يقول القارئ جعفر: أخذت تاكسي المطار، وفوجئت بأنه لا مكان لحقيبتي في صندوق السيارة، لوجود فراش نوم السائق بداخله، فوضعت الحقيبة على المقعد بيني وبين زوجتي! وبالرغم من أن الجو كان مغبراً، فإن الأخ رفض تشغيل المكيف! ويقول قارئ آخر: كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة صباحاً عندما أوصلني سائق أجرة المطار إلى بيتي، وهناك طلب مني 20 ديناراً، وعندما رفضت، نزل من سيارته مهدداً، فاضطررت مكرهاً لدفع المبلغ، فقد كان شكله «يخرع». وقال ثالث: في دبي، وجد الشيخ محمد بن راشد حلاً لمشكله المواطنين أصحاب سيارات الأجرة المتهالكة، فقد عوّض كثيرين منهم، ومن رفض تركه يعمل، وقام بتكوين شركة تاكسي زوّدها بسيارات جديدة، وبسائقين يتكلمون الإنكليزية، وبرداء خاص، وزوّد السيارات بعدادات، وجعلها موجودة في كل مكان، فما كان من السيارات القديمة والمتهالكة إلا الانسحاب طوعاً من السوق، لأن لا أحد رغب في استخدامها، لحالتها السيئة. وما لا يعرفه كثيرون عن مهنة سيارة التاكسي في لندن بالذات، ومدنها الكبرى، أنها مهنة مربحة، ولكن الحصول على ترخيص قيادة سيارة أجرة دونه الأهوال. فقد ورد في كتاب ممتع بعنوان Moonwalking with Einstein لجوشوا فوير أن على من يريد الحصول على ترخيص تاكسي لندن قضاء فترة لا تقل عن سنتين في دراسة وحفظ أسماء شوارع المدينة التي يتجاوز عددها 25 ألف سكة وشارع وطريق وجادة وساحة وإسطبل، ومعرفة أين يقع كل منها، هذا غير معرفة مواقع 1400 من المعالم العامة والدوائر الحكومية والمتاحف وغيرها. ويخضع المتقدّمون لامتحان صعب لا تقتصر أسئلته على معرفة موقع الشارع، بل وتحديد أقصر طريق بينه وبين شارع وآخر، وما يقع من معالم مهمة في الطريق بين الشارعين! وبالرغم من طول مدة التحضير للاختبار العملي والشفوي، فإن 30% فقط يجتازون الامتحان سنوياً! ولو طبّق الامتحان نفسه في مدينة الكويت، والتي تبلغ 1% من مساحة لندن، لكانت نسبة النجاح صفراً على الأرجح!
ولكي ندلل على عجز الحكومة عن اتخاذ القرارات، فإننا لن نضرب مثلاً بعجزها عن إنهاء مشاريع صار تكرراها مملاً، بل في عجزها وترددها الواضح في «إلزام» سيارات الأجرة بتركيب عداد! فهل هناك أمر أكثر بساطة من هذا القرار؟ وإن كان مجلس الوزراء، المهيمن على كل شؤون الدولة، عاجزاً عن تطبيق مثل هذا القرار، بكل ما يعنيه من أهمية وسهولة في التطبيق، فما الذي نرجوه منه في الملمات الكبرى؟
لا أدعو هنا إلى حرمان المواطن الكويتي الذي يعمل سائق تاكسي من «الاسترزاق»، ولكن الأمر يتطلب فرض ضوابط تنظم عملهم، وتحمي زبائنهم من جشع البعض منهم، وذلك بوضع لوحات في المطار، بأكثر من لغة، تبين أجرة النقل لأي منطقة في الكويت! فهل هذا صعب أيضاً؟ ننهي مقالنا بما ذكره قارئ رابع من أن «تاكسي لندن»، كان من الممكن أن يكون سيئاً لولا وجود قوانين تطبق، تحمي السائق والراكب!
أحمد الصراف