محمد الوشيحي

حياة… أبله نورة

لم يجف حبر مقالتي التي كتبتها عن سطوة أم كلثوم ونفوذها الذي فاق نفوذ الوزراء، وكيف كان الوزراء يخشونها ويتفادون إزعاجها ولو بـ«شكة إبرة»، حتى جاء صوت النجمة الكبيرة الممثلة حياة الفهد حزينا على الهاتف وهي تنقل لي شكواها واستغرابها من تصرفات وزارة الإسكان التي ألصقت على باب شقتها في «الصوابر» إنذارا وتهديدا بإخلاء الشقة! حقيقة، لم أستغرب تصرفات الوزارة، فالوزارة من الحكومة، والحكومة بدعة (لم تكن هناك حكومات في صدر الإسلام)، وكل بدعة ضلالة… إنما ما أثار غبار دهشتي وسبّب لي الحوَل النصفي، هو أن واحدة من أكبر وأعظم رموز الخليج العربي الفنية تسكن في إحدى شقق الصوابر. هل كيف يا بلد؟ هذه المبدعة التي سنشاهدها في رمضان على قناة دبي الفضائية في مسلسل «أبله نورة» تحترق فناً فنكافئها نكرانا.
وإذا ما استوعبنا الصدمة وعالجنا الحول، نجد أن موظف الإسكان الذي شاغلَ الكبيرة حياة الفهد وأشغلها وسبب لها الصداع، يستند على أنها يجب أن تتواجد في شقتها وقت التفتيش لا أن تترك السائق فقط كالعادة، ولا أدري هل يريد صاحبنا أن تمتهن حياة الفهد مهنة التنبلة وتجلس في شقتها لتكتب مذكراتها؟ وهل يعلم صاحبنا بأن مهنة وهواية حياة الفهد هي التمثيل الذي يتطلب منها التواجد في أماكن التصوير خارج المنزل أكثر من التواجد فيه؟ وهل علينا أن نعطي محاضرات لموظفي الدولة عن أهمية الفن في حياة الشعوب المحترمة؟ وهل وهل وهل، في بلد الهلاهل الذي يتبارى مسؤولوه لقتل الجَمال وسحله والتنكيل به.
وبعيدا عن الدخول في التفاصيل، والحديث عن كون حياة الفهد اعتادت على اصطحاب خادمتها معها كلما ذهبت للتصوير، كي لا تترك الخادمة والسائق لوحدهما في المنزل، وهو ما جعل موظف الإسكان يعتقد بأنها تقوم بتأجير شقتها لسائقها (تخيلوا، سائق آسيوي يستأجر شقة بأكملها، ولوحده. مهراجا هذا وليس سائقا عاديا)… أقول، بعيدا عن ذلك كله، أما تخجل الوزارة من نفسها وهي تتعامل بهذه الطريقة الغريبة مع نجمة قدمت للكويت وللعرب أعمالا تخلد في ذاكرة الفن الراقي، وباسم الكويت؟
لن أطيل، فالأمر بيد وزيرة الإسكان الدكتورة موضي الحمود التي نعول عليها كثيرا ونأمل أن تصدر أمرها في اللحظة بعدم الاقتراب من شقة نجمتنا الكبيرة حياة الفهد، وعدم إزعاجها، كي تتفرغ نجمتنا لجمع الورود لنا وتنظيف العقول الصدئة.
و«الكلام يجر بعضه» كما يقال، وبما أن الحديث عن الفن ونجومه، فقد بلغني بأن أحد الزملاء الكتاب، ولذكائه المتقد، اختلس مع سبق الإصرار والترصد مقالتي التي تناولت فيها أهمية الجمال في العمل الإعلامي، وتحدثت فيها عن حليمة بولند وزينب العسكري، فقام الزميل بوضع اسمه على المقالة وأرسلها للصحيفة، فذهل مدير التحرير الذي كان قد قرأ مقالتي، ويتذكرها جيدا، ووضع المقالتين بجانب بعضهما ليقارن، فجحظت عيناه ووضع يده على رأسه وصرخ «شو هايدا… قص ولزق؟!»، ثم رفع سماعة الهاتف وأصدر أمرا فوريا بإيقاف الزميل عن الكتابة في الصحيفة وإلى الأبد… سامح الله مدير التحرير فلو تمعن قليلا لوجد الفرق واضحا بين المقالتين، فقد كتبت أنا «يقول خبراء الإعلام…»، بينما كتب الزميل «يقول الخبراء في الإعلام…»! أما ما سوى ذلك، فالمقالتان «فولة وانقسمت نصفين»، الخالق الناطق، حتى صديقي الذي ذكرت في مقالتي بأنه اعتاد مشاهدة مذيعة الجزيرة إيمان بنورة بعدما يكتم صوت التلفزيون، اكتشفت بأن للزميل صديقاً أيضا يقوم بالعمل نفسه… وكل مشروك مبروك يا زميلنا… السابق.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *