محمد الوشيحي

لستم نصارى ولا أفارقة

ويل للكذابين، المفترين، البايخين… يزعمون أن الكويت دولة قمعية بوليسية، رغم أن أحداً من المعارضة لم يمت، حتى الآن على الأقل. كل ما حدث مجرد اعتقالات وضرب وحبس وتهديد واتهام نوايا، ووو…
ولو أنكم قارنتم ما تقوم به حكومة الكويت بما قام به أحد ملوك القبائل الإفريقية، لحمدتم الله بكرة وأصيلاً… كان جلالته كل عام يستقبل أبناء قبيلته وبناتها – هي مجموعة من القبائل وبالطبع الأستاذ ملك الملوك – يستقبل الذين لم يُقتلوا ليشكروه على أنه "منحهم الحياة"، فيسجدون أمام جلالته، ويتشرفون بتقبيل السجاد تحت قدميه وأقدام أبناء جلالته، على أن يرتدي أبناء القبائل كامل زينتهم، من عظام وخوص وجلد وريش ووو، بشرط ألا يكون من بينها جلد سباع أو عظامها، فذلك مقصور على الأستاذ ملك الملوك وأبنائه.
وفي الكويت، يرتدي المواطن أي جلدٍ شاء، ويتزين بأي عظمٍ شاء، في أي وقتٍ شاء، كيفما شاء، ولا يُسأل ولا يُحاسب.
ويلكم كيف تحكمون وكيف تكذبون  وكيف تفترون! هل تتذكرون ما قام به "أخو هدلا" صدام حسين عندما أمر برش العطر الكيماوي على حلبجة، فتساقط الناس كالذباب بعد رشه بالمبيدات، هل تتذكرون عندما أطلق الكلاب الجائعة على المساجين؟ ما لكم كيف تحكمون! هل قارنتم حال سجنائنا من شبان الكويت بحال سجناء البعث في العراق وسورية؟ أقصى ما حدث لشباننا في السجون هو شتمهم ودمجهم مع تجار المخدرات والقتلة… ها هي مناطق الصباحية وصباح الناصر والجهراء لا تشتكي إلا تكدس القمامة في شوارعها، وها هم أهلها مازالوا يتنفسون.
ما لكم كيف تحكمون، هل قرأتم في كتب التاريخ ما فعله ذلك السلطان العثماني بمعارضيه، عندما مزقهم وقطعهم وفرّق لحومهم على نموره وأسوده الجائعة على وقع تصفيق الجنود وتكبيرهم.
لا تحدثوني عن المعارضين في فنلندا وآيسلندا وهولندا فهؤلاء نصارى نسأل الله العفو والعافية.

حسن العيسى

«الله يشافيها»!

شرعت السلطة بإعلان الأحكام العرفية (الطوارئ) من غير إعلان رسمي، فالاعتقالات اليومية لمغردين ومتظاهرين ومتجمعين وبدون (الأخيرون هم الوجبة المفضلة للأمن الساهر على القهر) أضحت عادة مزمنة لهذه السلطة التي تخشى الرأي المختلف معها، السلطة التي تريد أن تخلق شعباً من "البصامين" المداحين والمطبلين لأولياء النعم، السلطة التي تريد الناس أن يصيروا قطيعاً من الرعاع يسير خلف الرعاة الأسياد! يوماً بعد آخر، أقرأ في إعلام شبكات التواصل عن وجبة جديدة لمعتقلين، ووجبة ثانية وثالثة تقدم للنيابة العامة، بعد بيات ليلة وليال في "فنادق" الأمن الساهر على راحة النظام، النيابة العامة أضحى عملها مثل المخافر والمستشفيات تعمل على مدار الساعة وقرارات تنتهي إما… بالحبس الاحتياطي… أو إفراج بكفالة مالية عالية.
ماذا يحدث في هذه الدولة، وبماذا سيثرثر علينا كتاب الموالاة الذين هللوا وانتشوا بتفرد السلطة في تشكيل المجلس وبعرسه الكاثوليكي مع السلطة، متوهمين أنه بداية الطريق لعالم الحريات ولدنيا "الليبراليات" القادمة بالمشمش!
سترد الجماعات المهتدية بنور السلطة بأن وزارة القمع تقوم بواجبها في تنفيذ حكم القانون، وأن وزارة "اخرس، كلبج، اضرب" هي عبد مأمور… خوش حجي! قضيتان يجب ألا ننساهما أبداً، أولاهما أن القوانين التي تتذرع السلطة بها مثل حظر التظاهرات والتجمعات وغل يد القضاء من النظر في مسائل الجنسية وغيرها متمثلة في قوانين أمن الدولة والمطبوعات، كلها قوانين لا دستورية لو قرأنا الدستور بعقول منفتحة وبروح تقدم مفاهيم حقوق الإنسان، والطعن بتلك الشاكلة من القوانين السيئة أمام المحكمة الدستورية يعد ضرباً من الخيال. فالوصول إلى المريخ أسهل من الوصول إلى المحكمة الدستورية بسبب قانون إنشائها، والقضية الأخرى في دولة "كلوا وناموا" هي التعسف في تطبيق القانون، فتجمع عشرة أو عشرين فرداً يعد تظاهرة أو اجتماعاً محظوراً يهز أمن الدولة، وست كلمات في "تويتر" تقرع أجراس الخطر لأسس النظام. ما هذا… كلمات أم متفجرات؟! ومن يقرر في النهاية نوايا ومقاصد المغردين، ما دامت السلطة افترضت مسبقاً سوء النية لديهم، وانفردت بمحاسبة النوايا وإصدار الأحكام عليهم دون معقب.
السلطة اليوم، تعاني مرض الوسواس القهري، هي "بارنويد"؛ أي مضيعة البوصلة، فكيف في مثل تلك الحالة المرضية يصح لنا أن نحلم بغد أفضل، "يارب تشافيها"!

احمد الصراف

أشكناني رافي شنكر

تعرّفت على فن الموسيقار الهندي العالمي رافي شنكر Ravi Shankar لأول مرة عن طريق الصديقين علي ومحمد أشكناني، وكان ذلك قبل نصف قرن بالتمام، وبعدها تفرقت بنا السبل، بعد أن خطف التحفظ المذهبي الأول، وخطف بريق الحضارة الاميركية الثاني، ليهاجر لها ويبقى هناك الى اليوم، ولكني ما زلت مدينا لهما بتلك المعرفة، فقد كان فن هذا الرجل مصدر غذاء روحي لي طوال سنوات طويلة، وكنت اسعى لحضور حفلاته، وكانت الأولى في أواخر الستينات، عندما دعا السيد قتيبة الغانم الفنان شنكر وفرقته وقتها لتقديم عروضهما الرائعة في الكويت. كما حضرت حفلاته في أكثر من مدينة، واستمتعت دائما بحضوره الآسر. وأذكر جيدا أنني عندما حصلت على أول راتب توجهت الى محل «جاشنمال» في مساء اليوم نفسه، واشتريت مجموعة من الأسطوانات، وكانت بينها واحدة لهذا الفنان الكبير، وقمنا ثلاثتنا، في ساعة متأخرة جدا من مساء ذلك اليوم، بالذهاب الى شاطئ البحر، الذي كان يقع أمام السفارة الاميركية القديمة، ووضعنا ما لذّ وطاب أمامنا وقمنا بتشغيل اسطوانة شنكر، وكان الجهاز يعمل بالبطارية، وبدأنا رحلة صمت طويلة استغرقت ساعات ونحن نعيد الاستماع لموسيقاه الرائعة، وهي تحلق بنا، المرة تلو الأخرى، نحو آفاق وأجواء ساحرة بعيدة، ولم نتوقف عن تأملاتنا الا بعد ان انتهت قوة بطاريات الجهاز، وتزامن ذلك، كما توقعنا ورغبنا، مع بزوغ الخيوط الأولى من أشعة شمس الصباح. وعندما هممنا بالمغادرة، تبين لنا أننا لم نكن وحدنا الذين كنا نستمتع بعزف رافي شنكر، بل كان هناك سائقا سيارتي أجرة جالسين خلفنا، وهما في وضعية جلوس تشبه وضعية التأمل! تبادلنا الابتسامات، دون كلمات، وتركنا. هكذا كانت موسيقى رافي شنكر وستبقى، قادرة على ارضاء كل ذوق، من الأكاديمي حتى سائق التاكسي، وهذه الصدفة ذكرتني بقصة رواها الصديق محمد السنعوسي، الذي عاد قبل ايام سالما مشافى من رحلة علاج، حيث قال ان الديوان الأميري قام باستدعائه، بعد تعيينه مديرا لأول محطة تلفزيون في الكويت، لمقابلة الأمير عبدالله السالم، وكان ذلك في أوائل الستينات، وربما في الفترة نفسها التي كنا نستمع فيها لموسيقى رافي شنكر، وفي مكان غير بعيد عن قصر الشعب. ويقول السنعوسي ان الشيخ هنأه بمنصبه الجديد، وقال له ان مهمته ليست سهلة، لأن عليه ارضاء كل أذواق الشعب الكويتي، من عبدالله السالم.. وحتى عواد سالم!
نكتب هذه المقالة وفاء لذكرى الفنان شنكر، الذي رحل عنا قبل ايام عن 92 عاما.

***
• ملاحظة: نهنئ الشعب الكويتي على الانتهاء من انتخابات لجان مجلس الامة، ونخص بالذكر اختيار العضو عبدالحميد دشتي، وبالذات للجنة التشريعية، واختيار العضو سعدون حماد، وبالذات للجنة المالية.

أحمد الصراف

www.kalama nas.com