التهنئة القلبية للشيخ تميم بن حمد آل ثاني على توليه مقاليد الحكم في دولة قطر الشقيقة بعد تنازل الأمير الوالد حمد بن خليفة آل ثاني له عن الحكم، ويعتبر الأمير حمد آل ثاني الباني الحقيقي لقطر الحديثة، والذي زاد دخل بلده في عهده 20 ضعفا وبات المواطن القطري صاحب أعلى دخل في العالم، وقد قرأت بهذه المناسبة عشرات التحليلات الكاذبة وسيئة النية والتي تصور الأمر وكأن هناك قضايا استجدت وعداوات استشرت وأوامر خارجية قد صدرت، والحقيقة التي كنا أحد شهودها تظهر ان ما حدث هو قرار استراتيجي اتخذ عن قناعة وبهدوء شديد واليكم ما كنا شهود عصر عليه والذي يكذب كل ما يقال ويكتب هذه الأيام.
في أوائل يناير 2011 قمنا كوفد إعلامي أهلي كويتي بزيارة القيادات الخليجية لشكرها على دورها التاريخي في تحرير الكويت، وضم الوفد الزملاء الأعزاء أحمد بهبهاني وعدنان الراشد ويوسف الجاسم ووليد السريع وكاتب السطور، وقد التقينا في قطر الشيخ حمد بن جاسم الذي طلبنا منه كرجل دولة مطلع ان يعطينا رؤية استشرافية لمستقبل المنطقة التي شهدت ثورة الياسمين في تونس، ولم تكن الصورة قد اتضحت بعد في مصر ولم تبدأ حينها الثورات في بقية دول الربيع العربي.
كانت إجابة سمو الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري السابق واضحة وصريحة، حيث ذكر ان نظام مبارك ساقط لا محالة بعد أن سحبت عنه القوى المؤثرة في العالم الغطاء، ثم التف سموه إلى ليبيا واليمن متسائلا عن سبب بقاء الأنظمة المزمنة وغير المنجزة بها، مضيفا أن الشعوب العربية كي تنهض تحتاج لتجديد دماء الحكم فيها، مؤكدا أننا كإعلاميين سنكون شهودا على الحكم في قطر إذا بقينا كما بقي هؤلاء، وكانت إشارة واضحة للغاية حينها الى أن القرار قد اتخذ بالتراضي ودون خلاف ضمن أسرة الحكم في قطر على عملية التنازل الودي وتجديد الدماء، وان القيادة القطرية لا تنوي البقاء طويلا بالحكم.
آخر محطة:
(1) نشرت قبل أيام جريدة الأخبار الحكومية المصرية بالخط الأحمر العريض على صدر صفحتها الأولى «مانشيت» نصه: «ماما قطر تزود مصر بالغاز»، وكان هذا جزاء استجابة قطر السريع لطلب مصر تزويدها بالغاز الطبيعي لسد حاجيات الصيف للشعب المصري عبر خمس دفعات مجانية، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ وهل الشعب القطري هو الذي ذهب لصناديق الاقتراع وانتخب حكم «الإخوان»؟ وهل كان انتخاب المرشح الآخر سينهي فوضى النزول للشوارع وتدمير الاقتصاد؟
(2) يتزامن هذا الخبر مع هجوم عنيف للقيادي د.عصام العريان على دولة الإمارات وقبله هجوم مماثل على السعودية بسبب القبض على مهرب أدوية مخدرة في موسم العمرة، وعلى الكويت بسبب تطوع محامين كويتيين للدفاع عن الرئيس مبارك كنوع من الوفاء للرئيس الذي بدأ البعض يترحم على حكمه، فهل هناك حكمة فيما يجري؟!
(3) وفي شهر حزيران الذي جُرّت به مصر الأمس لخديعة الحرب مع إسرائيل عام 67، تحاول بعض قيادات المعارضة المزايدة وجرّ مصر ـ من «تاني» ـ للأخذ بالخيار العسكري ضد إثيوبيا رغم أن اقتصاد مصر هذه الأيام ليس قطعا اقتصاد حرب، فالحكمة، الحكمة!