عبداللطيف الدعيج

إنها حرية التعبير أيها المتذاكون

يبدو ان هناك من لا يفهم او لا يمكن ان يفهم من اغلبية بني يعرب. ومن يدري فقد يكون عدم الفهم تظاهرا للهروب من المواجهة، او وسيلة بدائية بالطبع لحصار انتصارات الخصوم. حتى الآن هناك الكثير ممن يدعي الفهم، على صفحات الجرائد وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يواصل هؤلاء حملة استنكار، وفي الغالب اشمئزاز، من التظاهرة المليونية التي جرت في باريس ومن مشاركة او تعاطف بعض العرب معها.

الاذكياء او المتذاكون من متخلفي بني يعرب يستنكرون الاهتمام الغربي باربعة قتلى في باريس، في وقت يغض الغرب النظر عن اخوانهم في سوريا الذين يموتون من البرد.. اولا وقبل كل شيء.. كفى دجلا وادعاء. التباكي على اطفال سوريا يصدر من مجاميع التخلف المعنية بخداع البسطاء وذوي القلوب الطيبة، وجني التبرعات لمصلحة قوى الردة والتخلف مثل «النصرة وداعش»، اكثر من جنيها لمصلحة مستحقيها من المشردين السوريين.. ليس هذا رجما بالغيب او اتهاما مرسلا، بل استنتاج مبني على مراقبة ومتابعة للوضع. فاغلب المتباكين على اطفال سوريا هم من كان بالامس وحتى اليوم يُشهِّر بالصندوق الكويتي للتنمية لتقديمه القروض الميسرة للدول الشقيقة والصديقة. يسمونها هبات وإضاعة للاموال العامة على من لا يستحق.

اذا كانت شعوب الدول الشقيقة والصديقة لا تستحق قروض صندوق التنمية فلماذا يستحق اطفال سوريا وشعبها بالذات اهتمامكم وتعاطفكم؟! لماذا سوريا اذن؟! وان كان تعاطفكم ورغبتكم قومية وانسانية فلم التنديد بسياسات الصندوق والتباكي على الاموال التي «يبعثرها» كما الزعم على شعوب المنطقة؟!

ثانيا، وبافتراض ان هناك تعاطفا حقيقيا خالصا لوجه الله والانسانية مع اطفال سوريا، بافتراض ذلك يبقى ان الاهتمام الغربي ليس بضحايا العدوان ولا بالاحزان التي جلبها فقدهم. فقد قضى قبلهم، مثلهم وافضل، الكثيرون. لكن لم يخلف فقدانهم واحدا في المئة من هذا الاهتمام. الاهتمام المهول الذي صدمكم هو اهتمام بحرية الرأي ودفاع عن حق التعبير. الذين تجمعوا في كل مدن فرنسا، بل في انحاء عديدة من العالم، عدا عالم بني يعرب، تجمعوا بهدف ارسال رسالة الى الارهابيين مفادها انكم لن ترهبونا. تجمعوا تحت «لن نخاف». وكلنا «شارلي هبدو» التي رفعوها تعني انهم جميعا يسلكون ويؤيدون طريق «شارلي هبدو». المسيرة والتضامن العالمي هما دفاع عن حرية الرأي ومواجهة للارهاب، وليس كما تراءى لكم او كما اجبرتم انفسكم على فهمه على انه حزن على الضحايا ومواساة لاسرهم.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *