أمس كان اليوم العالمي لإعلان حقوق الإنسان، ومنذ يومين كان اليوم المحلي لتكبيل عباس الشعبي بالكلبجات وزجِّه في السجن احتفاء بمناسبة خروجه من المستشفى بعد إصابة بليغة في رأسه من جراء قنبلة دخانية ضربت رأسه "المشيّب" في مظاهرةِ رفضٍ لسياسة الفرض من أعلى. جريمة عباس، الذي تحتفي بخروجه من المستشفى دولة القوانين "العادلة"، أنه خرج متظاهراً ضد استفراد السلطة بالقرار السياسي وتهميشها لأغلبية المواطنين.
أمس كان اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ووزارة الداخلية الساهرة على أمن وراحة المواطنين رفضت تجمعاً أو مسيرة لمواطنين بلا هوية (تم التعارف على تسميتهم بالبدون)، فلا يجوز حسب القانون وأعراف القهر المستقرة أن يتجمع بشر منكوبون في وجودهم وهويتهم ليوصّلوا في يوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان رسالة تصرخ بألم قائلة إنهم أيضاً من بني الإنسان، ولهم حقهم في الانتماء إلى وطن وُلِدوا فيه وضحّوا من أجله، فالدولة (الحكومة الحاكمة بآمر الله) لا تمانع أساساً أن يخدم المواطنون بلا هوية في الجيش والشرطة حسب متطلبات الدولة الأمنية، لكن لا يجوز منح هؤلاء ترخيصاً للتجمع السلمي، فهذا من حق "الكفيل الكويتي" الذي يجب عليه أن يقدم طلباً بالمسيرة أو الاجتماع أو التجمع (كله بصل عند فقهاء إسبارطة الخليج)، ولا يحق لأهل القضية أنفسهم أن يعبروا عن واقع ظلمهم، وإنما يجب أن يوكلوا أصحاب الجناسي في ممارسة حق التعبير، ولأول مرة تستحدث الدولة الكويتية مفهوماً قانونياً خاصاً لممارسة حق التعبير والشكوى بالوكالة!
أمس كان اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وكثير من الأحداث المتظاهرين يقبعون في السجن، طبعاً هذا لا يخالف القوانين المرعية، ولو كانت المدام المرعية تضرب بعرض الحائط المواثيق الدولية في معاملة الأحداث.
أمس اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ومازالت قوانين الدولة وممارستها تزخر بانتهاكات كبيرة لهذا الإعلان من حظر القضاء النظر في قضايا الجنسية، إلى قوانين المطبوعات والنشر، وقانون عدم جواز منح غير المسلمين الجنسية، ومواد قوانين أمن الدولة، إلى غياب قانون ينظم شؤون الخدم الخصوصيين… والقائمة تطول، لكن من يكترث لكل هذا مادمنا، نحن، نأكل ونشرب وننام و"مو ناقصنا شي" في دولة "يارب لا تغير علينا"، ورغم أننا تغيرنا فعلاً فإن سلطة الحكم مصرة بعناد على أن تردد على مسامعنا أغنية مصطفى أحمد "ترى احنا ما نتغير…"! نعلم يا شيوخنا أنكم لا تتغيرون لكننا "غيركم" نحن نتغير!
لا جديد عندنا في اليوم العالمي لحقوق الإنسان غير احتفال جمعية الخريجين بذكرى إنسان وقف صلباً في زمن جميل مع قضية الإنسان، وقال عندما طُلِب منه قمع المتظاهرين عام ٥٨ إن واجبه هو حراسة حرياتهم لا قمعهم… واستقال من منصبه الأمني، بعد أن تأكد أنه منصب قمعي… إنه الراحل جاسم القطامي، فلنترحم عليه وعلى حال حقوق الإنسان.