سأنقل القارئ الكريم اليوم الى همّ جديد وبعيد عن الشؤون السياسية الداخلية منها والخارجية، اليوم سأتحدث عن سلامة الانسان، عن صحته، عن كيفية عناية الاجهزة الحكومية به!
في الثمانينات كانت ميزانية العلاج بالخارج حوالي عشرين مليون دينار، وكانت مستشفياتنا حديثة الانشاء ضعيفة الامكانات، واليوم وصلت الميزانية المخصصة لعلاج المواطنين خارج الكويت الى عدة مئات من ملايين الدنانير، وبقيت مستشفياتنا متواضعة في امكاناتها وقدراتها باستثناء بعض التخصصات!
تبدأ رحلة العذاب للمريض الكويتي عندما يدخل هو او من يرافقه الى لجنة العلاج بالخارج التابعة الى وزارة الصحة، حيث الداخل مفقود والخارج مولود، زحمة لا تطاق، ارتباك في العمل، نرفزة، توتر، اشتباكات لفظية تتطور احيانا كثيرة الى احتكاك بالايدي، والسبب في كل ذلك كثرة المراجعين وقلة الموظفين، مع تواضع امكانات وقدرات بعضهم! والمراقب لهذه اللجنة يستغرب كيف يصبر الوزير والوكيل على ادائها من دون اي تحرك لتصحيح اوضاعها المكركبة على بعضها!
المرحلة الثانية من رحلة العذاب عندما يصل المريض الى الدولة التي سيتعالج فيها، حيث يفاجأ البعض بان ملفه لم يصل للمكتب او المستشفى، والبعض الاخر يفاجأ بتغيير موعد مقابلته للطبيب من دون سابق انذار، ناهيك عن تأخر صرف المخصصات، والاذلال الذي يعيشه المواطن في هذه الظروف، وتصل المعاناة من المكاتب الصحية الى مداها عندما يطلب الطبيب المعالج تمديد فترة العلاج لاستكماله، فيفاجأ المريض بان المكتب يرفض التمديد لاسباب غير منطقية، واكثر الاحيان يأتي الرفض من لجنة العلاج بالخارج في الكويت، وتعال دورلك على درب توصل للمسؤول باللجنة؟! اما مكتب واشنطن فحدث ولا حرج، فان تمكن المريض من توصيل طلبه الى المسؤول عن ملفه، فهذا مثل حلم ابليس بالجنة! تتصل ليلا ونهارا بالهواتف المعطاة لك من دون رد، الا اللهم من مسجل يعيد كلامه كما الببغاء!
الشق عود كما يقولون، ومطلوب من الاخ وزير الصحة التحرك السريع لاصلاح الوضع في اللجنة وبعض المكاتب الصحية، واتمنى ألا يأخذ رأي ادارة العلاج بالخارج بالملحقين الصحيين، فقد ثبت لدينا ان الادارة تتعمد احيانا تعطيل مراسلات الملحق الصحي اذا ارادت تشويه صورته عند الناس وزيادة تحلطمهم عليه، بينما توصي بالتمديد لبعض الملحقين المرضي عنهم الى ان يتخرج ابناؤهم من الجامعة!
الحل يا معالي الوزير في نسف الادارة ولجنتها، والحل الجذري في تفعيل مشروع استقدام الاطباء ذوي التخصصات النادرة الى الكويت مع جهازهم التمريضي، لاجراء عملياتهم في الكويت، فقد تبين ان كلفة علاج مريض واحد بالخارج تساوي كلفة استقدام الطبيب نفسه مع جهازه للكويت لمدة شهر لاجراء العملية نفسها لعشرين مريضاً!