سنة الله في الارض ان الحضارات اذا سادت بادت، و«تلك الايام نداولها بين الناس»، وانه لكل شيء اذا ما تم نقصان، هذه هي الحياة، واليوم نعيش بوضوح زوال الكثير من الانظمة، بعد ان سادت عقوداً طويلة، لم يذكر الناس منها الا الظلم والقهر وحياة السجون والزج بالمعتقلات وتعليق المشانق! وقد أثبتت الايام ان العدل اساس الحكم، ومتى ما زال العدل زال الحكم! وان طالت لياليه السود!
النظام الطائفي في العراق جاء بعد زوال حكم طاغية حول ارض العراق الى مقابر جماعية، ثم جاء حكم الاحتلال الاجنبي الذي ازاح كابوس الحكم البائد، لكنه لم يعرف كيف يكسب تأييد الشعب، لانه كان احتلالاً عسكرياً! ثم جاء الحكم الطائفي الذي لم يكتف بتقسيم العراق الى طوائف وكانتونات، بل اراد ان يقصي اكبر هذه الطوائف ليس من اجل عيون طائفته، بل ربما من اجل زمرة تحكم دولة اخرى اعماها الطمع والجشع عن تطبيق ميزان العدل في سياستها الداخلية الخارجية!
العراق منذ سقوط الخلافة العثمانية لم يعرف الاستقرار، بل عرف الانقلابات والتصفيات للخصوم والثورات المضادة، ثم جاء حكم البعث ليذيق الناس اشد انواع العذاب الدنيوي، وعندما جاء الحكم الديموقراطي تنكر اصحابه لمستلزمات هذا الحكم، فعاثوا في العراق فسادا، واصبحوا اشد من الانظمة الدكتاتورية السابقة، فجاء الوقت اليوم لثورة شعبية عارمة تأكل الاخضر واليابس، ولم تعد تخاف من شيء بعد ان فقد الناس كل شيء! وسيستمر العراق في عدم استقراره الى ان يرث الله الارض ومن عليها.
جيرتنا للعراق المشتعل تستلزم علينا ان نفكر جيدا بمصيرنا وانعكاس هذه الاحداث المتسارعة علينا في الكويت، لكن من يتابع الاحداث المحلية وتصفية الحسابات بين بعض ابناء الاسرة الواحدة، وانشغال الناس بهذه التطورات الداخلية، يشعر ان الكويت آخر دولة تفكر جديا بما يجري على حدودها الشمالية!
نسأل الله ألا يأتي اليوم الذي نتحول فيه إلى هدية لإحدى دول الجوار لكسب ودها وحل مشاكلها باحتوائنا وتملك ثرواتنا! اقول هذا الكلام بعد ان اصبح البعض يعتقد ان الاتفاقيات الورقية مع بعض الدول ستحمينا من اطماع الخصوم، الذين يغرقون اليوم بمشاكلهم الداخلية، وتناسوا ان التجارب القريبة اثبتت ان اول من يتنصل من التزاماته هو الدول الكبرى، بالضبط مثل تنصل الليبراليين والعلمانيين من ابسط مبادئهم التي كانوا ينادون بها منذ سنوات!