سامي النصف

البر الأصفر والبحر الأبيض

توصي دراسات الامم المتحدة بأن تنتج الدول 85% من حاجياتها الغذائية كي لا تؤثر فيها تقلبات الاسواق وتداعيات الحروب ومنع الدول الاخرى لتصدير منتجاتها الزراعية (كمنع روسيا هذه الايام لتصدير القمح)، وما يقال عن تعمد بعض الدول رمي فائض منتجاتها الزراعية في البحر كي لا ينخفض سعرها في الاسواق.

وما حدث قبل ايام أثبت وجود إشكال حقيقي فيما يخص الامن الغذائي من خضار ولحوم واسماك ودواجن وألبان، وقد تحدثنا بهذا الخصوص مع بعض المزارعين، وكانت ملاحظاتهم ان الدولة لا تكتفي بعدم مراقبة من حصلوا على اراضي المزارع والجواخير في بلد متشدد في منح الاراضي العامة ـ للمصانع والمخازن وانشاء محطات الكهرباء والاسواق.. الخ ـ للتأكد من انهم يقومون بما منحوا الارض لاجله، اي توفير الامن الغذائي، بل تدفع الاجراءات المتبعة المزارع المنتج الى التحول للزراعة الترفيهية وتحويل مزرعته الى شاليه وحمام سباحة للاهل والاصدقاء بعيدا عن الزراعة ومشاكلها.

ومما قالوه انه يفرض عليهم طرح منتجاتهم في سوق واحدة يحركها الآسيويون ممن ينصرفون احيانا عن الشراء حتى يصبح صندوق الطماط أو الخيار بعشر فلوس امام سمع وبصر الحكومة، ويتساءلون كيف يستمر المزارع في عمله المنتج اذا كان هذا ما سينتهي إليه منتجه؟ ويقوم هؤلاء الوسطاء الآسيويون بتخزين المنتج في الثلاجات ثم رفع سعره الى عدة دنانير للجمعيات وللمستهلك، هذا اضافة الى سياسة الاغراق التي تتبعها بعض الدول لضرب المنتج الكويتي واخراجه من السوق، ويتساءل المزارعون: لماذا لا يسمح لهم بالبيع المباشر للجمعيات والاسواق كوسيلة لمنع الاحتكار وتشجيع المنافسة؟!

ويضيفون: لماذا لا يتم شراء المنتج من باب المزرعة لخفض الكلفة وللتفريق بين المزارع المنتجة والمزارع الزائفة التي تشتري منتجات مستوردة وتفرغها في كراتين محلية طمعا في حصد الدعم؟ ولماذا يتأخر تعويض المزارعين عند حدوث الصقيع لعام او عامين مما يشكل ضررا فادحا بهم ودفعهم للزراعة الترفيهية؟ ويفرض الامن الغذائي على الدولة انشاء مزارع خاصة بالتصدير للكويت في الدول الاخرى التي يسمح مناخها بمحاصيل لا تتوافر في بلدنا كالارز والقمح وغيرهما!

التشدد على المزارع يجب ان يمتد للجواخير التي يفترض ان تزودنا باللحوم المحلية توازيا مع دعم وتشجيع شركة المواشي الكويتية التي تعاني من حرب لا هوادة فيها رغم انها الشركة الرائدة في الخليج والتي يراد الإضرار بها كحال الإضرار بمؤسسات الدولة الاخرى التي دمرت بالكامل او شارفت على الدمار.

وهناك ضرورة ماسة للحفاظ على الثروة البحرية عبر منع الصيد الجائر للاسماك وتشديد العقوبات على مدمري الشعاب المرجانية والمحار والشرايب (سرطعون البحر)، حيث ان الحياة البحرية هي دورة كاملة واي قضاء على جزء منها هو قضاء عليها، كما يجب اعادة الحياة الى الصحراء الكويتية التي اصبحت فريدة من نوعها من حيث الاصفرار التام فلا زرع صحراويا ولا طيور ولا مخلوقات برية مثل الضب والجربوع والثعلب والذئب والطيور المختلفة والزهور البرية والفقع كحال الدول المجاورة، اننا بحاجة لمنع صيد البحر والتخييم في الصحراء الكويتية لعدة سنوات حتى يرجع للبر والبحر رونقهما الذي قتلناه، لا لحاجة ضرورية بل للعب واللهو.

آخر محطة:

الحل الامثل للقطاعين الانتاجي والترفيهي في الكويت هو خلق شركات زراعية منتجة كبرى تعطى لها الاراضي الشاسعة في الوفرة والعبدلي كي توفر المنتجات الزراعية واللحوم والالبان للاستهلاك المحلي والتصدير كالحال في السعودية، اما على الجانب الترفيهي فيجب إنشاء القرى السياحية على الشواطئ وبالقرب من المزارع كالحال في مصر، حيث تنعدم او تقل الملكيات الفردية التي تبقي الاراضي الشاسعة مغلقة اغلب العام امام العامة ودون حتى استخدام من قبل مدعي ملكيتها.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *