كتبت قبل سنين عدداً، منذ أن كانت أميركا مجموعة من "العشيش والصنادق*" وأوروبا تجلب المياه على الحمير: "إنشاء جامعة الدول العربية وانضمام الدول إليها هو الخطوة الأخيرة، التي كان يجب أن تسبقها خطوات وخطوات".
وهنا تذكرت حكاية صاحبي المصري الذي كان يدرس في الجامعة، فاتفق مع صديقته على تناول القهوة، كنوع من جر الرجل، في مقهى خارج الجامعة، فسألته: "هيّه عربيتك نوعها إيه؟"، فصحح لها: "أنتِ قفزتِ إلى السؤال الثاني، كان يجب أن تسأليني أولاً ما إذا كنت أملك سيارة أم لا، كي أوفر عليك مصاريف السؤال الثاني".
وقبل أن تدخل الجامعة، أية جامعة، عليك أن تجتاز المراحل الدراسية الأساسية، في حين أن دول العربان تسلقت جدران "الجامعة" قبل أن تتمكن من فك الخط، ولو أنها خضعت لاختبار قدرات لما تمكنت من اجتياز مرحلة الحضانة.
واختبار القدرات يبدأ من السؤال الأول: "كيف يمكن أن تبني رصيفاً بشكل سليم، وشارعاً لا يغرق من دمعة سحابة خجلى؟"، وبالطبع الأكيد، كما يقول ذلك العراقي، ستفشل بعض دول الخليج في الاختبار، وفصل الشتاء يشهد ويفضح، ولا يكره زعماء العرب شيئاً كما يكرهون فصل الشتاء الذي يكشف الفساد ويغرق البلاد… طبعاً لا حاجة للتذكير بأن الدول الإسكندنافية تقع تحت "دش سماوي" لا يتوقف، لكن الماء يتسرب مباشرة إلى المناهيل، ولا يبقى إلا ما يبلل الشوارع، ولو انفتح "الدش" علينا هنا في بلاد العرب، لتكررت مأساة قوم نوح عليه السلام، ولنبتت لنا زعانف وخياشيم.
وأعود لأقول: قبل أن تدخلوا الجامعة، عليكم أن تجتازوا أولاً مرحلة الحضانة، فتعالجوا أرصفتكم وتسلّكوا مناهيلكم. على أن تكون هنالك هيئات عربية تبدأ من "حضانة الأمة العربية"، "ابتدائية الأمة العربية"، "إعدادية الأمة العربية"، "ثانوية الأمة العربية"، ثم بعد ذلك "جامعة الدول العربية"… لا تدخلوا الجامعة وأنتم لا تعرفون فك الخط. القفز ممنوع والعتب مرفوع.
—————-
العشيش: لهجة محلية يقابلها العشش بالفصحى.
الصنادق: لهجة محلية مفردها صندقة، وتختلف عن العشة في نوع مادة البناء.