محمد الوشيحي

زنكلة… نيو كولّيكشن

الفرق بين الدول، أو الحكومات، كالفرق بين الرجال. منهم الشجاع ومنهم الرعديد، الذكي والغبي، الأبوي والأناني، الكريم والبخيل. ولو كانت حكومتنا رجلا لما حصل على الصفات الأوَل المذكورة أعلاه. ولو اصطفت الحكومات العربية بجانب بعضها البعض وقيل لي: من هي الحكومة الجبانة بين هؤلاء؟ فلن أتعب في البحث، بل سأشير بأصابع يدي وقدمي وبسرعة إلى أحد الاتجاهات: أهيه. بنت الذين.
مشكلة الجبان هي اعتقاداته الخاطئة: يعتقد بأن جبنه ينجيه، وبأن الآخرين يبتسمون له في حين أنهم يتضاحكون عليه، وبأنه يحظى بتقديرهم بينما هم يقدرون «حقول نفطه»، وسيمسحون به البلاط وأرصفة الشوارع لو نضب نفطه وشحت موارده. أساسا، هم يمسحون به البلاط ونفطه لا يزال يتدفق فكيف ستكون الحال بعد نضوب نفطه؟ سؤال لثالثة ابتدائي بنين.
في لقائه المثير للجدل مع قناة العربية، امتدح نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام طريقة الراحل حافظ الأسد في الاستماع لنوابه ومستشاريه قبل اتخاذ القرار، وضرب مثالا بالغزو العراقي للكويت، وقال بالحرف والفاصلة والنقطة: «اجتمعنا مع الرئيس حافظ الأسد وتناقشنا، هل نشارك في حرب تحرير الكويت أم لا، ووجدنا أن المشاركة في حرب التحرير لن تكلفنا شيئا وستعود بالفائدة على سورية بشكل سريع». هكذا بصريح العبارة. بلا عروبة بلا شاورما دجاج. خذها يا كويتي صريحة ناصعة البياض ثم اجلس بجانب أمك.
حكومتنا غضبت فردت الصاع صاعين، وأعلنت على لسان رئيسها الذي زار سورية قبل يومين: «نساند سورية في مواقفها، وسنشجع الاستثمارات الكويتية، الحكومية والأهلية، في سورية الشقيقة». يا سلام يا سلام يا سلام.
مواقف ماذا يا سمو الرئيس التي تساند سورية فيها؟ موقفها من لبنان؟ أم موقفها من دعم حزب الله واحتضانها المنافق النافق عماد مغنية الذي اختطف طائرتي «كاظمة» و«الجابرية» الكويتيتين، وقتل اثنين لا ذنب لهما من أبناء بلدك؟ والحمد لله أن سورية لم تطلب من الكويت تحمّل مصاريف جنازة المنافق وتكاليف إنشاء تمثال له من المرمر النقي.
ثم أي استثمارات حكومية يا سمو الرئيس ستضعها تحت رحمة بعثيي دمشق؟ وعلى أي أساس؟ وأين دراسات الجدوى التي نصحت بالاستثمار في سورية؟… إن سألتني فسأقسم لك بأن «دراسات الخوف» هي السبب في استثمار أموالنا هناك. فنحن قوم «نخاف ما نختشيش، وننقض وضوءنا لو جاءنا تهويش»، ولا فخر… قال لك ايه، قال لك: «نساند سورية في مواقفها»! يا ناس حكمة، صح؟ لا إله إلا الله. امسكوا الخشب واضربوا رؤوسكم به.
كل شيء ينضب. النفط، الأعمار، الجمال، كل شيء باستثناء «زنكلة» حكومتنا ينضب. ومن لا يعرف «الزنكلة» فليسأل «زنكل» ذلك الطالب الجامعي الذي كان يقف بباب القاعة مطأطئا رأسه كي يسهّل على الطلبة الآخرين مهمة ضربه على القفا. إلا أن حكومتنا تجاوزت الطالب ذاك بعدما تبنّت «الزنكلة» واخترعت لها أساليب جديدة، ثم تعهدت بتوصيلها للحكومات الأخرى، مجانا… وغطيني يا الجازي.

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *