ملفقة عني تقصد تشويه سمعتي عند الناس، بيد أن إدارة التحقيقات العامة اعتذرت عن التحقيق في الدعوى بحجة صعوبة التوصل إلى صاحب النشرة! ولم يكلفوا أنفسهم تكليف قسم الجرائم الإلكترونية في الوزارة بالبحث والتحري، كما فعلوا مع الذين نشروا تغريدات مسيئة من قبل، فتمكنوا من كشف أصحابها خلال وقت قياسي! واليوم، وأنا أكتب هذا المقال، تستمر النشرة نفسها في تلفيقها للأخبار الكاذبة عني وعن رموز في التيار الإسلامي! لكن صدق من قال: «إذا حبتك عيني ما ضامك الدهر».
في المقابل، تنشر مواقع أخرى أكثر نزاهة واحتراماً للمهنة أخباراً مفادها أن البلد برسم البيع (!) فقد تبين لنا من الوثائق المنشورة – إن صحت – أن «رجالاً ونساء» قد تم توزيع أراض للدولة عليهم بشكل يوحي بأن المال العام لم تعد له حرمة، وأن التنفيع لهؤلاء تم بسبب خدماتهم الإعلامية والقانونية التي قدموها لبعض رموز الفساد، ولمن تحوم حولهم الشبهات! بينما المواطن العادي عندما يراجع هيئة الزراعة للحصول على قسيمة زراعية يشتريها من حرّ ماله يقولون له لم تتبق أراض زراعية للتوزيع، أو حتى للبيع!
هذا الوضع يجعلنا نتوقف قليلاً عند ما ذكره المجاهد مسلم البراك في ساحة الإرادة من أن هناك أموالاً توزع على رموز لها مناصب مهمة في الدولة، مما يجعلنا نؤكد على أهمية وجود لجنة محايدة للتحقق من صحة ما ذكره! والغريب أنه بدلاً من شكر البراك على لفت الانتباه إلى وجود تنفيع غير مبرر من المال العام، نجدهم يقبضون عليه ويودعونه السجن المركزي في ظاهرة غريبة ومستغربة! فالمعروف أن البراك هو الذي قدم معلومات من دون ذكر أسماء بعينها، بل كان خصومه يطالبونه بذكر الأسماء، ويعيبون عليه أنه لم يكن واضحاً!
أنا لا أريد أن أدخل في تفاصيل قد أكون جاهلاً بها، لكن وفق تجربتي، فإن التهمة عندما تكون جنحة يتم تكليف الإدارة العامة للتحقيقات بها، بينما نجد شكوى المرشد على البراك يتم تناولها بالنيابة! وأيضاً بتجربتي فإن القضية العادية تأخذ أسابيع طويلة في المحاكم قبل أن تحال إلى المحكمة، كما حدث معي في قضية جنح إعلام، حيث بقيت شكواي على مربية فاضلة 18 شهراً في الإدارة العامة للتحقيقات، ولولا تدخل فاضل من وزير الداخلية نتيجة شكواي من التعمد بالتأخير لبقيت إلى اليوم في المخافر، بينما نفاجأ اليوم أن قضية البراك لم تأخذ ساعات قبل إحالتها إلى المحكمة وإحالة المشكو بحقه إلى المركزي.
المؤكد أن البلد يحتاج إلى تصرف عاقل ينقله من حالة الفوضى الإدارية والسلوكية التي تجتاحه، ويبعد عنه كل من يتعامل مع الأحداث ربما بنفسية الانتقام والشخصانية، ولعل ما حدث بالأمس في صباح الناصر من تعامل عنيف مع كل الأطراف المشاركة في الحدث دليل على خطورة الموقف وحاجة البلد إلى الحكمة والعقل!