تضاربت الأنباء حول الاتفاق الخليجي بشأن إعادة السفراء، الذي أشار اليه بيان وزراء الخارجية في دول مجلس التعاون. فمن قائل بأنه ألزم قطر بتنازلات جوهرية في سياستها الخارجية والداخلية، ومن قائل إنه لم يتعد كونه اتفاقاً لحفظ ماء الوجه للدول! وطبعاً ستكون الأيام القليلة المقبلة كفيلة بإظهار الحقيقة الغائبة حتى هذه اللحظة.
القراءة اليوم ستكون في البيان الذي صدر بهذا الشأن، والذي كان إنشائياً في معظمه، مما يوحي بأن الاتفاق لم يغير من الأمر شيئاً، ولم يكن سوى مخرج للأزمة الخليجية التي أصابت مجلس التعاون في مقتل، حتى كادت الشعوب الخليجية تكفر بالمجلس وتفقد الأمل في جدواه.
كنت أتمنى أن يطالب البيان دولة قطر بإجراء إصلاحات سياسية فيها، والإعلان عن انتخابات برلمانية عامة، ومحاربة الفساد، وإطلاق سراح السجناء السياسيين. لكن شيئاً من ذلك لم يرد في البيان الخليجي، فلم نتعود من بيانات مجلس التعاون إلا الضجر والتململ من الممارسة الديموقراطية، ومن انعكاساتها الإيجابية على شعوب المنطقة، والشيء الوحيد الذي تعودنا على قراءته في كل بيان هو مطالبة إيران بإنهاء احتلالها للجزر! وإذا الله أعطانا وإياكم عمراً فستستمعون إلى تغيير حتى هذه العبارة في البيانات المقبلة بعد أن اصبحت إيران شريكاً استراتيجياً!
لكن ماذا لو كانت توقعات الفريق الآخر صحيحة، بمعنى أن قطر أعطت فعلاً تنازلات كبيرة جعلت الفريق ضاحي خلفان يبارك هذا الاتفاق؟! هنا نقول إن هذا قدرنا، نحن شعوب الخليج. ففي الوقت الذي تحرص الأمم على مجاراة التحول الديموقراطي العالمي نجد أغلب حكوماتنا تجتهد في القيادة عكس السير! وإذا ما حاولت دولة أن تتمرد على هذا، نجد العقاب الجماعي جزاءها، حتى وإن أدى ذلك إلى تفكك مجلس التعاون، لأنها ضمنت أن أقصى ما يمكن أن تفعله شعوبها هو الغضب أول النهار ثم التعوذ من إبليس آخره! كل ذلك من أجل خصومة مفاجئة مع جماعة الإخوان المسلمين، وهي خصومة مصطنعة، لأنها لم تكن موجودة من قبل. كما أن الجماعة لم تكن في يوم من الأيام خصماً لدول مجلس التعاون. وأقول مصطنعة لأن العدو الحقيقي تم إعطاؤه صك براءة! العدو الذي لديه صحيفة جنائية ممتلئة بالأعمال الإرهابية والتفجيرات وخطف الطائرات وتصفية الخصوم وتخريب مواسم الحج. إنني أعتقد أن «خصومة الإخوان» و«إرهابية الجماعة» إنما هما يافطتان تم رفعهما لتنفيذ المزيد من تقييد الحريات، ومحاربة الرأي الآخر، ولإشغال الناس عن متابعة أشكال الفساد التي انتشرت بشكل غير مسبوق في العديد من مؤسسات الدول المتخلفة سياسياً.
***
مات نادر عبدالعزيز النوري
مات الشيخ والداعية الرباني الذي نذر وقته كله للعمل الخيري.
مات رمز من رموز الدعوة ليلحق بإخوانه الذين سبقوه، أمثال عبدالله العلي المطوع وعبداللطيف الهاجري وعبدالرحمن السميط وخالد الجيران وكثير غيرهم لا نذكرهم لكن الله لن ينساهم.
عليهم رحمة الله ولهم مغفرته ورضوانه.. آمين.