علي محمود خاجه

«راح ينحل»

البعض متفائل بأن هذا المجلس سيكمل مدته القانونية، ويعيد للمجالس التشريعية دورها المفقود والغائب منذ تولي سمو الشيخ ناصر المحمد رئاسة الوزراء.
رغم تفاؤلهم وأملهم المعقود فإنني أخالفهم الرأي لأسباب أشرحها في هذا المقال، وقد أكون مخطئاً لكن تلك هي رؤيتي.
الشعار الذي واكب انتخابات الصوت الواحد هو الملل من التأزيم، والانطلاق نحو التنمية، وهو الحلم الذي حاول المرشحون والحكومة تقريبه للمواطنين لتسويق الصوت الواحد، فأثمر هذا المجلس ذا النسبة الأقل في تاريخ المجالس النيابية الكويتية.
ورغم الاختلاف الكلي لمجلس ٢٠١٢ مكرر عن سابقه، فإن الحكومة عادت بنفس التشكيل تقريباً، وأقصد هنا العقلية لا الأسماء، فالحكومة بغض النظر عن تشكيل المجلس تصر على تشكيل المحاصصة دائماً (عوائل- قبائل- طوائف ومن الجنسين)، وهو أمر لم يجدِ نفعاً عن ذي قبل ولن ينفع اليوم، فحتى عندما عملت الحكومة دون مجلس لأكثر من عشر سنوات في فترة حل مجلس ٧٥ ومجلس ٨٥، فإنها لم تحقق أي نجاح يذكر لأنها لم تعتمد على الكفاءة والقضاء على الفساد، بل على الترضيات والاستثناءات وبعض الحمقى أحياناً.
الآن لنفترض أن هذا المجلس يرغب فعلاً في التنمية بنية صادقة وعمل دؤوب، وأنا هنا أفترض مع كثير من الشك، بناء على هذه الفرضية فإن المجلس سيسعى لإقرار أمور تضمن هذه التنمية، مثل تحرير المزيد من أراضي الدولة لحل المشكلة الإسكانية غير المبررة، أو تيسير الأمور بشكل أكبر على القطاع الخاص كخطوة نحو المركز المالي المزعوم، أو المدن الجامعية في مختلف المحافظات، أو تحسين القطاع الصحي والطرق وغيرها من مشاريع.
فإن أُقر كل ما سبق أو جزء منه على الأقل، فإنه بذلك وضع الكرة في ملعب الحكومة لإنجاز تلك الأمور، وبالتأكيد فإن حكومة ترضية مكونات المجتمع والمحاصصة لن تتمكن من ذلك، ولنا في عجزها عن تنفيذ المشاريع أمثلة كثيرة كاستاد جابر والدائري الأول ومدينة الحرير والمنطقة الحرة وميناء مبارك ومحطة مشرف والخطوط الكويتية وجامعة الشدادية وإنقاذ البورصة، وأمثلة عجز أخرى لا تحصى.
وإن عجزت وستعجز طبعا كما عهدناها، فذلك سيجبر المجلس على خيارات محدودة، إما التصادم مع الحكومة لعدم إنجازها، وهو ما ستسميه الحكومة تأزيماً، وإما أن يختار مجلس الأمة مهادنة الحكومة في عجزها عن الإنجاز، وهو ما سيجعل المجلس في صدام مع الناخب الذي لا يجد ما سمعه منهم عن التنمية وبقية الأحلام.
وإن كان الصدام هو خيار المجلس، فذلك سيعجل بإعادة صياغة تشكيل الحكومات بشكل مغاير عن الخمسين سنة الماضية، وهو أمر لا تريد السلطة تغييره بإرادتها رغم كل المتغيرات في تفكير وسلوك الناخبين، أما إن كان اختيار المجلس الحالي هو مهادنة العجز الحكومي فذلك سيجبر الناخب مستقبلا على إعادة اختيار نواب من نوعية مجلس فبراير، على اعتبار أن مجلس ديسمبر شريك في عدم تحقق التنمية من الحكومة، وتترسخ فكرة أن منهج الحكومات هذا يجب أن يحارب.
هناك خيار أخير للحكومة والمجلس الحاليين للاستمرار، وهو توزيع أموال بشكل فردي كإسقاط القروض والزيادات وبقية الحماقات الأخرى، فإن أقدموا على هذا الأمر فهذا باب لن يوصد أبداً إلى أن تفلس الدولة، وهي نتيجة حتمية للتغيير أيضاً.
لكل تلك الأسباب أقول إن المجلس سيُحل، ولن يستمر كي تحافظ الحكومة على تشكيلاتها العقيمة قدر المستطاع، وألا تنكشف أمام من تبقى من مصدقيها من الشعب.

ملاحظة:
لم أتطرق في هذا المقال إلى عوامل أخرى كانتظار حكم الدستورية بدستورية مرسوم الصوت الواحد، أو حتى الحراك المعارض لهذا المجلس، بل تعاملت مع هذا المجلس دون أي ظروف تؤثر عليه خارج إطاره.

سامي النصف

أمنيات قديمة.. لأعوام جديدة!

نرجو أن تنتهي خلال عام 2013 والأعوام اللاحقة المشاكل في الكويت والتي قاربت أن تفوق مشاكل الصين والهند معا، وأغلب تلك المشاكل تقوم على «لا شيء» على الإطلاق، فالخلاف في الكويت هو لأجل الخلاف ذاته أي كحال نظرية «الفن للفن» الشهيرة، وقد نقبل بقاء الخلافات لولا أنها تسببت في غزونا وتأخرنا وتخلفنا وجعلنا أسرى لوجود النفط وتذبذب أسعاره التي لا نملك منها شيئا، حقيقي تعب الشعب الكويتي مما يفعله بنفسه.

***

وبودنا أن تخفف الحكومة الجديدة من معاناة الناس لا عبر المنح والعطايا بل عبر استيراد أنظمة إدارية متطورة تسهل على المواطنين والمقيمين تخليص معاملاتهم دون الحاجة للوسطاء ولو نجحت الإدارة الجديدة في الوصول لهذا الهدف السامي خلال الأربع سنوات القادمة لكفت ووفت ودخلت تاريخ الكويت من أوسع أبوابه حيث لا يصح أن ما ينهى في ساعة لدى الجيران يحتاج إلى شهر لدينا.

***

لا توجد في العالم دول تقوم بحل إشكالات الإسكان عبر بناء الدولة البيوت للمواطنين عدا دول «الكاف الثلاث» ونعني كوريا الشمالية وكوبا والكويت، ففي الخليج وباقي دول العالم تسهل الحكومات للشركات المساهمة والمطورين الحصول على الأراضي العامة بأسعار متهاودة ممن يقومون بالبناء الجماعي للبيوت وبيعها بالأقساط المريحة (المورغج) دون الحاجة لإنشاء شركات لا خبرة لها في البناء وعمليات اكتتاب تمنح المواطن 10 دنانير عائدا كل عام (هذا إذا ربحت الشركات) وتحرمه بالمقابل من فرصة الحصول على بيت العمر.. ويا لها من معادلة!

***

التكدس والترهل الوظيفي أمر لا حكمة فيه، لذا نرجو النظر في إمكانية استخدام العمالة الفائضة للعمل في المساء تسهيلا للمواطنين وتخفيفا للزحمة المرورية الصباحية كما قامت بذلك الأمر مشكورة وزارة الداخلية، أمر آخر يساعد على تخفيف الزحمة وهو الإسراع في إخراج بعض الوزارات كثيفة المراجعين من مجمع الوزارات إلى الدائري السابع وإلى المحافظات المختلفة.

***

وأعلم أن هناك تجانسا وتعاونا غير مسبوق بين أعضاء الحكومة الحالية وهو أمر يسهل العمل بينهم ويزيد الإنتاجية ويعجل الإنجاز ويمنع الأزمات التي كانت تنشأ بسبب عدم الانسجام بينهم، لذا نتمنى أن يحققوا ما سبق ذكره وهو هدف سام سيرجعنا إلى إنجازات وزراء الدولة الكبار الذين دخلوا تاريخ الكويت من أوسع أبوابه.

***

آخر محطة: زرت بالأمس عزاء عائلة الطيار الشاب فهد القبندي وتأثرت جدا لفقدان إنسان رائع خلقا وإحساسا، حيث كان الراحل الشاب قلقا على حزن أهله عليه أكثر من حزنه على نفسه، وقد واجه مصيره شجاعا وبنفس راضية.. فللفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله الصابرين المحتسبين ورفقائه ومحبيه الكثر الصبر والسلوان..

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

احمد الصراف

الصحافي وحياة الليل

كنت، منذ نعومة أظفاري، وحتى بعد ان أصبحت صلبة وناعمة، أتمنى أن اكون صحافيا! فقد نشأت في أسرة تقرأ، وكانت مطبوعات «دار الهلال» و«آخر ساعة» و«المصور» تملأ البيت، ولكن الحياة أخذتني باتجاه آخر، مختلف تماما، حيث أصبحت، مرغما، مصرفيا ثم مقاولا وتاجرا وطالب مدرسة وجامعة في وقت واحد، ولفترة قاربت العقد، قبل أن أهاجر لأميركا وأتعب منها، وأعود لأهاجر لبريطانيا، واختار بعد سنوات بلغت الست، العودة طوعا وأسرتي الصغيرة للوطن، وتزامن ذلك، بعد اشهر قليلة، بدخول جحافل للكويت في الثاني من أغسطس 1990، ليندحر بعدها وتكون تلك بداية نهاية دكتاتور سافل وتافه لم تعرف المنطقة مثله منذ سنوات. مكثت في الكويت المحتلة فترة قبل أن أغادرها للسعودية واستقر في دبي ولتكون عودتي الثالثة للوطن منها، والتي كانت لفترة خيار هجرة ثالثا، ولكن ذلك ايضا لم ينفع. عودتي للوطن واستقراري دفعاني هذه المرة لأن افكر جديا في الكتابة، ومن وقتها لم اتوقف، ولكني لم اصبح يوما صحافيا بالمعنى المعروف، بل بقيت كاتب عمود، يتحول مرات كثيرة لكاتب صندوق، فشكل المقال كان يتحول من الطويل العمودي إلى المربع الصندوقي. وكنت سأقبل دعوة من القبس لو طلبت مني العمل بها بصورة يومية، ولكن هذا أيضا لم يحدث، ربما لاعتقادهم أن ثرائي النسبي وكبر سني سيدفعانني للرفض، ولم اعرض نفسي عليهم لا تلميحا ولا صراحة، ومرت الأيام وفجأة اكتشفت، عن طريق ملاحظة ليست بالذكية جدا، أن حياة الصحافي ليست بريقا وشهرة ومعرفة فقط، بل تعب وسهر ومشقة ليس لي طاقة بها. فعندما استلم الزميل العزيز وليد النصف رئاسة تحرير القبس، قمت بدعوته وعدد من كبار مساعديه للعشاء في بيتي، فاعتذروا جميعا، وهم يتهامسون، ربما من جهلي، فكيف يمكنهم جميعا ترك الصحيفة، وهنا قلبنا الدعوة للغداء، فقبلوها جميعا، وإن على مضض، وكانت تلك ربما أول وآخر دعوة جمعتهم، حيث اكتشفت أن الجميع تقريبا كان ينظر لساعته طوال الوقت وباله مشغول إما بالعودة للبيت لأخذ قسط من الراحة قبل الذهاب مساء للجريدة، أو الذهاب من عندي للجريدة لإنهاء ما كان يقوم به أو ما عليه القيام به من صف ومراجعة وترتيب واتصال وتدقيق خبر واختيار صورة! كما لاحظت اخيرا، وانا الذي أتواجد بمحض الصدفة، في عشرات حفلات العشاء، وخاصة غير الرسمية، بعد ان انقطعت عن قبول غالبية الرسمية منها، كالاستقبالات الدبلوماسية، لاحظت قلة، أو ربما ندرة، الوجوه الصحفية في مثل هذه الحفلات، وعرفت أن سبب ذلك يعود لطبيعة عمل الصحافي، والتي تتطلب من الكثيرين منهم البقاء في المطبخ الصحفي حتى ساعات متأخرة من اليوم بانتظار خبر أو تصريح، وما أكثر التصريحات والأخبار المهمة، وبالتالي نجد أن هؤلاء، عندما يخرجون من الجريدة اليومية، يصبحون في حالة من الإرهاق الجسدي والذهني التي لا يودون بعدها، سماع شيء أو قول غيره، بل وضع رؤوسهم على مخدة وان يقولوا وداعا لرويترز والفاكس والمكالمة الهاتفية والصورة التلفزيونية، ومرحبا بسلطان النوم.

***
• ملاحظة: ان خاطبكم المفترون والكذبة فقولوا.. سلاماً!

أحمد الصراف

www.kalama nas.com