يصف علي دشتي، الباحث والدكتور في كلية العلوم الطبية المساعدة بجامعة الكويت، والحاصل على جائزة افضل باحث شباب في 2007/2006، البحث العلمي بأنه الوسيلة التي يمكن بواسطتها الوصول الى حل لمشكلة محددة او اكتشاف حقائق جديدة عن طريق المعلومة والشواهد والادلة في اطار قوانين عامة لها مناهجها، وانه دعامة اساسية للاقتصاد والتطور(!!).
وحيث اننا، حكومة وشعبا، لا نزال، ومنذ نصف قرن على الاقل، نجتر ونبحث ونناقش القضايا والمشاكل البيئية والاجتماعية والاقتصادية والصحية نفسها من دون ان ننتهي من اي منها بنجاح، او حتى بغير ذلك، فهذا يعني ان كلام الدكتور دشتي لا معنى له في قاموسنا السياسي والإداري، فمن الذين قال له إننا بحاجة الى بحث يدعم اقتصادنا ويدفعنا للتطور، الم يسمع ان برميل النفط قد بلغ أخيراً مائة دولار؟ ومن منا بحاجة الى معرفة ان البحث العلمي دعامة للتطور، ووسيلة لحل مشاكلنا وقضايانا الشائكة، وماذا سنفعل بعدها بجيوش موظفي الدولة ان تم حل مشاكل المرور والجنسية والبدون وفساد البلدية وبيع الاقامات والمتاجرة بتأشيرات الزيارة وخراب التعليم وتخلف المناهج وشراء الاصوات الانتخابية ورشاوى اجازات القيادة والدفع لاداري فحص العمالة؟
ينهي الباحث دشتي كلامه بالقول ان الروتين الحكومي، في ما يتعلق بتمويل مشاريع البحث العلمي، قاتل للطموح!! ولا ادري لماذا توقع العكس، هل ربما لانه لا يزال في مقتبل العمر ولم يصب بعد بالاحباط؟ اذا كان كذلك فإننا نتمنى مشاركته احلامه، ونتمنى ألا نسمع قريبا باستقالته من الوظيفة الحكومية للعمل في القطاع الخاص.
وفي هذا السياق وصلتني رسالة طريفة من الباحث الآخر الاخ احمد بهبهاني، المغترب في انكلترا في مهمة تتعلق بتطوير مدركاته العلمية، في ما يتعلق بتقنية جديدة قام بتطويرها في مجال تعليم اللغتين العربية والانكليزية بطريقة مبتكرة، حيث ذكر انه استمع لمحاضرة عن قيام احدى الجامعات بتمويل سفر باحث بريطاني الى منطقة نائية في سيبيريا بغرض دراسة لغة شعب الـ «اينتس» Enets، الذي لا يتجاوز تعداده اربعين شخصا!! وكان عددهم اكثر من ذلك، ولكن عدم التطور والاوبئة قضت على الكثيرين منهم.
وقال ان الباحث سيقضي في تلك المنطقة اشهراً عدة لجمع كل المعلومات عن لغتهم، وسيعود ليقضي سنوات عدة بعدها في دراسة تلك اللغة وتحليلها ومعرفة سبب عدم اندثارها وجذورها واصلها الى آخر ذلك.
وتساءل الباحث احمد بهبهاني عما اذا كان بيننا من يود زيارة ذلك الشعب، دع عنك دراسة لغتهم!! وقال ان هذه الرغبة العارمة في البحث وتعلم الجديد والدراسة الأكثر عن اي شيء واي فرد وفي اي مكان وبأي وسيلة ولاي سبب كان، كانت ولا تزال السبب الذي جعل الغرب على ما هو عليه من تقدم علمي، فشعوبه لم تتوقف ابدا عن تعلم الجديد والاستزادة من المعرفة عن اي شيء، وهذا لا يمكن ان يتحقق بغير الصرف على البحث بكرم ومن دون انقطاع..
ونضيف القول هنا ان آثار الفراعنة كانت تحت اقدام المصريين لآلاف السنين من دون ان يعلموا عن ماهيتها شيئاً، وكان البترول تحت اقدامنا لفترة اطول بكثير، ولم نعلم شيئاً عن فائدته غير استخدامه في معالجة جرب الجمال!!
وخير دليل على عدم اهتمامنا بالتخطيط ولا البحث ولا التنمية الحقيقية ما ورد في «القبس» عن مذكرة صادرة عن المجلس الاعلى للتنمية والتخطيط، بأن المجلس لم يجتمع غير 10 مرات فقط خلال 4 سنوات، ومن دون جدوى!!
أحمد الصراف