سامي النصف

التاريخ لم يبدأ غداً

الحدث في تاريخ الكويت هو الغزو الصدامي الغاشم الذي لا يمكن الحديث عنه دون الحديث عن مؤتمر جدة الذي سبقه في 31/7/1990 والذي ضم الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، والوفد المرافق له وعزة الدوري، لعنه الله، والوفد المرافق له.

وقد بدأت منذ وقت مبكر محاولة تزييف وتزوير ما حدث في ذلك الاجتماع العام، حيث ادعى المضللون والافاقون ان التشدد الكويتي هو الذي خلق الإشكال وسبب الغزو (انظر اكذوبة هيكل في كتابه حرب الخليج عن رسالة مزعومة من الشيخ جابر الى الشيخ سعد تطلب منه التشدد) وهو ادعاء كاذب قد يدعمه في الغد عدم توثيقنا بشكل علمي وعبر الشهود ما حدث تفصيلا في ذلك اللقاء ومقدار المرونة الكويتية والتشدد الصدامي الذي اعترف به صدام فيما بعد لمحاميه وقال انه طلب من أبي أحمد (عزة الدوري) التشدد.

وممن فاتتهم تفاصيل ما حدث د.أحمد الخطيب الذي نشر في مذكراته «لم يكن الشيخ سعد مدركا خطورة ما يحدث لذا قام بعد الاجتماع الساخن مع الوفد العراقي بترك الاجتماع وذهب لأداء مناسك العمرة ولولا ان الأمير استدعاه للعودة بسرعة لبقي هناك»، وقد نفى الوزير السابق سليمان ماجد الشاهين الذي كان حاضرا وشاهدا على اجتماع جدة، تلك الرواية التي كان لزاما على د.الخطيب التحقق منها قبل نشرها حتى لا تصبح حجة علينا حيث لم يتوجه الوفد الكويتي لأداء العمرة، بل من قام بذلك هو عزة الدوري ومن معه لا إيمانا واحتسابا وهم من انتوى الغدر والقتل في اليوم التالي، بل كوسيلة للتهرب من حجج ووثائق ومرونة الوفد الكويتي.

ويخبرني الأخ عبداللطيف الروضان بحقيقة ما جرى في ذلك الاجتماع الهام الذي تشكل الوفد الكويتي فيه من الشيخ سعد العبدالله والشيخ ناصر المحمد والوزير ضاري العثمان ووكيل وزارة الخارجية سليمان ماجد الشاهين ووكيل وزارة الداخلية اللواء يوسف بدر الخرافي ووكيل وزارة النفط سليمان نصف العماني والسفير بوزارة الخارجية خالد مغامس، حيث كان الوفد الكويتي مستعدا بالكامل للتباحث وللوصول الى حلول في وقت لم يحضر فيه الوفد الصدامي أي خبراء أو مختصين مما يعني ان النوايا كانت مبيتة لإفشال الاجتماع.

عقد اللقاء الاخير بين الشيخ سعد العبدالله والشيخ ناصر المحمد والوزير ضاري العثمان الذي كان متشائما مما يراه من الوفد الصدامي وتنبأ في حينها بالاجتياح والأخ عبداللطيف الروضان الذي كان يدون محضر الاجتماع ومن الجانب الصدامي حضر عزة الدوري وعلي حسن المجيد وسعدون حمادي، ويروي بوعبدالله الروضان ان الشيخ سعد كان في أفضل أحواله، حيث كان يحتفظ بذاكرة حديدية للقضايا الحدودية والنفطية العالقة بين البلدين حتى أحرج عزة الدوري فتعذر بحلول موعد الصلاة وخرج ولم يعد.

آخر محطة:

مازال أغلب شهود ذلك اللقاء المهم أحياء، لذا نرجو من د.عبدالله الغنيم مدير مركز الدراسات ان يوثق شهادات الشهود ويتم إصدارها في كتاب خدمة للحقيقة وللتاريخ.. الذي لم يبدأ غدا.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *