عادل عبدالله المطيري

صقور المعارضة وحمائمها

لاحظ المشتغلون في دراسة عمل المؤسسات السياسية وطريقة اتخاذ القرار فيها، أن هناك تقسيما ممنهجا للأدوار فيما بين منتسبي تلك الكيانات السياسية، فتجد من منتسبيها من يجيد المفاوضات والطرح الهادئ للأفكار، وآخرون لا يجيدون إلا الدفاع عن المؤسسة السياسية وأفكارها وربما يمارسون الهجوم بشراسة على خصومها، والحقيقة أنه على اختلاف أدوار المنتسبين إلا أنهم يكملون بعضهم البعض من أجل تحقيق أهداف ذلك الكيان أو التجمع السياسي، خصوصا إذا ما حافظوا على درجة عالية من التنسيق.

لذلك أطلق المحللون السياسيون مصطلح «الحمائم والصقور» لتوصيف هؤلاء الأشخاص والتميز بين أدوارهم وسياساتهم. فالتيار المثالي والذي يعتمد التهدئة هم الحمائم ـ أما الحازمون في اتخاذ القرار والتمسك به، فيمارسون سياسية حافة الهاوية فهؤلاء بلا شك هم الصقور.

وأخذت هذه المصطلحات من السلوك الطبيعي لتلك الطيور ـ فالحمام مسالم ولا يحلق بعيدا، ويرهق بسرعة ويتوقف كثيرا قبل أن يصل لوجهته النهائية ـ أما الصقور فهي شرسة وجارحة، لا ترضى إلا بـ تحقيق هدفها، تحلق بعيدا جدا ـ ولا تكل ولا تمل حتى تنقض على غايتها المنشودة.

من هذا المدخل التحليلي سنستعرض مواقف تيار أو تكتل نواب المعارضة من الأزمة السياسية الحالية، خصوصا أن المعارضة الكويتية لم تتعرض طوال تاريخها لمثل تلك الأوضاع السياسية الحرجة بل والبالغة في الصعوبة والتعقيد كالتي نعيشها هذه الأيام، والتي تتطلب من المعارضة السياسية أن تتخذ بها مواقف أكثر جرأة مما سبق، فشباب الحراك السياسي الكويتي لا يرحم المعارضة بل ويحملها مالا تحتمل. لذلك انقسمت كتلة المعارضة الكويتية واقعيا إلى تيارين سياسيين لا ثالث لهما.

تيار «الصقور» وهؤلاء يريدون التحليق بعيدا في مواقفهم المتشددة، ويرون أن الحكومة تمادت في التعدي على الدستور حتى أنها اغتصبت صلاحيات البرلمان، وهؤلاء يؤيدون ممارسة الضغط الشعبي على الحكومة، فلذلك تجدهم يشاركون في المسيرات الشعبية المرخص منها وغير المرخص، والتي تدعو إلى إسقاط مرسوم الانتخاب وما ترتب عليه من مجلس أمة جديد.

ويبدو أن «الصقور» متوافقون جدا مع الحراك الشبابي والذي بدورهم ينظمون الوقفات الاحتجاجية في المناطق السكنية بعد أن منعوا من التجمع في ساحة الإرادة.

أما تيار «الحمائم» في المعارضة، فهو لا يختلف مع تيار «الصقور» في الأهداف – كأن ترجع الحكومة عن مرسومها وتحل مجلس الأمة الحالي، ولكنهم حتما يختلفون معهم بالسياسات المتبعة.

فتيار «الحمائم» لا ينظم ولا يشارك في المسيرات غير المرخصة، ويتقاعس عن الحضور بعذر أو بدونه عن المسيرات المرخصة.

كما أن تيار «الحمائم» لا يؤمن أصلا بالمسيرات الاحتجاجية في المناطق السكنية، ويؤكدون دائما على ضرورة التهدئة وضبط الخطاب السياسي المعارض وعدم التمادي في الخصومة مع السلطة، لذلك تجدهم ينتظرون بفارغ الصبر حكم المحكمة الدستورية في النزاع الدستوري القائم حول المرسوم والبرلمان، ويعولون كثيرا على الحل القضائي ويأملون خيرا.

من نافلة القول – ان كلا الفريقين بالمعارضة السياسية في طريقهما للفشل ـ فالصقور أو الاتجاه المتشدد – بدأ ينخفض صوته ويتشتت جهده – لأن الخطاب السياسي للمعارضة وصل إلى الذروة مبكرا ليصطدم بالسقف الأعلى المسموح به، ولم يعد أمامهم إلا اقتحام المجهول السياسي!

ويقابل ذلك أيضا فشل الحمائم في استثمار جهود الصقور وضغطهم المتواصل ضد الحكومة من أجل البدء في حوار سياسي مع السلطة للتوصل إلى حلول وسط.

فلقد كانت «الحمائم» أو تيار التهدئة في المعارضة ـ في قمة السلبية ـ بل كان ولايزال يسعي لخفض صوت المعارضة وسقفها دون أن يطرح البديل!

ويتناسون أن صلب نظرية الحمائم والصقور هو المحافظة على اعلى درجات التنسيق وتبادل المواقف واستثمار كل الجهود المبذولة بينهم، ولاشك أن التنسيق كان مفقودا بين الحمائم والصقور في الحالة الكويتية!

في النهاية: الحذر كل الحذر ليس من صقور المعارضة المحترفة سياسيا، ولكن من (عقبان) الحراك الشبابي ـ فهؤلاء أكثر شراسة وعلى فطرتهم الجارحة، ولم يألفوا القيود والأوكار – انهم يحلقون إلى أبعد مدى ـ وسيكون التعامل معهم أكثر صعوبة من الحمام والصقور!

 

سامي النصف

كي لا نقتل وطننا!

سنة جديدة وحكومة جديدة ومجلس أمة جديد، المهم في هذه السنة الجديدة الا ترجع علاقة المجلس بالحكومة الى ما كانت عليه خلال العقدين الماضيين حيث ان المسار الماضوي هو الذي تسبب في تخلفنا وخيبة أمل شعبنا وعليه نقترح:

ـ تفهم حقيقة ان اخفاق الحكومة أو اخفاق المجلس في عملهما هو ـ رضينا أم أبينا ـ اخفاق للكويت حاضرها ومستقبلها.

ـ ينص الدستور في مادته 50 الشهيرة على فصل السلطات و«تعاونها» لا تعاركها، فالتعاون مع كل الوزراء هو الأصل الذي يؤدي الى الانجاز.

ـ جرت العادات والأعراف في كل الديموقراطيات المنجزة على ان يعطي المجلس التشريعي 6 أشهر على الأقل للحكومة والوزراء كي يعملوا قبل المحاسبة، فكيف يجوز عقلا ومنطقا محاسبة من لم يبدأ عمله بعد؟!

ـ نرجو الا يحاول احد الأعضاء ان يقلد خطوة الآخرين فيضيع خطوته ولا يصل بالتبعية الى خطوتهم، ان الفرصة المثلى لإعادة انتخاب الأعضاء بعد اربع سنوات هي عبر الانجاز، والانجاز فقط الذي يفيد الكويت وشبابها بالدرجة الأولى لا عبر عرقلة عمل الحكومة ووزرائها.

ـ نرجو ألا يقع الأعضاء الأفاضل في مصيدة ومكيدة من يدفع بهم للمعارضة والتسخين فقط كي لا يقال عنهم انهم نواب حكومة، فهذا نهج سيرجع الكويت الى عهد ثبت ان الشعب لا يريده حسب نسب حضور من صوتوا في الانتخابات الأخيرة من ناخبيهم.

ـ يجب تكثيف لقاءات الأعضاء والوزراء خارج الجلسات لتذليل العقبات كي يكون العمل تحت قبة البرلمان نهاية جهد لا بدايته وكي نبتعد عن منهجية التأزيم المستمر القائم على سوء الفهم.

ـ كما نرجو من بعض الأعضاء الأفاضل البعد عن منهجية مضرة طالما انتقدوها وعابوا على من يقوم بها، ونجلهم ـ ونحن من يعرف مقدار وطنيتهم ـ عنها وهي جعل المجلس مكانا للانتقام وتصفية الحسابات بسبب هذا الحدث او ذاك فلا يوجد في الدنيا ما يستحق ان نقتل وطننا لأجله وكل الأمور قابلة للاصلاح مستقبلا.

***

آخر محطة: نشرت صحف أمس صور مظاهرة غير مرخصة، وبالتالي خارجة على القانون وعلى روح ونص المادة 44 من الدستور وتحمل راية كتب عليها «عندما ينتهي القانون يبدأ الطغيان» وهو أمر طريف يحدث فقط في الكويت.

 

احمد الصراف

مؤمنون وغيرهم

ورد في دراسة جادة لــ the Pew Forum on Religion & Public Life وكتبت عنها كيم ونستون Kimberly Winston في 19 ديسمبر الماضي في مجلة Religion News Service، التي تهتم بأخبار المسيحية والديانات الأخرى، أن المسيحيين يشكلون النسبة الأكبر من سكان العالم، ويأتي المسلمون في المرتبة الثانية، ولكن ما اصبح لافتا للنظر وجديرا بالاهتمام، وربما لقلق البعض، أن النسبة أو الكتلة الثالثة في الحجم هي لغير المؤمنين او المشككين. وبينت الدراسة أن %84 من سكان الأرض، الذين يزيد عددهم على 7 مليارات نسمة، يتبعون نوعا أو آخر من الإيمان بدين سماوي أو ارضي، ومن هؤلاء 2.2 مليار مسيحي، أو %32 من سكان الأرض، يتبعهم 1.6 مليار مسلم، أو %23 ويأتي بعدهم غير المؤمنين او الشكاكين او الملحدين، وهؤلاء يشكلون كتلة تبلغ 1.1 مليار بني آدم، أو %16 من البشر، وأن هذه النسبة فاجأت الكثيرين. والكتلة الرابعة الهندوس، وعددهم مليار، أو %15 من سكان الأرض، أما البوذيون فنصف الهندوس، وهناك 400 مليون يتبعون ديانات شعبية في افريقيا والصين وسكان اميركا واستراليا الأصليين. كما أن مجموع من يؤمن بالزرادشتية (المجوس) والبهائية والسيخ والتاوية والشنتو، والجانيز، والويكا لا يتعدى 58 مليون نسمة. كما بينت الدراسة ان تركز المسيحيين هو الأمثل مقارنة بالجماعات الأخرى، فالولايات الأميركية المتحدة هي الحاضنة الأكبر لهم، فما نسبته %78 من سكانها مسيحيون من اصل 300 مليون، وتأتي بعدها كتلة الدول الأوروبية وكتلة أميركا الجنوبية. أما عكس ذلك فنجده في آسيا حيث قمة عدم تجانس الديانات، كما يعيش فيها %76 من غير المؤمنين، وفي الصين بالذات، التي حولتها الثورة الثقافية لدولة غير مؤمنة تماما. وتبين من التقرير الأميركي أن نسبة غير المؤمنين أو التابعين لدين معين في الولايات المتحدة قد بلغت %16.4. كما بين التقرير الذي غطى 230 دولة ومن إحصاء شمل 2500 شخص، أرقام وحقائق جديرة بالذكر، منها:
1 ــــ يعيش %73 من البشر في دول تكون عقيدتها الدينية، او غير الدينية هي الرئيسية.
2 ــــ تعيش غالبية غير المؤمنين في الصين وجمهورية التشيك، واستونيا وهونغ كونغ، واليابان وكوريا الشمالية.
3 ــــ متوسط عمر غير المؤمنين والبوذيين واليهود أعلى من متوسط عمر غيرهم، وهو بحدود 34 سنة. بينما بين المسلمين والهندوس والمسيحيين ينخفض عن ذلك بكثير، وهذا المتوسط هو الذي يدلنا على الطريقة التي سيكبر بها عدد أتباع أي ديانة، فأصحاب متوسط الأعمار الأقل يعني نساء أكثر في سن الاخصاب، وبالتالي فإن سباق التكاثر سيستمر بين المسلمين والمسيحيين. وبين الباحث Ryan Cragun أن نسبة غير المؤمنين الكبيرة لم تكن مفاجأة له، وأن التحدي الأكبر هو في مدى قدرة غير المؤمنين على التسارع في النمو، مقارنة بغيرهم! وما يمكن استنتاجه من البحث أن عدم التدين موجود أساسا في دول شيوعية، بشكل عام، وبوذية بدرجة ثانية ومتقدمة علميا واقتصاديا كالدول الاسكندنافية.

أحمد الصراف