السبب الحقيقي لتقدم الكويت في الحقبة الممتدة منذ منتصف الخمسينيات حتى منتصف السبعينيات، ثم بدء تقدم الدول الخليجية الاخرى عليها منذ منتصف السبعينيات حتى يومنا هذا هو كم الخبرات الاجنبية المقيمة المستعان بها، وكم الاستماع لاستشاراتها وخبراتها وقراراتها.
***
فقد كان الاباء المؤسسون للكويت الحديثة يعلمون بمحدودية قدرات الخبرات المحلية انذاك لذا احضروا افضل واحسن الخبرات الاجنبية المختصة لادارة الوزارات والادارات والمؤسسات والشركات الحكومية واستمعوا وفعلوا نصائحهم فازدهرت الكويت، والامر ذاته حدث من تطور اذهل العالم اجمع وجعلها تستغني تدريجيا وبشكل جاد عن موارد النفط.
***
ان الحل الذي بدأنا به في «الكويتية» ونرى انه يصلح للكويت هو باحضار افضل الخبرات الاجنبية المختصة في العالم لتنهض بالقطاعات المختلفة التي ابتعدت كثيرا عما يسمى بالممارسة الافضل، ووضع افضل القدرات الكويتية معهم للتعلم منهم، وفي هذا السياق استعانت الكويت ذات مرة بـ«سياسي» لايجاد حلول «اقتصادية» للكويت ولم ينجز شيئا بعكس ما حدث لدول الجوار، كونه لا يملك الخبرة في ذلك المجال، حيث لم يسبق له ان حول بلدا مغلقا الى مركز مالي، كما لم يكن مقيما في الكويت طوال الوقت ليتأكد من التطبيق الصحيح لما يدعو له.
***
ان الحديث مرة اخرى عن صرف مئات المليارات التي تبلغ ضعف ما صرف على خطة التنمية دون مردود امر غير صائب، حيث يجب ان تكون هناك دراسات تظهر العوائد المالية المجزية لذلك المشروع غير المسبوق وعمن سيقوم بتسويق الكويت دوليا كي يتقاطر ملايين المستثمرين والسائحين للاستفادة من تلك المشاريع المليارية الخيالية، وعن اي شركات طيران عملاقة ستخدمها وتنقل الركاب لها كالحال مع تجارب سنغافورة ودبي وقطر وابوظبي.. الخ، ودون ذلك التسويق من قبل تلك الخبرات الاجنبية، سينتهي الامر بالاعجال من عملية افلاس الكويت عبر صرف احتيطاتها النقدية الرديف الوحيد للنفط فيها لا فائدة منه للبلد ولا عائد ماليا، فهل تدنت بنا الوطنية لهذا الحد؟ وهل هذا هو اقصى ما وصلت له افكار خبراتنا المحلية؟ والا يعني ذلك حاجتنا للخبرات الاجنبية للتأكد من صحة ما نسوق له؟
***
اخر محطة: يمكن التعلم من اخطاء ماضي «الكويتية» لاصلاح «مستقبل الكويت»، فقد مرت عليها حقب كانت تشتري بها الطائرات الضخمة بالمليارات ثم ترسلها الى المنطقة الممتدة من سيئول شرقا الى شيكاغو غربا دون احضار الخبرات الاجنبية التسويقية اللازمة لملء كراسيها كما تم ذلك لاحقا في شركات الطيران الخليجية العملاقة فانتهى الامر لدينا بخسائر مالية فادحة وفتح واغلاق المحطات دون جدوى لعدم القدرة على ملئها بالركاب.