عبداللطيف الدعيج

من حلاة الروح

ضاقت بهم الدنيا، وانفل الناس من حولهم. وجدوا انفسهم بطالية، حالهم حال الاغلبية المضللة التي تتبعهم. فقرروا دخول سوق الدين، طالما ان السوق رائج هذه الايام، والناس شهيتها منفتحة اصلا لتقبل اي شيء، حتى لو كان برداءة وسخافة طرح الاغلبية النيابية.

سواء الغوغاء او البسطاء من الذين تظاهروا في بعض عواصم الدول الاسلامية نصرة للرسول، حسب الزعم. لا احد منهم يعلم تماما كيف تمت الاساءة المزعومة للرسول. لا احد فيهم يقرأ «فرنسي». ومن يقرأ لم تقع بين يديه مجلة شارلي هبدو. مع هذا فان جماهير امة محمد «الامية» كلها ثقة بان المجلة اساءت للرسول وان الاساءة مقصودة ومبيّتة.

الاغلبية البرلمانية عندنا، التي تهيئ نفسها للحكم باعتبارها من سيشكل الحكومة البرلمانية المنتخبة ستتظاهر (او ربما هي تظاهرت اليوم) في ساحة الارادة، ردا على الاساءة التي ارتكبتها مجلة شارلي هبدو للرسول. هذه اغلبية سياسية كما قلنا تهيئ نفسها للحكم ولادارة دولة وللتعامل مع العالم الرحب والمعقد. هل بامكان هذه الاغلبية ان تشرح لنا، وبالملموس والمسؤولية التي من المفروض توافرها لمن يتصدى للقيادة والحكم، هل بامكانها ان تشرح لنا كيف تمت الاساءة للرسول. هل خسر تجارة نتيجة رسم «شارلي هبدو»، ام انفض عنه مؤيدوه بسبب ذلك. ام ان دعوته التوحيدية تعرضت للوهن نتيجة هجمات «شارلي هبدو»؟ كيف تمت الاساءة للرسول؟ نريد ان نتحسس ذلك علميا ومنطقيا ونتلمس «الاضرار» التي لحقت بالرسول او دعوته، والتي استدعت من الاغلبية ان تنتفض وان تصحو من كبوتها لتقود الدفاع الكويتي عن «الهجمات» التي يتعرض لها الدين الاسلامي ورسوله.

الرسم الاخير لمجلة شارلي هبدو ان تم النظر اليه بحيادية وموضوعية، فانه يحمل تسامحا ورغبة بنسيان ما حدث. واذا تغاضينا عن التجسيد «المكروه» من قبل المسلمين للرسول في الرسم، فان الرسم يمكن ان يفسر على انه تقدير وتوقير للرسول، وليس اساءة كما فسرها الغوغاء والطبالون والامعات ممن لم ير الرسم، وربما لم يمسك جريدة في حياته.

نقدر حماسة البسطاء والمأخوذين بالفتاوى والدعاوى الدينية. ونتلمس لهم العذر. لكن لا عذر ولا قبول هنا للساسة، ولمن يطرح نفسه منقذا ومعالجا لهذا الوضع المأساوي الذي نعيش. لكن الجماعة في عز نشوتهم وقوتهم «الديموقراطية» طرحوا قانون اعدام من يسيء الى الدين.. لهذا فان التجمع العبثي الحالي في ساحة الارادة يتناسب ومن يلفظ انفاسه الاخيرة.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *