يقول الشاعر: «ومن يك ذا فم مر مريض يجد مرا به الماء الزلالا».
استمرأنا الخطأ في الكويت في كل مجالات الحياة حتى أصبحنا نستنكر الصح والصواب وأضيف الى ذلك ذاكرة سياسية ضعيفة فريدة أقرب لذاكرة الأسماك التي تحدثنا عنها في مقال سابق، حتى وصم واتهم بلدنا بأن ذاكرته الجمعية أو الجامعة لا تزيد فقط على 3 أيام ينسى بعدها كل شيء.
***
لنبسط الأمور لفهم قضية إعادة التموضع وهل هي أمر مستجد فريد لم تشهد له البلاد والعباد مثيلا ام انه أمر يتكرر كل يوم؟! لو تصورنا العمل السياسي في البلد على شكل مثلث ضلعه الأول الحكومة والثاني الموالاة (الأزرق) والثالث المعارضة بكافة ألوان طيفها (البرتقالي) وعدنا بالذاكرة قليلا الى الوراء، ألم نشهد إعادة تموضع الحكومات السابقة وتحالفاتها مع التيارات القائمة على الساحة، فتارة مع الليبراليين وتارة مع السلفيين وتارة مع الإخوان وتارة مع الوطنيين.. إلخ؟!
***
والحال كذلك مع المعارضة التي أثنت على سمو الشيخ ناصر المحمد وحكومته ثم وقفت ضده وعلى سمو الشيخ جابر المبارك ثم وقفت ضده، وكذلك مع قضايا أساسية ومصيرية كبرى مثل الدستور وإعادة التموضع فيه من رفع شعار «إلا الدستور» ورفض مس اي حرف او كلمة فيه الى طلب تعديله جزئيا والانتهاء بنسفه بالكامل عبر طلب خلق دستور جديد، ومثل ذلك علاقات التموضع بين الكتل السياسية في الكويت مثل العلاقة بين الشعبي وحدس والسلف والمنبر والتحالف.. إلخ، حيث تنتقل من الولاء إلى العداء والعكس، دون ان يسأل لماذا الولاء ولماذا العداء وجميعها تخضع لعملية التموضع وتغيير المواقف بتغير الظروف.
***
في كل تلك المواقف القائمة على إعادة التموضع كان الأمر مقبولا من الضلعين الاولين في مثلث العمل السياسي الكويتي، فلماذا تستغرب وتستنكر عملية إعادة تموضع الضلع الثالث في ذلك المثلث؟! أخيرا إن والينا فقد كانت الموالاة لأجل هذا البلد المعطاء وشعبه الطيب المخلص، وان عارضنا فإننا نعارض لأجل هذا البلد المعطاء وشعبه الطيب المخلص، ونرجو ان ننتهي من هذه المعايير المزدوجة وما هو حلال علينا حرام على الآخرين ولنفكر جميعا في كيفية رص الصفوف أمام المخاطر القادمة التي هي آخر أولويات الحكومة القائمة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
***
آخر محطة: (1) في حفل عشاء أقامه سفير النوايا الحسنة الكويتية العم عبدالعزيز الغنام الأحد الماضي على شرف الوفد البرلماني البحريني وقف سفير مملكة البحرين لدى الكويت (ويصح العكس كذلك) الشيخ خليفة حمد آل خليفة ليذكر حقيقة تاريخية قد تكون خافية على كثيرين وضمنها إشادة بدور سمو الشيخ ناصر المحمد في استقلال مملكة البحرين وبقائها ومنع احتلالها عام 1972 عندما كان الشيخ ناصر المحمد عميدا للسلك الديبلوماسي في طهران وصديقا شخصيا لشاه إيران وقد نجح عبر تلك العلاقة في إقناع الشاه بعدم ضم أو احتلال البحرين والقبول بقيام استفتاء بها ادى الى استقلالها والحفاظ على كينونتها.
(2) في ندوة شاركنا بها أقامها تجمع «صوتنا» النسائي وشارك بها النائب السابق الشاب الألمعي أسامة الطاحوس ذكر خلالها ظاهرة تتسبب بها البطانة السيئة لدى بعض المسؤولين عبر النميمة الكاذبة التي يقومون بها بقصد جعل أعدائهم الشخصيين يصبحون أعداء للمسؤولين، وذلك عبر اتهامهم زيفا وافتراء بأنهم يوالون أعداء المسؤول المعني كي ينتهوا بإقناعه بأنهم فقط خلصاؤه وأصدقاؤه المخلصون، وبذا يفقد المسؤول في النهاية الأصدقاء ويكثر الأعداء دون مبرر وهي للعلم معادلة شديدة الخطورة في علم السياسة.