عادل عبدالله المطيري

الليالي الاحتجاجية ومجلس الأقليات

لن أجادل الحكومة كثيرا في نسبة الـ40% للمشاركين في انتخابات ديسمبر 2012، ولكن نظرة خاطفة إلى مقار الاقتراع وصناديقها شبه الفارغة في الكثير من الدوائر الانتخابية وغياب اكبر القبائل وأغلب التيارات تدفعنا إلى التساؤل: هل كل هؤلاء لا يشكلون إلا ما نسبته 20% مقاطعة؟!

***

مجلس الأقليات: يعزو الكثير ممن يطلق عليهم الأقليات السياسية فوزهم إلى عدالة التمثيل البرلماني الذي حققه قانون الانتخاب الجديد ذو الصوت الواحد – ويستشهدون بحصد الكتلة الشيعية ثلث مقاعد البرلمان، وفوز بعض مرشحي القبائل الصغيرة بمقعد أو مقعدين في البرلمان.

والحقيقة أن السبب الرئيسي وراء التغير الجذري لتركيبة مجلس الأمة الحالي هو مقاطعة أغلبية التيارات السياسية والكتل الاجتماعية الكبيرة للانتخابات الأخيرة.

أكاد أجزم باستحالة استمرار البرلمان الحالي ليس لأنه لا يمثل أفكار وطموح أغلبية الشعب، بل لأنه يصطدم معها.

***

ليال احتجاجية: من المؤكد أن المعارضة السياسية ستستمر في حراكها السلمي ضد القانون الانتخابي الجديد ومجلس الأمة الذي أنتجه، وهنا يجب على الحكومة أن تسمح للمعارضين بالتعبير عن رأيهم بكل حرية سواء كان على شكل تجمع سياسي وخطابي أو مسيرة شعبية، فانتشار المظاهرات بين الأحياء السكنية ينذر بكوارث كبيرة لن يستطيع أحد تحملها

ربما بات من الضروري أن يدعى إلى مؤتمر وطني للوصول إلى حلول وسط بين المعارضة والسلطة، فالمضي قدما من كلا الطرفين لن يؤدي الا لمزيد من التوتر ولن تتوقف عجلة التنمية فقط بل حتى الأمن والسلم الاجتماعي أصبح مهددا.

***

ملاحظة ختامية: التواجد الأمني بين المناطق لن ينفع، فالشباب المتظاهرون سعداء بما يحدث، وباتوا يخططون للمواجهات مع القوات الخاصة، ويطورون من أنفسهم ومهاراتهم ويبدو أنهم ينجحون في ذلك.. ومن الأفضل لو سمح لهم بالتظاهر في ساحات عامة في كل محافظة من المحافظات الخمس درءا للفتن.

 

حسن العيسى

ماذا يريد الشباب؟

النواب السابقون خالد السلطان ومحمد هايف ووليد الطبطبائي، وهم من السلف يدعون اليوم إلى وقف المسيرات الاحتجاجية، والاكتفاء بالتجمعات في المناطق المختلفة، فالقانون لا يطلب الترخيص المسبق للتجمعات السلمية، حسب ما صرح النائب وليد، ولا أعلم كيف يفرق فقهاء السلطة بين التجمعات السلمية والاجتماعات العامة والمسيرات؟ وكيف يفسر حكم المحكمة الدستورية فيها؟ فكلها عند السلطة "صابون"، ورأي مخالف لإرادتها غير القابلة للنقاش.
لكن مهما يكن الأمر، لا أحد يريد العنف؛ أياً كان مصدره، ولو كانت الأمور بالتمني، فأنا أتمنى قبل نواب السلف أن تقف معارك العنف بين المتظاهرين "الشباب" والقوات الخاصة، لأن الضرر لم يعد قاصراً على جسد عباس الشعبي أو بعض الشباب المتظاهرين، إضافة إلى رجال القوات الخاصة وسكان المناطق التي تمت فيها المسيرات، الضرر الأكبر والأخطر اليوم أن يصبح العنف منهجاً في حياة الدولة، وهذا لن يتوقف عند حدود القنابل الدخانية ومحاولات الدهس العشوائية، بل سيمتد إلى الرصاص الحي، ومواجهات خطرة لا نعرف أين ستنتهي.
ليس هذا وقت التنظير، والبحث عن المسبب في كل هذا، فهذا سهل، فهي سلطة تفرض رأيها بالقهر، يقابلها شباب يشعرون أنهم همشوا، وتم استبعادهم من الحراك السياسي، وحين أرادوا التعبير السلمي قابلتهم السلطة بالعنف والمنع، متذرعة بحكم القانون، مع أن القانون، الذي يحظر المسيرات السلمية بدون ترخيص مسبق (هذا الترخيص منح مرة واحدة قبل الانتخابات، ولن يتكرر)، ليس مقدساً، حاله كحال قوانين القهر والظلم التي تضج بها تشريعات الاستبداد. الشباب اليوم يتحدون ذلك القانون، ولا يكترثون لضريبة ذلك التحدي، ومن يتصور أن نواب الأغلبية "المستبعدة" من المجلس يمكنها أن تلجم ذلك المسار العنفي فهو واهم، فالأمور خرجت من أيديهم، كل ما يستطيعه هؤلاء النواب المستبعدون هو المحاولة، ولا أكثر من ذلك. القضية لم تعد قضية صوت واحد أو أربعة أصوات، فجذور الأزمة أعمق وأبعد، يمكن أن نقول إن من أسبابها (ليس بالتحديد) مجلس 2009 وموقف الحكومة السابقة من شراء الذمم النيابية، ويمكن القول، أيضا، إن من أسبابها جمود الأوضاع "شبه" الديمقراطية في الدولة منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، وعجز السلطة عن فهم ومسايرة التطورات التي تهز المنطقة العربية دون استثناء، وتصور السلطة أنها يمكنها "شراء الرفض" بمسكناتها التقليدية التي لا تعرف غيرها، حين رفعت شعار "ادفع وهب" حتى ينسى الرافضون ما يرفضونه. كلها كانت أعمال شراء وقت وتأخير وتسويف لن تجد نفعا آخر الأمر.
نحن الآن أمام صراع أجيال، وهناك هوة كبيرة تتسع بين من يمسك زمام الأمور وبين الشباب المتململين الذين زهدوا هذا الواقع المتحجر.
الواجب الآن أن تفتح السلطة أبوابها للحوار مع هؤلاء الشباب، وتنصت جيداً لما يقولونه، وتفهم، بصدر واسع وحلم كبير، ماذا يريدون ومما يشكون، وتتفاعل معهم، فلهم تطلعاتهم ولهم أحلامهم، فلنشاركهم أحلامهم.           

احمد الصراف

من القديس ومن المجرم؟

من يهتم في عالمنا بامرأة مثل القديسة الأم تريزا البرتغالية، التي تركت وطنها الأوروبي لتعيش مع فقراء الهند ومنبوذيها. ومن يحترم ويقدر شجاعة وأعمال الخير التي قدمتها أوبرا وينفري، مقدمة البرامج السابقة، وعشرات الممثلات والكاتبات والفنانات الأخريات اللاتي بذلن الكثير وتبرعن بالأكثر للتخفيف من شرور العالم وجرائم طغاته، ومساعدة فقراء أفريقيا وتولي تربية وتعليم المئات منهم، إن لم يكن مئات الآلاف؟ أليست الرائعة إنجلينا جولي، التي لم تترك مخيما للاجئين عربا أو مسلمين وغيرهم إلا وزارته، بصفتها الشخصية أو ممثلة للأمين العام للأمم المتحدة، خير مثال على ما تقدمه المرأة الفنانة للإنسانية مقارنة بغيرها من الجالسات في البيوت و«المتفرغات للحش»، وما اكثرهن؟! وكيف يمكن أن نقدر ما قامت به هذه الجميلة التي لديها كل شيء تقريبا من راحة ومال وشهرة، مع هذا تقوم بزيارة أكثر دول العالم خطورة كأفغانستان ومخيمات اللاجئين السوريين في تركيا والأردن مرورا بالعراق، التي لم يزرها «رجالنا» إلا لالتقاط الصغيرات منه للفتك بهن جنسيا؟
أليست إنجلينا جولي، التي يضعها الكثيرون في خانة الكافرات السافرات او كما يصفهن وجدي غينم، بــ«العاهرات»، أكثر شهامة ونخوة من الملايين من اصحاب الشوارب، وحتى من حالقيها منا؟ وكأن كل ذلك لا يكفينا لنشعر بالخجل من تواضع ما قدمناه للبشرية، مع كل ما نخلقه من ضجيج حولنا، لتأتي سيدة استرالية لتثبت لنا عجزنا حتى عن الاهتمام بابنائنا ليس فقط من المعاقين، بل حتى من الأصحاء. فقبل فترة بهر معاق عراقي العالم بصوته وفنه الجميل عندما ظهر في برنامج تلفزيوني شهير، ولم يكن غير واحد ممن تلقوا مساعدة السيدة مويرا كيللي التي تدير منذ عقود مؤسسة للعناية بأطفال العالم، دون تمييز بين جنس أو عرق أو دين وآخر.
وعلى الرغم من انها لم تبلغ الخمسين بعد، فقد بدأت مبكرة جدا وكانت بدايتها الجدية وهي في الــ21 عندما باعت سيارتها والتحقت بالأم تريزا في الهند، ومن هناك زارت مناطق حروب ومجاعة وكوارث دون أن يوقفها شيء، وعندما ذهبت إلى العراق قبل سنوات تبنت الشقيقين أحمد وايمانويل ونقلتهما من وسط ملايين المسلمين المعدمين والمهملين في العراق الى استراليا لتمنحهما اسم عائلتها، وليصبح بعدها إيمانويل مطربا عالميا، بعد مشاركته في برنامج للهواة حصل بعد ظهوره فيه على اعجاب وتعاطف ملايين المشاهدين في العالم، وكانت Moira Kelly معه تقف خارج المسرح تشاهده يغني وهي تبكي من فرحتها بنجاحه! ولا حاجة لنعرف رأي غالبية «متأسلمي» أوطاننا بما تقوم به وقامت به هذه المرأة «الكافرة»، التي يمكن أن تصيبها يوما رصاصة من إرهابي جاهل، والتي أخذت أطفالاً مسلمين، حتى من المعاقين والمهجورين، ليعيشوا في بيئة غير إسلامية، معتقدين أن من الأفضل بقاءهم بيننا مع اعاقاتهم وجوعهم، ودون أي التفات إلى حقيقة أنهم كانوا يعيشون بطريقة أقرب للحيوانات منها للبشر، لتجعل منهم هذه السيدة بشرا أسوياء. فهل مقتل هذه السيدة هو جواز المرور لملاقاة الحور العين مثلا؟ والجواب معروف خاصة انها تعمل دون رجل محرم، ولا ترتدي النقاب، وترفض الجلوس في البيت، أو غلق الباب عليها، وتظهر علنا، دون محرم، وتعزف الموسيقى لأطفال لم نستحق شرف العناية بهم؟ ومن المخطئ المارق هنا، ومن الذي يستحق محبة الله وجنته، هي وأمثالها أم الذين يسعون لقتلها بعد أن أحلوا دمها؟
لا نطالب بتمثال لكيللي وأمثالها ولا بتسمية شارع، أو حتى زنقة، باسمائهم، بل فقط بأن «نحل عنهم» ونتركهم لحالهم لكي يبدعوا وينتجوا ويقوموا برعاية من عجزنا عن رعايتهم!

أحمد الصراف