في البدء من الظلم الشديد وغير الإنصاف أن نقارن إنجازنا الغابر بإنجاز الأشقاء الخليجيين فنقول كويت الأمس دبي الحاضر وقطر المستقبل وكأننا جميعا متساوون فيما حققنا، بينما تظهر الحقائق الجلية أن إنجازنا كان متواضعا جدا ولفترة قصيرة وعلى مستوى الإقليم فقط، بينما إنجازهم مازال كبيرا جدا ومستمرا منذ أربعين عاما وعلى مستوى العالم، حضاريا وبشريا وتعليميا وصحيا وصناعيا وزراعيا وسياحيا ورياضيا وإعلاميا وسياسيا.. إلخ.
***
فإن كنا قد وصلنا لكأس العالم عام 1982 وهو أمر أنجزت مثله للعلم دول أفريقية ولاتينية شديدة الفقر والتخلف، فالجيران استطاعوا استضافة كأس العالم وتملك أكبر الأندية الرياضية في العالم، وإذا كنا أنشأنا جامعة الكويت اليتيمة وشارع فهد السالم وأبراج الكويت ومستشفى الصباح وبقينا عليهم 50 عاما، فقد استطاع الجيران أن ينشئوا ويحضروا أرقى الجامعات في العالم ويشيدوا أكبر المباني وأكثرها إبهارا، ومثلها المستشفيات والمطارات والصناعات والمناطق الحرة وشركات الطيران وجميعها أوصلتهم للريادة في العالم والوصول لمستوى دول العالم الأول لا ضمن الإقليم الصغير كحالنا.
وكنت إبان الغزو في أحد أكبر الدواوين الإماراتية عندما استمعت من جمع من رجال أعمالهم لما حدث عندما دعاهم الشيخ زايد آل نهيان (يرحمه الله) للقائه في الأيام الأولى للغزو، وكانت المعلومات تواترت بأن صدام ينوي غزو الإمارات التي هددها معنا برا أو بحرا أو جوا، قال لهم الشيخ زايد وكان الهلع قد بدأ يدب في الأوساط الاقتصادية «إذا شاهدتم درهما واحدا يخرج باسمي أو باسم الأسرة الحاكمة بالإمارات فافعلوا ما تريدون، هذه بلادنا نحيا أو نموت فيها».. وبذا اطمأنت النفوس وزال الهلع والخوف واستقرت الأوضاع.
***
آخر محطة: 1 ـ بدأ كثير من الكويتيين بالهجرة إلى الجنوب ـ دون غزو ـ بسبب حالة اليأس وعدم وضوح الرؤية، فهل درس أحد أسباب تلك الظاهرة ولماذا لم يبق كويتي غنيا كان أو فقيرا إلا ولديه منزل خارج الكويت وهو أمر أصبح يرعب الشباب ويجعلهم غير مطمئنين لمستقبلهم؟
2 ـ يشعر كثيرون بأننا رجعنا سريعا لمفهوم ما قبل الغزو الذي دفعنا ثمنه دماء وأشلاء وأرواحا ووطنا، المفهوم هو التصرف على أن الكويت «بلد مؤقت زائل» يجب ملء الجيوب منه قبل اختفائه.