تعتبر الكويت، مقارنة بلبنان، أكثر غنى «نقديا»، وأكثر قابلية للتطور، وأقل فساداً، أو هكذا يفترض، ولكن «مواطنين كويتيين» يبذلون جهوداً جبارة للحاق بلبنان، لنصبح أكثر فساداً! وبالرغم من ذلك فلبنان سبقنا بـ20 عاماً على الأقل في موضوع إلكتروني مهم وهو المتعلق بطريق سداد فواتير الهواتف النقالة والثابتة والكهرباء ورسوم البلدية وبقية الضرائب عن طريق المصارف! ولك أن تتخيل الوفر الذي حققته الحكومة والشعب اللبناني نتيجة هذه الطريقة العصرية، وما تتكلفه في المقابل الحكومة والمواطن في الكويت في دفع هذه الفواتير! وكان من الممكن ألا ينشغل وزير الكهرباء الحالي بتحصيل مئات ملايين الدنانير التي تراكمت للدولة بذمة مجموعة كبيرة من الشركات والافراد، لو كان لدينا ما يسمى بنظام «التوطين» اللبناني، والذي بمقتضاه يمكن تفويض البنك بدفع مستحقات الدولة. وكان من المفترض أن تتكفل بهذا الأمر ما عرف بـ «الحكومة الإلكترونية»، ولكن لأنها خائبة فقد فشلت في عملها، وربح منها من ربح، وانتهت إلى لا شيء، ولا يزال هناك من يحلم بجعل الكويت مركزاً مالياً عالمياً، أو قاعدة لطريق الحرير، ونحن لم ننجح في جعلها حتى قاعدة لصناعة أكياس الخيش! وللعلم، فإن فواتير الهواتف النقالة والثابتة والكهرباء وحدها تكلف المواطن والدولة، دون مبالغة، الملايين سنويا، لسدادها فقط، نتيجة ما يضيع من وقت وجهد المواطن وموظف الدولة في التنقل وفي الأعمال الإدارية، وعد النقود وتحصيل الشيكات وما يعنيه ذلك من استهلاك السيارة واستهلاك الطريق والوقود، والتورط في زحمة الشوارع، وتضييع وقت الآخرين، ويتكرر كل ذلك شهرا وراء آخر، ولا أحد في الحكومة الرشيدة يود فعل شيء لجعل الأمر إلكترونيا، لا شيء غير تعيين وزير جديد لينشغل بما انشغل به غيره، من تغيير الوكيل، وتدوير الوكلاء المساعدين، والاختلاف مع المديرين، وتبديل أثاث مكتبه وتعيين أقربائه فيه، والتدخل في ما لا يعنيه من أمور فنية، ثم استقالة الحكومة، لينتهي عهده بـ….. لا شيء! ليتكرر الأمر ذاته مع الوزير التالي!
ملاحظة.. سربت جهة حكومية مستقلة، قابلة للخصخصة، تقريراً طبياً يعود لعام 2002، قرر فيه المجلس الطبي العام أن حالة موظف في تلك الجهة «تندرج» تحت مفهوم العاجز «الدائم» عن الكسب بنسبة «تزيد» على %50، عند انتهاء خدمته! الشخص نفسه، عين بعدها بـ 11 عاما، مع زيادة عجزه، عين وزيرا على الجهة الحكومية نفسها التي أعفي منها، وصار اللي صار!
أحمد الصراف