سامي النصف

دروس نيويوركية وكروية لمشاكل كويتية!

كنت بحكم عملي بالطيران أزور نيويورك عدة مرات شهريا وكانت تلك الولاية هي احدى الولايات الأخطر في أميركا بسبب اعتماد كبار رجال السياسة والأمن على نظرية مفادها ان علينا ألا نهتم بتطبيق القانون على صغار السرّاق ومهربي المخدرات والمتسكعين، فهؤلاء ليسوا هم القضية فمحاربة الإجرام ووقفه في رأيهم تكمن في محاربة رؤوس المافيا والجريمة القابعين في صقلية وموسكو وهونغ كونغ الخ.. وبقيت الجريمة قائمة ونيويورك الأكثر تجاوزا على القانون.

***

ذات مرة وصل لرئاسة الجهاز الأمني لتلك الولاية التي يقطنها 30 مليون أميركي (لا مليون كويتي) مبدع أتى بأفكار عكس وخالف فيها كل ما هو سائد ومتوارث، فقال إن الرؤوس الكبيرة والبعيدة قد لا نصل إليها أبدا ولكن علينا أن نطبق القانون بحزم وقوة على من لدينا مستخدمين مبدأ لا مغفرة حتى على الشركة الصغيرة «ZERO TOLERANCE» ولن تستطيع بعد ذلك تلك الرؤوس البعيدة أن تقوم بشيء من جرائمها على أرضنا لاختفاء الأدوات التي تساعدها وهو ما تم وتحولت نيويورك في خلال أقل من عام من الأكثر خطورة واختراقا إلى الأكثر أمنا، وانتعش اقتصادها بعد أن تحولت الى مركز للسياحة والتسوق والاستثمار يزوره الملايين.

***

حل مشاكل الكويت لا يكمن في لوم الآخرين كما ذكرنا في مقال السبت ممن قد لا نصل إليهم أبدا، الحل الوحيد هو في التطبيق الحازم للقانون على الجميع سواء من أفراد الأسرة الحاكمة أو من الشعب، من الموالاة أو من المعارضة، وعندها لن يجد أحد الأدوات التي يستخدمها لتخريب البلد وهذا فقط ما نحتاجه أي الاعتراف بقصورنا الذاتي وتطبيق القانون وسنرى بعد ذلك كيف ستبدأ العملية السياسية بالتحول من الممارسة الكريهة القائمة إلى ممارسة مثمرة قادمة.

***

ومن نيويورك الى إسبانيا ودروس من اللعبة الكروية الأفضل والأرقى والأمتع في العالم، فالمباراة مع الآخر لا تلعب إلا بخطة محكمة ترسم ولاعبين أكفاء يطبقونها ولا شيء يترك للمصادفة أو للحظة المباراة أو حدوث الكوارث، ميسي ورونالدو يوضعان كي ينتجا في المراكز المناسبة ولو وضعا كحراس مرمى – رغم انهما ضمن الفريق – لانهزم فريقهما منذ اللحظات الأولى بدستة أهداف، ليس مطلوبا من الفريق ان يصبح الجميع رونالدو وميسي بل يجب ان تتوزع الأدوار ضمن الخطة مع اعطاء الاثنين في النهاية فرصة احراز الأهداف وخطة طوارئ بديلة عند اصابتهما أو إحكام السيطرة عليهما.

***

آخر محطة: وضمن اللعبة الرياضية التي هي أشبه ما يكون باللعبة السياسية، اللاعبون والمدربون غير الأكفاء لا يستمرون مع الفريق ومن يتسبب في هزيمة فريقه 10/صفر في كل مباراة لا يتصور أحد أن يستمر ويفوز فريقه بالدوري والكأس.. إلا تاريخيا عندنا في الكويت!

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *