محمد الوشيحي

مشتهي المستحي… منطقة الصراع

أسئلة ثلاثة سأنثرها هنا وسأجيب عنها، بحسب رأيي…
السؤال الأول: "بعد كل هذه الأخبار والمواد التي عرضتها وسائل الإعلام عن "شخصية" هذا البرلمان ونوابه وهيبتهم في عين الحكومة، أو قل عن "ازدرائهم" من قبل الحكومة، وبعد كل هذه الفضائح المالية لبعض النواب وسلوكهم، وبعد كل هذه النكسات والوكسات ومستوى غالبية نواب هذا المجلس… هل لو عاد الزمان بناخبيهم هل سيفعلون ما فعلوا ويعيدون انتخابهم أم أنهم نادمون؟". إجابتي: "نعم، فالناخبون الذين شاركوا في الانتخابات السابقة المرفوضة شعبياً يعرفون جيداً "البير وغطاه"، ولا أبالغ إن قلت إن غالبية الناخبين شاركوا لهذا السبب، أي شاركوا بسبب معرفتهم بـ"البير وغطاه"، لذا قرروا رفع الغطاء والغرف من البير، فالنائب يمثل شخصية الناخب، وهو النسخة النيغاتيف من النائب قبل التحميض".
سؤال آخر: "لو تكشفت فضائح أخرى أكبر من الحالية عن بعض النواب، هل سيعاد انتخابهم؟ وهل تؤثر في قرار غالبية ناخبي هؤلاء النواب؟"، إجابتي: "لن يتغير شيء ولن تعطس نملة، وسيعاد انتخاب النائب المفضوح، بل قد تجلب له فضائحه المالية أصواتاً انتخابية أكثر، فللحرامي عشاق ومريدون يعرفون كيف يتبادلون معه التحايا والهدايا".
سؤال ثالث: "لو قامت المحكمة الدستورية بتحصين "مرسوم الصوت الواحد"، هل سيستمر المقاطعون في مقاطعتهم؟"، الجواب: "سينقسم فريق المقاطعين إلى ثلاثة أجزاء، جزء ثابت على موقفه ومبدئه، وهذا هو الجزء الأكبر والأشرس، وجزء سيسارع إلى المشاركة، وهذا هو الجزء الذي قاطعَ وتوارى عن الأنظار وعن أعين المارة كي لا يخسر السلطة ومصالحه معها، والجزء الثالث سيقف في المنتصف ويحكّ رأسه ويفكر، وسيصيبه الصداع، وسترافقه حبوب البانادول، فهو "مشتهي ومستحي"، وموقفه ليس مبدئياً بشكل كامل. وهذا الجزء سيعتمد في قراره النهائي على نوعية الحراك الشعبي ومستجدات الأحداث، وهو ما ستتصارع عليه الجبهتان، جبهة المعارضة الحقيقية وجبهة السلطة بكل جحافلها وفيالقها المالية والإدارية".

حسن العيسى

دون كيخوتات السياسة الكويتية

لا يمكن أن نحمل الحالة السياسية اليوم محمل الجد، فلا الاستجوابات الخاوية من هذا المجلس، ولا الردود الحكومية "الزعلانة" من عقوق الابن المجلسي تستحقان أن نقرأهما بجدية، وأنهما يمثلان ما يجري على أرض الحقيقة. وليد الطبطبائي النائب السابق وصف الحالة السياسية بأنها "فصل من مسرحية"، أما خالد السلطان فقد قال عن الوضع إنه "شيوخ يطقون بعضهم"، ووصفها الزميل بدر الديحاني في مقالته بالأمس بأنها "مسرحية سمجة". كلها أوصاف، برأيي، معبرة عن مهزلة الوضع الكويتي، فأي عاقل سيصدق أن تحميل وزير النفط وزر "الداو" هو عمل وطني مستحق، وأن النواب الذين يقدمونه يريدون فعلاً حماية المال العام، ولا يختلف الأمر عن الاستجواب الأجوف المقدم لوزير الداخلية، الذي ربما يستحق الاستجواب، لكن ليس للأسباب التي تقدم بها نواب "العرضة" البرلمانية.
من جديد، أسأل إن كان علينا أن نحمل ما يجري اليوم محمل الجد، ونكتب عنه، ونقلق من أجله، أم إن الأمر كله لا يعدو عن إضاعة وقت في بلد، لا تعرف إدارته معنى الوقت. هي مسرحية كاملة، وليست فصلاً من مسرحية، هي مسرحية تجري فصولها في روضة أطفال، لا ينقصها غير كلمات تشجيع من الفاضلة "ماما أنيسة" الله يذكرها بالخير، وهي تقول لأبطالها "شاطرين يا أطفال يا حلوين"! لكن أطفال اليوم الذين يعتلون المسرح السياسي لا يشبع نهمهم أن يقال لهم "يا أطفال يا حلوين"، يريدون أكثر بكثير من كلمة "الحلوين" تخرج من فم الماما، يريدون أن يكونوا أبطالاً من دون ساحة قتال وقضية يناضلون من أجلها، يريدون حصصهم في اللمعان السياسي في مكان محاصر بالصدأ، يريدون "المعلوم" من الكعكة الوطنية حالهم حال غيرهم الذين سبقوهم، والذين سيأتون بعدهم، بإذن الله.
كيف تدار هذه الدولة، وهل هناك منهج، ورؤية للمسقبل وتحدياته؟! وهل توجد لدينا "مؤسسات حقيقية" تضع حدوداً وإجراءات ملزمة لإدارة الخلافات والصراعات السياسية بين الأقطاب الكبار من جهة، وتثبت اليقين القانوني في وجدان الناس؟! هل يرى هؤلاء الأقطاب أن هذه دولة، تواجهها تحديات وجودية، ليست من الخارج، كما يروجون، وإنما من الداخل، ومن فوضويتهم وأطماعهم في السلطة، أم إنهم يرون أنها مزرعة و"ياخور" كبير خاص بهم، اختلفوا على ملكيته…؟!
أم آن الوقت كي نصرخ: بأننا سئمنا هذا العبث في إدارة الدولة، ومللنا إعادة قراءة فصول رواية "دون كيخوتات" الكويت… بعد ذلك أسألكم: هل تأخذون ما يحدث اليوم مأخذ الجد؟

احمد الصراف

مصنع الفقهاء

لا أدري كيف تقبل بعض الصحف نشر اعلانات أقل ما يقال عنها وعن مضمونها انها لا تتفق والمصلحة العامة، ولكن هذه قصة أخرى. فقد ورد في اعلان ملون غطى ربع صفحة دعوة صريحة للشباب الذكور من سن 16 وحتى 20 عاما للتسجيل في دورة «المفاتيح» لفهم القرآن والسنة، ولتكون تلك خطواتهم الأولى ليصبحوا «فقهاء» المستقبل! ولكي يمتلك المشارك المراهق في الدورة «مفاتيح الفهم» فقد طلب الاعلان منه التواجد في وقت محدد في «المسجد الكبير» لاجراء امتحان القبول له، فان اجتازه، فسيعني ذلك أنه سيحظى بالفوز برعاية «الدكتور فلان» له لفترة ثلاث سنوات.. مجانا، ولتكون تلك خطوته الأولى لكي يصبح.. «فقيها»!
لا أحد يود التفكير في مثل هذه المشاريع ولا في خطورتها، فكيف يمكن لصبي لم يتجاوز السادسة عشرة من العمر بكثير فهم المسائل الدينية وتعقيداتها الفقهية تحت اشراف من يكون هو بحاجة الى اشراف ورشاد، حتى ولو ادعى حمل أعلى الشهادات الصحيحة أو المشكوك في جدواها؟ وكيف اصبحت معرفة دورة المفاتيح أهم من دورة الطب والعلوم الأخرى التي نشكو من نقص كبير فيها؟ وكيف نتفرغ لمثل هذه الدراسات وليس بين المليون و200 ألف مواطن، وبعد ما يقارب السبعين عاما على بدء تصدير النفط مهندس واحد يعرف كيف يستفيد بطريقه اقتصادية من كميات البترول الثقيل التي تتراكم لدينا ولا نمتلك تقنية الاستفادة منها؟ وما الضمان أن هؤلاء «الشباب الذكور» لن ينحرفوا، أو يتم غسل ادمغتهم ودفعهم للقيام بعمليات مشبوهة لمصلحة هذه الجهة أو تلك؟ وما الذي يمكن أن نجنيه من فقه او فهم متخصص في أي مجال من مراهق بعد استماعه لـ«دكتور» لثلاث سنوات، أو حتى لثلاثين سنة؟ ان هذه الأمور يجب عدم السكوت عنها بأي حال، ويا ليت جهة ما تتحرك وتتساءل وتسأل اصحاب تلك المبرة عما يهدفون له من وراء اعلانهم، وما الذي يمكن أن ينتهي اليه مصير شاب جلس مع من لا يكبره بكثير -ثلاث سنوات، ثم ماذا؟ أليس من الأجدى توجيه طاقات هؤلاء الشباب لأنشطة ومجالات نحن بأمس الحاجة اليها، لكي لا يأتي يوم نتباكى فيه على مصير أبنائنا في سجون الدول الأخرى، ونطالب حكومتنا بالتدخل لاطلاق سراحهم؟ أوَلم يحن الوقت ليصبح لدينا «كويتي وأعمل» بدلا من «كويتي وافتخر»؟
يقول المفكر الايراني الراحل علي شريعتي: خير لك أن تقضي وقتك بالسعي لادخال نفسك الجنة، على السعي لاثبات أن غيرك سيدخل النار!.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

محمد عبدالقادر الجاسم

مذكرة دفاع مسلم البراك

بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ)

مذكرة بدفاع
مسلم محمد البراك

في الطعن بالاستئناف رقم 1051/ 2013
على الحكم الصادر من محكمة أول درجة
في القضية رقم 15/2012 (أمن دولة)

مقدمة إلى المحكمة الموقرة بجلسة 13/5/2013
وتتضمن:
ــــ الدفع ببطلان إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة، وببطلان الحكم المستأنف
ــــ الدفع بعدم دستورية المادة (209) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية متابعة قراءة مذكرة دفاع مسلم البراك

علي محمود خاجه

دليل

– إضافة حوالي 1200 كم طولاً من الطرق المرصوفة السريعة والداخلية وصيانتها والبدء بإنشاء شبكة السكك الحديدية ومترو الأنفاق وتطوير نشاط النقل بالحافلات.
– تنظيم سوق النقل الجوي وتطوير البنية التحتية لمطار الكويت الدولي بإنشاء مبنى الركاب رقم 2، وتطبيق سياسة الأجواء المفتوحة.
– تحسين صورة الكويت كراعية لحقوق الإنسان أمام المجتمع الدولي والحفاظ على الأمن الاجتماعي من خلال حماية حقوق العمالة الوافدة والحد من ظاهرة الاتجار بها.
– التخصيص التدريجي للمدارس الحكومية ضمن مشروع التخصيص العام، مع التزام الدولة بتوفير التأمين التعليمي للمواطنين.
– مشاركة القطاع الخاص في إدارة وإعادة بناء عدد من مدارس وزارة التربية القديمة وبما لا يقل عن 30 مدرسة.
– وضع نظام متكامل للتأمين الصحي للكويت يشمل المواطنين والمقيمين، بمساهمة كل من الهيئة العامة للاستثمار وبدعم من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ولتحقيق تغطية 100% لمظلة التأمين الصحي للمواطنين والمقيمين مع نهاية سنوات الخطة.
– تخصيص إدارات بعض المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية ضمن مشروع التخصيص العام في الدولة.
– إنشاء عدد من حدائق الأطفال النموذجية بعدد 10 حدائق لزيادة عدد الأطفال المستفيدين بعدد 10 آلاف طفل.
– بناء عدد 6 مسارح في محافظات الكويت بمعدل مسرح لكل محافظة.
– رعاية نتاج الثقافة والفن والفكر والأدب وتطوير وسائل عرضها من خلال بناء المنشآت الحديثة، مثل المجمع الثقافي والمسارح الحديثة للعروض المسرحية والموسيقية، وصالات العروض الفنية ومعارض الفنون التشكيلية.
– تحقيق الانطلاق الفكري الحر والمبدع والخلاق في المجتمع من خلال تذليل كل المعوقات أمام المزيد من الحريات الإعلامية ورفع القيود الإدارية ومواجهة كل أشكال الوصاية الفكرية عليه.
يكفي لن أكمل بقية النقاط، كل ما أود قوله إن النقاط أعلاه هي جزء بسيط من خطة التنمية الحكومية التي وافق عليها مجلس الأمة بأغلبية ساحقة قبل ثلاث سنوات، وتنتهي مدتها بعد سبعة أشهر، ولم ينجز أي مما سبق طبعاً، ولن ينجز أبداً ما دامت الحكومة تدار بطريقة عائلية فاشلة.
فإما أن الحكومات لا تعرف كيف تنجز أو لا تريد الإنجاز، وفي الحالتين لا تستحق الاستمرار.

خارج نطاق التغطية:
تعيين سيدة من الأسرة الحاكمة كوكيلة مساعدة لوزارة الشباب التي يتولى حقيبتها شيخ أيضاً غير مبرر وغير مفهوم في ظل وجود العديد من القيادات الشابة الرائعة في الكويت، ولا مبرر لهيمنة أسرة واحدة على وزارات الدولة.

سامي النصف

الداو خطأ في الدخول وخطأ في الخروج!

يقول مثل إنجليزي شائع « إن خطأين لا يعملان صحا واحدا»، أي أن حدوث خطأ ما ثم محاولة تصحيحه بخطأ آخر في الاتجاه المعاكس لا يعني ان الأمر قد استقام او تعدل، في بلدنا المعطاء أدمنّا تصحيح الأخطاء بالأخطاء إلى ما لا نهاية.

■■■

في البدء، لا أستوعب على الإطلاق فكرة المشاركة «التشغيلية» مع شركة كبرى متعثرة اقتصاديا مثل الداو، وكأن لدينا القدرات المحلية القادرة على تطوير اداء تلك الشركة العملاقة، وقد كان الأفضل لو تواضعنا وتركنا تلك المشاركة للغير، وتم الإيعاز للجهات المختصة في الدولة لشراء أسهم تلك الشركة متى ما كنا على ثقة بمستقبلها كما حدث مع شركة BP النفطية ومرسيدس للسيارات. ولكنا حصلنا الآن على أرباح فلكية بدلا من الخسائر الفضائحية حيث ارتفع سعر سهم الداو من 3 دولارات عام 2008 الى 35 دولارا هذه الأيام.

ولا يعقل أن يصحح قرار المشاركة الذي لا لزوم له بخطأ وضع غرامة باهظة وغير مبررة على الإطلاق في حال عدم اتمام الصفقة خاصة أن المصانع المعنية لا يتم توقفها إبان المفاوضات كي يطلب احد التعويض، تتبقى قضية طرحت اكثر من مرة وتحتاج الى رد او ايضاح حول ان الغرامة قد تحصلت بسبب رد من الشركة الكويتية ذكر ان الإلغاء تم لأسباب فنية ومالية ولو قيل انه تم لأسباب سيادية لما أتى حكم الغرامة.

■■■

ومن غير المفهوم عدم لجوء الجهات المختصة في الدولة آنذاك للمكاتب الاستشارية العالمية المختصة بالبتروكيماويات او حتى المكاتب الاقتصادية العالمية والتي يقتضي عملها متابعة اداء شركة «الداو» ومصانعها ساعة بساعة لأخذ النصح في صحة الشراكة مع شركة الداو من عدمه بدلا من الاتصال ـ كما حدث ـ بمكاتب استشارية محلية تحتاج الى اشهر عدة كي تقدم نصحها الذي قد تغلب عليه الاغراض والأهواء وعمليات التسييس المعتادة.

■■■

آخر محطة: كانت هناك ثقافة كويتية ماضوية مضحكة طارت بها الركبان تتلخص في إلقاء تهم التجاوزات في الوزارات على عاتق الفراشين، حيث يتهم احدهم ويتم تسفيره لذر الرماد في العيون، في صفقة الداو لم يتهم او يفصل او يحقق او يحل الى التقاعد او يسفر فراش واحد من فراشي الشركة المعنية.. عفارم.

 

احمد الصراف

أين العقل؟

من الواضح أن جهات في الحكومة رأت أو اعتقدت بأنها ستكسب الكثير من رضا كبار مسؤوليها إن هي غالت في تطبيق القوانين، وضد الوافدين بالذات، وكأن إشعار هؤلاء بأنهم ملاحقون دائما سيكون في مصلحة الجميع وسيجعل خطر فسادهم وإجرامهم أقل، ونسي هؤلاء أن وراء كل مخالف ومجرم غير كويتي يقف مواطن من جماعة «كويتي وأفتخر»! فالوافد غير السوي لا يعمل عادة لحسابه Free lancer، بل بدعم وحماية من مواطن غالبا. وفي السياق نفسه لم يكن تصريح وزيرة الشؤون، الذي تراجعت عنه تاليا، حول نيتها ترحيل 100 ألف وافد سنويا موفقا، وهي الإنسانة القانونية والحصيفة، فهي تعرف الآن صعوبة التنفيذ، إداريا على الأقل! كما سينجم عن التطبيق ظلم كبير لا داعي له، وكان الأجدر بها القول إنها ستسعى لترحيل مائة كويتي على الأقل، من المتاجرين بالإقامات، الى السجن! فلو كان فينا خير أصلا، لما لعب بنا هؤلاء، ولما كانت نسبتنا كمواطنين، مقارنة بإجمالي السكان، بهذا الانخفاض! كما أن قرار ترحيل الوافد المتورط في مخالفات مرور جسيمة، وقطع رزقه وعائلته، وإجباره على ترك عمله أو تجارته والتخلي عن كل التزاماته، لا يفتقد الإنسانية فقط، بل يتسم بالغباء الشديد، وستكون له تبعات خطيرة. فالمقيمون، أو غالبيتهم على الأقل، أتوا الى الكويت للعمل والكسب الشريف، وهذه كانت نية من وفر لهم العمل وسهّل لهم القدوم، وبالتالي ليس من الإنسانية ولا من الذكاء جعلهم يعيشون في قلق مستمر على مصيرهم ومصير أبنائهم ان تورّطوا في مخالفة مرور ارتكبت في لحظة سهو أو انشغال، والأفضل له وللدولة فرض غرامة مالية كبيرة عليه تعطيه وغيره درسا لا يمكن نسيانه. إن المشكلة لا تكمن في مخالفات الوافدين وزيادة عددهم، بل في الفساد المستشري في «عالم الكفالات»، وهو الفساد الذي حاولت شخصيا كشف جزء منه عندما عرضت على شخص جاء لمقابلتي لغرض جمع تبرعات لبناء مسجد في باكستان، مبلغ ألفي دينار وضعتها أمامه نقدا، مقابل أن يخبرني باسم كفيله أو من سهل له القدوم الى الكويت، إلا أنه رفض، لعلمه بأنه سيخسر أكثر إن أفشى أحد بأسرار اللعبة في سوق العمل! فهناك، كما هو معروف، «أطراف متنفذة»، وحتى مغمورة، تستفيد من تملكها لعشرات التراخيص الوهمية وبعناوين وهمية أو صادرة على محل خالٍ لا تزيد مساحته على 20 مترا أتاح لها الحصول على تقديرات احتياج لمئات الموظفين والعمال، إن لم يكن الآلاف، علما بأن نظام دفع راتب العامل في البنك أثبت فشله، فالرواتب تدفع من «الكفيل الشريف» في بلد «كويتي وأفتخر»، وتسحب في اللحظة نفسها التي تودع فيها، وبإمكان البنوك تأكيد ذلك من واقع سجلاتهم الإلكترونية. كما أن ترحيل العمالة عشوائيا سيخلق مشاكل جمة ويزيد من تكاليف الأجور. ولو نظرنا لنشاط واحد كعمليات تحميل وتفريغ الحاويات في الموانئ مثلا، لوجدنا غالبا أن من يقوم بها عمال لا يتبعون كفلاء لهم نشاط في الموانئ، وبالتالي ما الذي سيحدث لو تم ترحيل هؤلاء؟ ستحدث كارثة حقيقية حتما!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

د. أحمد الخطيب

ما أشبه الليلة بالبارحة! هل نحن أمام كارثة أخرى؟

في عام 1985 غضب رئيس الوزراء على مجلس الأمة، لاستجواب قُدّم ضد أحد المسؤولين عن أزمة المناخ من الوزراء الشيوخ، وسافر خارج الكويت محتجاً، وأثناء العطلة البرلمانية عاد وأعلن قراره بحلّ المجلس، ما كان مفاجئاً للأمير، الذي اعترض للتعدي على صلاحياته، فتم التراجع… لكن مؤقتاً. متابعة قراءة ما أشبه الليلة بالبارحة! هل نحن أمام كارثة أخرى؟

حسن العيسى

حول الثقافة الداوية

الثقافة الداوية (نسبة للداو) تعني ممارسة السلطة بصورة منفردة مع غياب كامل للمسؤولية، فالمعروف أنه لا سلطة دون مسؤولية، وبقدر حجم السلطة يتحدد مدى المسؤولية، لكن في الثقافة الداوية كما أنتجتها الدولة الكويتية، لا ترابط بين السلطة والمسؤولية، ولا تتحدد الثقافة الداوية بقضية تحمل المال العام أكثر من ملياري دولار، تنفيذاً لشرط جزائي بين المتعاقدين لم تكترث الحكومة السابقة بالنظر إلى موضوع العقد، ولا لأحكامه، وحددت مهامها فقط بتجنب أي مساس بالكبرياء المشيخي يتم من خلال مجلس الأمة، وإنما تمتد الثقافة الداوية الى عمق منهج السلطة في إدارة الدولة في السياسة والاقتصاد، فلم تكن صفقة "سانتا في" الخاسرة في الثمانينيات بداية أعراض مرض الثقافة الداوية، ولا صفقة مصافي هولندا بعدها كانت البداية، ولا قضية الناقلات بدورها حددت أعراض الحالة الداوية، وفي حكمها استثمارات إسبانيا، وكل الحالات التي استعرضها تقرير الشال الأخير لم تكن، إلا على سبيل المثال وليس الحصر والتحديد، فالحالة الداوية كمرض استوطن الجسد الكويتي يمتد إلى لحظة تصدير النفط في نهاية الأربعينيات، وتم عندها تكريس الحالة الريعية في الدولة، الريع الذي يأتي من بايب بيع النفط دون جهد إنساني، تتملكه السلطة الحاكمة، وتوزع مدخوله، بالتالي، بينها وبين الأفراد، ويكون لها حصة الأسد، وللأفراد ما تبقى من الريع، يوزع على شكل مشاريع أعمال للقطاع الخاص التابع لصاحب الريع الكبير، ثم تأتي نفقات الرواتب والخدمات والبنية التحتية ودعم السلع الغذائية.
في تشخيص الحالة الداوية تكون حصة السلطة الحاكمة هي الهبرة الكبرى، والباقي من الريع يوزع كفتات يقسم بطريقة تراتبية هرمية، تكون الأولوية فيها للدوائر الصغيرة المحيطة بالنظام، ثم بعدها تتسع دوائر عطايا الريع ويقل حجمها بقدر بعدها عن مصدر القرار السياسي، ويتم بهذا، وبطريقة فعالة، نقل المرض الذي أضحى وباء اجتماعياً مدمراً من أعلى لأسفل، ومن قمة الهرم الإداري نزولاً إلى الوظائف الدنيا والصغيرة في الدولة.
من أعراض هذا المرض، تطفو صور بشعة لثقافة عدم الاكثراث للمال العام، أو الملكية العامة، فتدميرها أو إهمالها يصبح أمراً عادياً عند الناس، كتدمير البيئة البرية والبحرية ورمي المخلفات في الأماكن العامة والشوارع تصبح، بمجملها، مسائل سلوك مألوف عند الناس، وليس لها عقاب فاعل، ولو كانت، هناك فرضاً، نصوص عقابية إلا أنها لن تكون مفعلة، بسبب استشراء الحالة الداوية، ومصاحبتها لأمراض الواسطة والمحسوبية وشراء الولاءات في مجتمع غلت فيه يد القانون، أو تحرك بطريقة انتقائية. فحين يمد أحد المواطنين من سور عقاره قليلاً خارج المنزل مثلاً، أو يحاصر الشاطئ بـ"مسنات" وحوائط عزل، فلا جزاء، لأن مضمون دفاع ذلك المواطن يتلخص في حكمة "حالي من حال غيري" الأكبر والأهم، ومادمتم قد سكتم عن أكبرها وأسمنها، فلماذا يتم استثنائي…؟!
الموظف لا يلتزم بمواعيد الدوام، لأن قدوته ومثاله "الأخ الاكبر"، الذي يقبض الآلاف والملايين، ويغتني في لحظات منسية من العمر الكويتي، لا يساءل بدوره عن جهده وعمله، وبطبيعة الحال، ولن يتم طرح سؤال: من أين لك هذا؟! الغش والنهب في تنفيذ المشروعات العامة وعدم إنجازها في الوقت المحدد بالعقد من قبل مقاولي الدائرة الضيقة، ليس مهماً لغياب المحاسبة، وإن تمت أحياناً فهي تحدث بمنهج فارغ خاو معروفة نتائجه سلفاً، وتختم بعدم الإدانة أو حفظ التحقيق لعدم كفاية الأدلة أو غياب النص القانوني المجرم، كما حدث في قضية الودائع المليونية لبعض النواب السابقين، وتكون بالتالي وسيلة لذر الرماد في الأعين، حبكت بشكل أراجوزي ممل يضج سماجة، ويعرف الجميع نتائجه مقدماً، وسرعان ما يطوى الموضوع في دائرة النسيان، والمواطن عادة، لن يكترث، فهو لا يدفع ضريبة تشعره بأنه يملك جزءاً من هذا المشروع، وأن الأموال التي أهدرت هي أمواله في النهاية.
حالات أعراض طاعون الداوية لا يمكن حصرها، بدأت من ابتلاع أراضي الدولة بالبراميل، واحتكار العقار بالتالي من ملاك البراميل الكبار الحيتانيين، وبيعها في ما بعد مجزأة لسمك أصغر منها، والتي تقوم بإعادة دورة الاحتكار وتعيد تقسيمها، ثم يعرض المحدود من الأرض على المواطن، وهو، هنا، السمكة الصغيرة التي تبتلع مدخراتها لبيت العمر بأسعار خيالية.
لا نهاية للحالة الداوية، ولا علاج لها بغير قيام مؤسسات شفافية محايدة، تراقب أعمال السلطة في الدولة، والسلطة المعنية هنا بمفهومها الواسع التي تشمل كل السلطات، والتي عليها بدورها أن تراقب وتحد من تفرد أعمال السلطات الأخرى، وهذا غير موجود، وبهذا المجلس النيابي المفصل على مقاس أنا وحدي، تم إعدام "القليل" المتبقي من الرقابة المالية، بعد أن تم استلحاق السلطة التشريعية بالسلطة الحاكمة، وأشهرت الثقافة الداوية رسمياً ونشرت في الجريدة الرسمية بحبر سري لا يفكه غير الضالعين في بحور الفساد.

احمد الصراف

أخلاق «الداخلية»

هناك بند في قانون الجنسية يسمح بمنحها لغير المواطنين لجليل ما قدموه من أعمال! وبالرغم من أن قلة فقط حصلت على الجنسية الكويتية عن جدارة، فإن المحسوبية والواسطة كان لهما الدور الأكبر في حصول الكثيرين عليها دون وجه حق! كما أن عددا ممن خدموا الكويت بصدق، عندما كانت ضعيفة الحال والمال، توفوا، بعد ان اصبحت الكويت ذات جمال وحلال، ونسيتهم دون أن يحصلوا على جنسيتها أو يحظى أبناؤهم بـ«شرف الإقامة الدائمة فيها»، وهذا هو موضوع مقالنا هذا.
فبعد ما يقارب السبعين عاما على بدء تصدير البترول، وتسارع ثراء الدولة وزيادة عدد من قدم للعمل بها، فإن لا أحد منهم تقريبا حصل على حق الإقامة الدائمة، حتى لو كانوا من كبار المستثمرين الذين لم تشب سيرتهم يوما شائبة، ولا حتى مخالفة مرور أو من التربويين الذين افنوا أعمارهم في تدريسنا، ومن بعدنا ابناؤنا، أو الذين عملوا بإخلاص في إدارة مرافقنا الحيوية، التي عجزنا عن ادارتها! وكان الممكن، لو كانت لدينا وزارة داخلية نصف عصرية أو حتى ربع ظهرية، أن يتم منح هؤلاء الإقامة الدائمة دون ان يطلبوها، ولكن في ظل غياب أو انعدام سجلات إقامة عصرية وقاعدة بيانات يمكن الاعتماد عليها لمعرفة اسماء وسير وسجل «خدمات»، فإن الطلب يصبح صعب التحقيق، ولكن هذا لا يعني اليأس، فأنا أعرف عددا لا بأس به ممن قضى الواحد منهم اكثر من ثلثي عمره، حتى الآن في الكويت، وآخرين ولدوا فيها قبل أكثر من نصف قرن، وبعضهم جاوز الستين عاما في البلاد دون انقطاع، وهؤلاء تعرفهم من لهجاتهم وعاداتهم التي أصبحت مقاربة لعاداتنا، وتتلمس مشاعرهم ومحبتهم لتراب هذا الوطن من أحاديثهم، وعميق حزنهم ان اصابته مصيبة، ومع هذا «يتمرمطوا» في كل مرة يجددون فيها إقامة أو إجازة قيادة، أو عند إجراء أي عملية نقل معلومات على الجواز أو تعديل اسم كفيل أو عنوان سكن. كما زاد الطين بلة قيام جهات كثيرة بالتضييق على كبار حملة الشهادات العلمية والشك فيها، بالرغم من مرور عقود وهم يعملون على أساسها كأطباء ومهندسين وغيرهم، بالطلب من هؤلاء تصديقها من الجامعات الكندية أو الأميركية أو الأوروبية المرموقة التي أصدرتها، علما بأن بعض هذه الجامعات لا تعمل بنظام تصديق الشهادات أصلا. إن هؤلاء المقيمين بين ظهرانينا، من مواطنين عرب وغيرهم، لم يأتوا للعمل غصبا عنا، بل بملء إرادتنا، ولحاجتنا الماسة غالبا لخبراتهم وجهودهم التي فشل أبناؤنا في سدها. وبالتالي يتطلب الأمر العناية بهم، ليس فقط لأنهم بشر اسوياء يستحقون كل خير، ما لم يثبت العكس، بل وايضا لكي يعطونا أفضل ما عندهم، متى ما شعروا بالاستقرار والأمان. ولو كنت وزيرا للداخلية، وهذا حتما ما لا أتمناه، لقمت بتأسيس إدارة خاصة لإعطاء من قضى في الكويت أربعين عاما مثلا أو اكثر، عناية خاصة تليق به، إن كانت سيرته خالية من اي سوابق أو مخالفات جسيمة. وبمثل هذه الأعمال يمكن أن نجاري الدول المحترمة في إنسانية أنظمتنا.
* * *
• ملاحظة: بصرف النظر عن اي اعتبارات، متى يعود الزميل فؤاد الهاشم للكتابة؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com