سامي النصف

ساسة يقاطعون ومواطنون يشاركون!

لو سألنا الاغلبية العظمى من الشعب الكويتي عما يريدونه لكويت اليوم والغد لقالوا نريد مصالحة وطنية شاملة ومشاركة شعبية واسعة في الانتخابات النيابية القادمة من جميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي الكويتي خاصة بعد ان اعطى حكم المحكمة الدستورية الفرصة الذهبية لمن قاطع وندم بأن يشارك ويساهم بتشكيلة افضل في المجلس القادم.

***

لذا بودنا ان تشهد الانتخابات القادمة سواء قامت على معطى الصوت الواحد المعمول به في دول العالم اجمع، او الصوتين في حال الوصول الى حل وسط قائم على سياسة «لا غالب ولا مغلوب»، أن تتصافى القلوب وتتوحد الصفوف، وان يبتعد البعض عن تكرار مقولة «قمعية لا ديموقراطية» مضمونها الحكم على خطأ، المحكمة الدستورية على خطأ، الخبراء الدستوريون المختصون على خطأ، الناس على خطأ وهو فقط الذي على صواب عندما يدعو للانتخابات على معطى الاربعة اصوات التي تخدم اغراضه الشخصية ومطامعه الذاتية!

اننا ومعنا اغلب الشعب الكويتي نود لو شارك جميع الساسة معارضون وموالون في الانتخابات القادمة كي تتوحد صفوف الشعب الكويتي في منطقة تتحول فيها سريعا التباينات السياسية الى تخندقات عسكرية تمنع الارزاق وتقطع الاعناق، ان على القيادات السياسية التي ألزمت نفسها بمطالب استحالة لا يمكن تحقيقها او مواقف لا يمكن لها ان تتراجع عنها، ان تبقى على مقاطعتها التي لا نودها وقد سبق ان حذرنا منها وان تنزل بدلا منها شبابا ودماء جديدة، ومعها حث الاتباع على المشاركة القوية في الانتخابات القادمة كيلا تلام تلك القيادات على نتائج الانتخابات اللاحقة كما تم بعد ظهور نتائج الانتخابات السابقة.

***

آخر محطة

(1) ليس اضر على تيار سياسي من اعلان المقاطعة ثم الالتزام بها، فقد قاطع الموارنة الانتخابات النيابية اوائل التسعينيات فتحولوا من الجماعة الاقوى في لبنان الى القوى الرابعة فيه.

(2) وقاطع السّنة الانتخابات النيابية في العراق فتحولوا من الجماعة الاقوى الى القوة الثالثة، المقاطعة تضعف دائما من يقوم بها، كون ذاكرة الشعوب كما يقول عالم الاجتماع المعروف غوستاف لوبان «سريعة النسيان وأمزجتها سريعة التقلب».

احمد الصراف

الأخلاق والضرائب

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
يعتقد القارئ محمد ثابت أن اي مجتمع لا يمكن أن يستحق العيش فيه إن لم يهتم بالفئات الضعيفة من مواطنيه كالأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وهؤلاء لا يمكن العناية بهم بغير نظام ضرائب فعال، وليس بالصرف من صندوق ريعي لم يبذل أي جهد في تكوين رأسماله! كما يمكن القول ان نجاح أي رجل اعمال يرتبط بمواهبه الشخصية ومدى مثابرته على العمل الجاد، وما سبق أن قدمته له عائلته والدولة من رعاية نفسية وجسدية وعقلية، وبالتالي يجب عليه القيام، من خلال ما عليه دفعه من ضرائب، وليس بمبادرة خير منه، المساهمة في مشروع رفاهية المجتمع، ليس لتمكين الحكومة فقط من الاستمرار في تقديم خدماتها له ولغيره، بل لترشيد أخلاق أفراد المجتمع أيضا، ومنحهم إحساسا بالمسؤولية عن إدارة الدولة، وحقهم في السؤال عن أين وكيف ينفق ما يدفعونه من ضرائب.
ما يحدث في الكويت، الدولة الريعية الصرف، امر مفسد وغريب، فهناك رسوم شتى تفرض على المواطن والمقيم بصور متعددة، ولكنها ليست بالضريبة، ولا تساهم في تشكيل أخلاقيات المجتمع، ولا تعريفه بفلسفة الضرائب! وإن كانت السلطة تعتقد أن فرض الضرائب سيفقدها هيبتها ويعطي دافعيها الحق في مساءلتها، فهي لا شك مخطئة! فعدم وجودها لم يمنع السؤال البرلماني، ولكنه سؤال لا علاقة له بما يخلقه دفع الضريبة من سلوك إيجابي ومشاركة اجتماعية في تحمل أعباء إدارة الدولة، وبالتالي فإن كل تأخير في فرض الضريبة معناه دفع المواطنين والمقيمين أكثر للإمعان في سلبيتهم، واعتبار ما يجري لا شأن لهم به طالما أن الحكومة أو السلطة هي التي تعطي وتمنح وتكرم! لا شك ان هناك فئات، وبخاصة من كبار رجال الأعمال وملاك العقارات، وحتى من اصحاب الرواتب العليا، يسرهم الوضع الحالي، ولكن هؤلاء لا يعلمون مدى خسارة المجتمع من عدم وجود نظام ضرائب عادل. وفي بريطانيا ينتظر اناس بلهفة كل عام مالي، عشت جزءا منها على مدى سنوات، خروج وزير الخزانة The Exchequer من اجتماع مجلس الوزراء ملوحا بحقيبة حمراء قديمة لوسائل الإعلام، تتضمن موازنة وزارته عن السنة التالية، ومنها شرائح الضرائب الجديدة أو المعدلة التي ستفرض على مختلف السلع والخدمات، والتي سيكون لها تأثير مباشر في كل فرد، وستجد أن الجميع تقريبا سيقومون بالتقليل من استهلاكهم للقهوة مثلا، لأن الضرائب زادت عليها، والإقبال على الشاي لأن الضرائب خفضت عليه، وهكذا بالنسبة للكتب ورسوم الجامعة وأنواع المركبات والسلع المختلفة. وبالتالي فإن الضريبة ليست مالا فقط يجبى لتمويل أنشطة الحكومة، بل أداة فعالة ايضا لترشيد استهلاك الفرد، وتقويم أخلاقياته، وتوجيه سلوكه الوجهة التي تراها الحكومة «المنتخبة» أكثر عدلا ومناسبة للمجتمع.
ملاحظة: %70 ممن أطلقت أسماؤهم على الشوارع لا يستحقون أي تكريم، والبعض منهم شارك في نهب ثروات الوطن وتخريبه! ومن ساهم في خيره من أمثال الجنرال هستد لم يحصل على شيء، وهذا أمر يمكن تقبله، وإن على مضض، ولكن ما ذنب عثمان خليل عثمان، الخبير الدستوري الذي كان له الفضل الأكبر في وضع الدستور؟ وماذا عن علماء افادوا البشرية جمعاء بخير اختراعاتهم واكتشافاتهم، ولن نذكر منهم سوى ثلاثة ساهموا في تخفيف آلام مئات الآلاف منا، هذا غير مليارات البشر الآخرين، امثال الكسندر فلمنج، مكتشف البنسلين، ووليم مورتون، مكتشف غاز التخدير، ووليس كارير، مخترع اول جهاز تبريد الهواء، في عام 1902.

مبارك الدويلة

حان وقت التغيير

بعد حكم المحكمة الدستورية الاخير والقاضي بإبطال انتخاب مجلس بوربع، اصبح لزاماً ان تتخذ السلطة قراراً بمحاسبة المستشارين في ادارة الفتوى والتشريع والمستشارين في الديوان الاميري من المقربين لسموه، والذين يؤثرون في طبيعة المراسيم الاميرية! لن يحتمل البلد مثل هذه البهدلة والمهانة للناس ولكل من يحترم نفسه عندما يرى المحكمة تلغي انتخابات بسبب خطأ اجرائي! انا لا اعترض على ابطال المجلس او اتحسر على ذهابه، فانا اعلم جيداً انه مجلس نبت من حرام، حيث صرفت لانجاحه ملايين من المال العام، وبغير وجه حق. لكن اعترض على ان نبني قراراتنا المصيرية على قواعد غير سليمة قانونياً وعرضة للانهيار في اي لحظة، كما حدث! لذلك لا بد من تغيير كل من تسبب في وصولنا إلى هذا الوضع المأساوي، وشارك، بشكل او بآخر، في هذا الجرم.
ومن مستلزمات التغيير بعد هذا الحكم، نظرتنا الى مرسوم الصوت الواحد، فمع انني اعتقد ان الحكم الذي صدر كارثي على مستقبل العمل البرلماني، حيث اعطى للسلطة حق تغيير قانون الانتخاب متى ما رأت ضرورة لذلك يقدرها صاحب الشأن، الا انني اعتقد انه لا يجوز بعد اليوم ان ننعت المجلس المقبل، إن جاء وفقاً لآلية التصويت الاخيرة، بأنه مجلس غير دستوري. بل اصبح بعد صدور هذا الحكم أي مجلس يأتي وفقا للصوت الواحد مجلسا دستوريا. ولكن…؟؟! اعتقد يجوز للمعارضة ان ترفض المجلس ولا تتقبله، ليس لأنه غير دستوري، بل لانه جاء وفقا لآلية ومبدأ يضران بالمصلحة العامة ويفرغان مجلس الامة من محتواه. يعني ممكن من خلال هذه الاداة والصلاحية ان اوجد مجلس امة لا يمارس دوريه الرقابي والتشريعي بشكل سليم!
لذلك، حان الوقت كي تغير المعارضة من خطابها السياسي إن ارادت ان تجد قبولا من الشارع، فيكون العمل لاظهار وابراز العيوب المصاحبة لاي مجلس يأتي وفقاً لآلية مراسيم الضرورة، والسعي الحثيث لاقناع صاحب الشأن أن أي مجلس لا يأتي وفقاً لقانون يقره مجلس الامة المنتخب انتخاباً حراً مباشراً فانه سيكون استمراراً للازمة السياسية واستمراراً للاحتقان الذي يشل البلد من شماله الى جنوبه!
البعض يرى ان المجلس الاخير انجز ما عجزت المجالس الاخرى عن انجازه. واضرب لكم بعضا مما يعتبرونه انجازا لهم لنعرف مدى التسطيح الذي يمارسونه! خذ مثلاً قانون اسقاط الفوائد، حيث تم اسقاطها عن ربع الكويتيين المقترضين فقط، ومع هذا لم تصدر اللائحة التنفيذية للمشروع، يعني قلة قليلة فقط استفادت من المال العام ولم تكن ديونها تشكل مشكلة تستلزم حلها. مثال آخر، قانون هيئة الشفافية، التي مهمتها الرقابة على بعض الاعمال الحكومية، حيث نص القانون ان الحكومة تشكل مجلس ادارة هذه الهيئة التي ستراقب عليها، ولعلنا لاحظنا في الفترة الاخيرة كيف كانت السلطة تعاقب من لم يشارك في انتخابات الصوت الواحد او من كان يشارك في بعض فعاليات المعارضة! هذه امثلة لنعرف مدى خطورة مجالس تأتي وفقاً لمشتهى السلطة!
قضية اخيرة وهي ان المعارضة إن ارادت ان تستمر بشكل مؤثر وفاعل فلا بد اليوم من توحيد الرايات، فإن كان مقبولا بالامس تعددها فقد اصبح اليوم لزاما توحيدها، ولئن نستمر موحدين ونحن قلة خير من كثرة في حقيقتها غثاء كغثاء السيل.
وأؤكد هنا ما أعلنته الحركة الدستورية الاسلامية مراراً من انها لن تشارك في أي انتخابات تأتي وفقا لمراسيم الضرورة! فإن قيل لماذا وقد اصبحت دستورية؟ نقول لانها مسألة مبدأ! فالمجالس التي تأتي بهذه الآلية تكون عرضة للإلغاء وتغيير الآلية التي تأتي بمجلس خوش بوش، وهذا ما نعتقد ان البلد لم يعد يحتمله.

محمد عبدالقادر الجاسم

هل يعود مجلس 2009؟!

الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية بتاريخ 16/6/2013 في الطعون الانتخابية حول ما يسمى “بالصوت الواحد”، يستحق الفحص والدراسة بعناية فائقة لأنه تناول بالتفسير واحدة من أهم مواد الدستور الكويتي وهي المادة (71) التي تعالج التشريع الاستثنائي، وهو ما يعرف “بمراسيم الضرورة”. وتكمن أهمية نص هذه المادة وتفسيرها من قبل المحكمة الدستورية في كون النص والتفسير يقاربان الخط الفاصل بين دولة الدستور والمؤسسات، وبين المشيخة والحكم الفردي. فالتشريع مهمة حيوية يقوم بها مجلس منتخب انتخابا صحيحا حرا نزيها… هذا هو الأصل وهذه هي الديمقراطية، أما الاستثناء المحدود فهو أن تقوم السلطة التنفيذية بالتشريع في حالات محددة تأتي تحت عنوان الطوارئ من الأمور والأحداث. فإذا ما تحول الاستثناء إلى أصل، عبر النص أو من خلال التفسير، وإذا ما أُطلقت يد السلطة التنفيذية في التشريع الاستثنائي، سقطت دولة الدستور والمؤسسات وشُيدت دولة الاستبداد والتعسف. متابعة قراءة هل يعود مجلس 2009؟!

سامي النصف

الحكومة القادمة

أتى حل مجلس الأمة ليتيح الفرصة لسمو الشيخ جابر المبارك فرصة التخلص من بعض الوزراء الذين أثبتوا انهم عالة بحق على الوزارة وبلوى على الحكم، فهم احصنة خاسرة لمن يراهن عليهم وقد جربوا فأخسروا المراهنين عليهم المرة تلو الأخرى وهل يجرب المجرب؟!

***

لقد قال درزائيلي اشهر سياسي بريطاني عرفه التاريخ «ان السياسي الجيد هو القصاب الجيد» اي الذي يتخلص سريعا من بؤر المشاكل وأصحاب الاجندات الخاصة والمتلونين ومن يتم تسييرهم بالريموت كنترول ومن يحكم قراراتهم شركاؤهم التجاريون والاقتصاديون ممن قد لا تتماشى توجهاتهم مع توجهات الحكومة أو رغبات الشعب.

***

لقد مررنا في الكويت بحقب أضرت كثيرا برجال الحكم ورجال الحكومة عندما كان المسؤولون يرفعون على أكتافهم بعض الوزراء المخفقين فيغرق الوزراء ويُغرقون من دعمهم معهم فيفقد المسؤولون جزءا من مصداقيتهم وجزءا من شعبيتهم لقول الناس ان من يدعم هذا الوزير غير الكفؤ أو غير الأمين لا بد أن يكون مثله.

***

وقد أثبتت التجارب مرارا أن فترة الأسبوعين التي تفصل بين انتهاء الانتخابات وتشكيل الحكومة لا تتيح الوقت الكافي لحسن الاختيار خاصة أن الانتخابات لن تأتي بأغلبية للحزب الشيوعي أو حزب الخضر كي يتم انتظار النتائج لتسليمهم حق تشكيل الحكومة، ان المطلوب من النتائج إيجاد الوزير المحلل وقضيته قراءة نتائج الانتخابات امر تقديري واجتهادي مطلق، فهناك من يرى التوزير من الطيف الفائز وهناك من يرى العكس من ذلك اي التوزير من الاطياف غير الممثلة في المجلس.

***

لذا من الأفضل أن تبدأ من اليوم عمليات البحث عن العناصر الملائمة من داخل الأسرة الحاكمة وخارجها لتولي المراكز الوزارية الجديدة وأن تكون فترة الاسبوعين هي فقط للمشاورات الدستورية البروتوكولية المعتادة ووضع اللمسات الاخيرة للوزارة القادمة والحديث ذو شجون وتكملة.

***

آخر محطة: تعتمد بعض الأنظمة الملكية العريقة على تشكيل ما هو اشبه بحكومة ظل من المستشارين المختصين في مجالات الحياة المختلفة يعينون في بلاط الملك ويكونون في حالة اتصال دائم مع نظرائهم من الوزراء بحيث ينقلون للملك ما يحدث عند الوزراء، كما ينقلون للوزراء توجهات الملك.

حسن العيسى

ما بعد الحكم

  قررت المحكمة الدستورية أن "حالة الضرورة" غير متوافرة في مرسوم إنشاء اللجنة العليا للانتخابات، وبالتالي حكمت بعدم دستوريته، بينما حالة الضرورة متحققة في مرسوم الصوت الواحد، وحكمت بنفاذه، ومقتضى رخصة الضرورة عند المحكمة تتلخص في "توقي خطر يستوجب اتخاذ إجراء تشريعي عاجل ولا يتحمل الإناة والانتظار…".
 إذاً عند يقين المحكمة فإن مرسوم "الصوت الواحد" له مبرر "توقي الخطر"، بمعنى أنه خطر داهم لا يمكن رده إلا بمثل ذلك الإجراء، هذا الإجراء السريع "الضروري" عند عقيدة المحكمة مبناه أسباب "سياسية" حين يضمن الصوت الواحد تمثيل الأقلية، وأن الدولة الديمقراطية لا تعرف غير الصوت الواحد، وغير ذلك من أسباب ساقتها المحكمة الدستورية، في اجتهادها.
ويمكن الرد عليها بأن الصوت الواحد في الدول "السنعة" (اصطلاح المرحوم محمد مساعد الصالح) يكون لمقعد واحد في الدائرة، وليس لعشرة مقاعد، وأن الصوت الواحد الذي فاز به مثلاً السيناتور ماكين بمجلس الشيوخ في الـ"سيناتس" يمثل الحزب الجمهوري وليس حزب شيوخنا، بينما كان الصوت الواحد لـ"أوباما" هو لمقعد الحزب الديمقراطي، ولكم أن تقيسوا على غيرها.
 أما بالنسبة إلى ضمان حقوق الأقليات فهذا يجب ألا يكون على حساب ضياع حكم الأغلبية، وكيف يمكن تحديد مفهوم "الأقلية"؟ هل ترتبط هذه بالمذهب أو الدين أو العرق؟ وتلك يجب ألا يكون لها اعتبار في المنهج الديمقراطي، إنما تحدد الأقلية في مقابل الأكثرية وفق "الفكر" و"المنهج السياسي"، هذا إذا أردنا أن نتحدث عن دولة "سنع" وليست دولة "بدع"،  كما هي الحال عندنا حين يرتبط مفهوما الأقلية والأكثرية بالطائفة والانتماء العرقي أو القبلي.
 لم أجد في الحكم "معياراً" يسترشد به لحالة الضرورة، ولم أفهم كيف تتم التفرقة بين مرسوم هيئة الانتخابات ومرسوم الصوت الواحد، لكن كل هذا الحديث في مثل ظرفنا، لم يعد مجدياً، فالمحكمة اجتهدت وقررت وحسمت، ويحسب لها أنها قررت أن سلطة إصدار مراسيم الضرورة ليست مطلقة للسلطة التنفيذية، إنما تخضع لرقابة القضاء، لكن مرة ثانية، لم تضع المحكمة "معياراً" لحالة الضرورة يقيد السلطة التنفيذية في إصدار تلك المراسيم، بل تركت الأمور مطاطة وعائمة تسبح في تيار السياسة وغير مستقرة في يقين القانون المفترض.
 ماذا ستصنع المعارضة بعد الحكم، وأي مشوار ستسلكه غداً؟ هل ستظل قضيتها "الأصوات الأربعة" وعدم مشروعية "الصوت الواحد" فقط، أم إنها ستتجاوز هذا وتتقدم نحو تكريس الفهم الصحيح لروح الدستور التي تفترض ضمان حقوق الأفراد وحرياتهم، والنظر لهذا الدستور على أنه العقد الرابط بين السلطة والشعب؟ وهذا لن يتحقق بغير تجاوز قضية الأصوات الأربعة لتصل إلى الدعوة بالتشريع للعمل الحزبي المنظم، والانتخاب وفق نظام القائمة، وبتعديل الدوائر لتصبح الكويت دائرة واحدة.
 وتظل الحقيقة الباقية هي أن أي تشريع لن يكون له أي معنى لتطوير المبادئ الديمقراطية، ما لم يكن هناك "وعي" ديمقراطي شعبي والاستعداد للتضحية من أجل الحرية.

احمد الصراف

وقف عجلة العلمانية!

ذكرت في مقالات سابقة أن هناك – فقط – دولتين إسلاميتين، من أصل 45 أو أكثر، يمكن أن تفتخرا بتحقيق إنجازات صحية وتعليمية واقتصادية وصناعية بارزة، ولكن لأسباب مختلفة، وإن تلاقت في نهاية الأمر. فماليزيا، التي تعتبر من نمور آسيا، حققت معدلات نمو غير مسبوقة، مقارنة بغيرها في آسيا، على الرغم من فقرها النسبي. وقد لمست وتأكدت – إن من خلال زياراتي المتعددة لها أو من خلال سابق تعاملي التجاري مع منتجيها – أن الفضل في تقدمها يعود الى ما تمتعت به من استقرار وانفتاح، خاصة في عهد مهاتير محمد (مواليد 1925)، الذي امتدت فترة حكمه 32 عاما حتى 2003، والذي حوَّل ماليزيا من دولة زراعية تعتمد على إنتاج وتصدير المواد الأولية، إلى دولة صناعية متقدمة، يساهم قطاعا الصناعة والخدمات فيها بنحو %90 من الناتج المحلي الاجمالي، وهما القطاعان اللذان يسيطر على غالبيتهما العنصر الصيني غير المسلم من السكان، وهم سبب تقدمها الصناعي. وقد نتج عن إيمان مهاتير بقوة وقدرة المهاجر والمواطن الصيني على العمل والإنتاج، ان انخفضت نسبة من هم تحت خط الفقر من %52 عام 1970 إلى %5 في 2002!
والدولة المسلمة الثانية التي حققت معدلات نمو غير مسبوقة هي تركيا، التي تسلم فيها رجب اردوغان الحكم في السنة نفسها التي ترك فيها مهاتير منصبه! وقد قطف هذا السياسي التركي رحيق علمانية تركيا، التي بدأت عام 1924، يوم أعلن مصطفى كمال أتاتورك، تركيا جمهورية في مارس 1924 وإلغاء نظام الخلافة، وطرد الخليفة وأسرته، وإلغاء وزارتي الأوقاف والمحاكم الشرعية، وتحويل المدارس الدينية إلى مدنية، وإعلان تركيا دولة علمانية، لأنه آمن بأن نظام الخلافة كان عائقا أمام أي تحديث للبلاد، سواء في التعليم أو المشروعات القومية. وقد حققت تركيا في الفترة القصيرة التي حكم فيها أتاتورك الذي توفي عام 1938 تقدما هائلاً في الفنون والعلوم والزراعة والصناعة!
ما يحدث الآن في المدن التركية، واسطنبول بالذات، من تظاهرات واعمال شغب ليست ببعيدة عما يقوم به حزب أردوغان من قطع لصلات تركيا بالعلمانية. فبعد التقدم الاقتصادي والصناعي الكبير الذي حققه أردوغان، الذي يوصف بالإسلامي المعتدل، والذي يميل لفكر «الإخوان المسلمين»، نتيجة علمانية الدولة على مدى 90 عاما، ومناخ الحرية الذي تعيشه شعوب تركيا، راودت أردوغان أحلام إعادة الخلافة وإحياء عظامها وهي رميم، مع كل ما سيكون لذلك من تأثير هائل في مجمل النشاط الإنساني فيها، وعلى مناخ الحريات الشخصية بالذات، وفي هذا لا يختلف أردوغان عن «متخلفي» مجلس الأمة الكويتي، الذين لا يرون في الأخلاق غير الحجاب والقناع وكراهية «المايوه» واختصار الدمار الخلقي في زجاجة بيرة أو امرأة غير محجبة!
إن عودة تركيا عن علمانيتها لا تعدو ان تكون الخطوة الأولى في انحدارها، وعودتها الى نادي الدول العربية والإسلامية المتخلفة، وهذا ما يسعى متظاهرو ميدان تقسيم إلى وقفه.

***
• ملاحظة: ضبطت وزارة التجارة طنين من العسل المنتهي الصلاحية! والحقيقة ان العسل ليس له تاريخ صلاحية، وكان حرياً بالوزارة ان تقول بانتهاء التاريخ المدون عليه، أو صودر لأنه لم يُحفظ بصورة سليمة! وبدلاً من ذلك، على مفتشي الوزارة ضبط ومصادرة العسل الذي يباع كمعجزة وعلاج، وهو لا هذا ولا ذاك!

أحمد الصراف

سامي النصف

شكراً قضاءنا الشامخ!

مع صدور حكم المحكمة الدستورية المحصن للصوت الواحد، والمبطل لمجلس الصوت الواحد، يظهر نظامنا القضائي نزاهته وحياديته، وكونه إحدى المرجعيات التي يجب أن يلتف حولها الجميع والتي من المعيب جدا أن يحاول البعض الطعن والتشكيك في أحكامها بدعوى أنها مسيسة، لذا فالشكر من الشعب الكويتي قاطبة للمستشارين الأفاضل: يوسف المطاوعة ومحمد بن ناجي وخالد الوقيان وخالد سالم علي وإبراهيم السيف على حكمهم العادل والقاطع كالسيف الذي ألجم دعاوى المخرصين.

***

مازال المختصون يقرأون الحكم التاريخي، وحتى يصل البعض منهم ممن نثق بقراءتهم للقضايا الدستورية للمسار الدستوري والقانوني الصحيح للحقبة القادمة، نقول: إن الكويت أمام مفترق طرق حقيقي، فإما الالتفاف جميعا حول الحكم وحول قضائنا الشامخ مما يمهد لعودة الهدوء والاستقرار للكويت، ومن ثم إسراع الخطى للوصول إلى المستقبل الواعد، وهذا أمل كل كويتي مخلص، وإما رفض الحكم بقصد المناكفة والعودة لمسار التهديد والوعيد والتحريض والفوضى والنزول للشوارع الذي انصرف عنه الناس.

***

وقراءة سريعة للحكم تظهر أنه أيدّ حالة الضرورة في مرسوم الصوت الواحد، بل استند إلى حيثيات خطاب صاحب السمو الأمير وجعل حيثيات حكم المحكمة كما لم ير توافر حالة الضرورة في مرسوم اللجنة العليا للانتخابات، ومن ثم يمكن لها أن تأتي عبر تشريع عادي، وبذا أسقطها وأسقط معها الانتخابات التي اجرتها على مبدأ أن «ما بني على باطل فهو باطل».

***

إن الكويت ـ وضمن الأجواء المضطربة المحيطة بالمنطقة ـ بحاجة ماسة لفترة التقاط انفاس ومصالحة وانفراج وفتح قنوات حوار وتفاهم ومنع الانسداد السياسي القائم، وعليه نرجو من القوى السياسية المقاطعة أن تعود عبر قرار مقاطعتها، وأن تقبل بحكم المحكمة الدستورية مرجعا لها، فالحكم هو دائما عنوان الحقيقة، ولا يجوز الاختلاف حوله، كما تم الاختلاف قبل ذلك حول مرسوم الضرورة، فلا بد للبلد من مرجعيات يحتكم إليها، ودون ذلك الفوضى والتناحر وعدم الاستقرار الدائم، وقد أعيدت لكم الفرصة فلا تضيعوها.. وتضيعوا معها!

***

آخر محطة: قلنا في برنامج «مواجهة» قبل اسبوعين عندما سئلنا عن توقعنا لحكم المحكمة الدستورية إنه سيحصن الصوت الواحد ويحل مجلس الصوت الواحد، وكان ذلك بناء على قراءة لسوابق دستورية وعملية تخمين من السهل أن تخطئ أو تصيب.

احمد الصراف

من منا على حق؟

تعتبر الكنيسة الكاثوليكية، كغيرها من الكنائس المسيحية وأصحاب العقائد والمذاهب الأخرى بأن أتباعها فقط سيحظون بنعمة دخول الجنة دون باقي البشر. فمنذ وجدت الحياة على هذا الكوكب قبل ملايين السنين، وليس قبل 6000 عام، كما ورد في العهد القديم، وكما يؤمن غالبية مسيحيي ويهود العالم، وفكرة الأفضلية، أو الفئة الناجية، هي المسيطرة على كل جماعة، وستبقى الفكرة ما بقيت الحياة على هذا الكوكب قبل أن ينهيها مجنون، وغالبا باسم الدين واسم الإله، بقنبلة او بغيرها! وكان يعتقد أنه يصعب التعامل مع التشدد والغلو الديني بغير علاج نفسي وتعليمي مكثف، ولكن د. كاثلين تيلور Kathleen Taylor اختصاصية الأعصاب المعروفة من جامعة أكسفورد صرحت بأن التطرف الديني سيدفع العالم في السنوات المقبلة لاعتباره مرضا، والمصاب به بحاجة للعلاج. وورد في تقريرها المقتضب في مجلة The Raw story بأن النظرة الحالية للشخص المتطرف دينيا بأنه «خيار شخصي» ستختفي لتحل محلها نظرة أكثر تشددا واعتبار المتطرف شخصا مريضا بحاجة لعلاج «كيميائي»، وليس نفسيا وتثقيفيا، لأن هذا الشخص يشكل بتطرفه خطورة على المجتمع. وقالت انها لا تتكلم هنا فقط عن المتطرف المسلم أو من هو أكثر تطرفا منه، بل وايضا عن الذين يستسهلون ويستمرئون مثلا قيام الأب بضرب ابنائه او زوجته. وفي السياق نفسه تقريبا نرى أن الكنائس المسيحية، وإن ببطء، نجحت على مدى قرون في تطوير معتقداتها وتقليل التناقض في تعاليمها احيانا، وإعطائها صبغة تتلاءم مع كل عصر، وتم ذلك من خلال لقاءات كنسية مفصلية في أهميتها، ولا يعني ذلك أن هذه التغيرات قد توقفت الآن، بل لا تزال مستمرة وبوتيرة أكثر تسارعا، فما كانت تؤمن به بالأمس القريب اصبح أمرا شاذا اليوم، والعكس صحيح! فليس في الكتب المقدسة لأي ديانة ما يمنعها من التطوير والتغيير، بالرغم من أن هذه النصوص بقدسية ما، إلا أنها تبقى – في حدود علمنا – في نظر أصحابها بشرية وغير ربانية، وهذا ما يختلف فيه المسلمون عن غيرهم في اعتقادهم بألوهية النص! وفي هذا السياق أيضا جاء تصريح البابا الجديد فرنسيس من أن الكفار الملحدين، والعياذ منهم، سيبلون حسنا في الآخرة! وجاء تصريحه هذا من منطلق «تسامح ومحبة مسيحية مع جميع البشر»! ولكن متحدثا باسم الفاتيكان أصدر «تصحيحا» لكلام «قداسته» بالقول بأن الكنيسة لا تزال تؤمن بأن «هؤلاء» سيذهبون للنار، وان تصريح قداسته لم يفهم كما ينبغي، وأن الكنيسة تؤمن بأن الخلاص يأتي من خلال المسيح، وأن من لا يؤمن بذلك لا يمكن أن تنزل الرحمة عليه. كما أكد التوضيح أن الحرمان من الرحمة الأبدية لا يشمل فقط اتباع بقية الديانات، بل وحتى المنتمين للكنائس الأخرى!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

محمد الوشيحي

والله ونزلنا النورماندي…

زحمة مواضيع في وقت واحد، الكتف بالكتف والمكان ضيق، ولا تدري أيها أهم، وأيها أكثر جلباً للهم… موضوع انتخابات الرئاسة الإيرانية (إيران في الخريطة الجديدة تشمل العراق ولبنان وسورية إضافة إلى إيران القديمة)، وانتخابات إيران "وراثية"، في ذرية حملة نهج الخميني، وهي تقام بين من يؤمن بأن المئة فلس تساوي "خمسين وخمسين"، وبين من يؤمن بأنها تساوي "خمس عشرينات"، وثالث يؤمن بأنها تساوي "عشر عشرات"، وعلى بطنها تنوّر وعلى ظهرها تنوّر… إذا استثنينا المرشح "روحاني" الذي يؤمن بأن المئة فلس عملة كويتية، تعني الكويت وأهلها، أو هي بحرينية تعني البحرين وأهلها، ولا علاقة لإيران بهذه ولا تلك.
عموماً هي انتخابات "للنبلاء"، لا تعني البسطاء في إيران بقدر ما تعني البسطاء في البحرين ولبنان.
الموضوع الثاني هو "السماح بنقل الأرقام بين شركات الاتصالات"، وهو موضوع يعادل عند الكويت "إنزال النورماندي"، بل أعظم، وأعظم أيضاً من الهبوط على القمر عند الأميركان، وأعظم من فتح القسطنطينية، ومن اختراع البنسلين، "يخسي البنسلين"، ويكفي أن حكومتنا هزمت بعض التجار، مارشات عسكرية وقرآن، وكانت المعركة بينهما سجالاً، واستغرقت نحو عشر سنوات، وقيل بل أكثر. والحديث في هذا الموضوع أطول من ليل الشتاء وأبرد.
الموضوع الثالث هو حكم المحكمة الدستورية اليوم بخصوص الصوت الواحد، وهذا الموضوع والموضوع الذي سبقه (نقل الأرقام) هما من صنيعتنا نحن الشعب، وما كانا ليصبحا مهمين لولا خبثنا، نحن الشعب، وسوء مقاصدنا، أيضاً نحن الشعب، وفسادنا، أيضاً نحن الشعب، وأنا وأنت والعروس وأم العروس.
وصحيح أن الدستور نصّ على أن الشعب مصدر السلطات جميعاً، لكن الدستور كان يتحدث عن الشأن المحلي، والمواضيع الثلاثة المذكورة أعلاه ليست شأناً محلياً، لذلك لا دخل لنا فيها… وانتو شلونكم؟