مبارك الدويلة

أبو بدر.. عملاق جيله

‏أبو بدر.. عبدالله علي عبدالوهاب المطوع، اسم يعرفه معظم من عاش على أرض الكويت من مواطنين ووافدين؛ يعرفونه بتواضعه وكرمه وحب الخير للآخرين، يعرفونه بمواقفه البطولية في خدمة بلده والحفاظ على أمنه واستقراره.. أبو بدر التاجر المثالي الذي قام بما عجز عنه الآخرون، عندما غادر معظم الأجانب الكويت بعد 1990/8/2، حيث أُغلقت كل الشركات التجارية والمؤسسات الحكومية، كان من ضمنهم معظم موظفي شركات أبو بدر، وكان المغفور له -بإذن الله- في الأردن ثم توجه إلى مكة، وهناك قام بتحويل رواتب موظفيه إلى حساباتهم في بلدانهم بشكل شهري إلى أن تحرَّرت الكويت والتحقوا بأعمالهم!
من يفعل ذلك؟ أو من فعل مثله؟!
هذا العملاق أوقف أكثر من سبعين عمارة استثمارية لوجه الله، ولمساعدة الفقراء والأيتام! وأفضاله وصلت إلى مشارق الأرض ومغاربها، حتى لا تكاد تجد بقعة من بقاع الأرض فيها مسلمون إلا وتجد له فيها بصمة. أبو بدر حاز ثقة أهل الكويت، وبالأخص طبقة التجار، فكل جهة إسلامية تأتي إلى الكويت تجمع من تبرعاتها لن تتمكن من المرور على التجار إلا إذا حازت تزكية أبو بدر لها، عندها فقط ممكن أن تكسب ثقة بقية تجار الكويت!
كان -رحمه الله- يتحاشى المال الحرام، وهو أول من باع بالتقسيط بسعر النقد، وهو أول من وضع أمواله في البنوك الإسلامية؛ لدعمها وليس للتربح منها، لأنه لم يكن يأخذ الأرباح على الودائع ولا على غيرها!
موقفه في إنجاح مؤتمر جدة (أكتوبر 1990) وإنقاذه من الفشل لا يخفى على منصف، عندما أصرّت المعارضة على طلباتها وأصرّ الشيخ سعد العبدالله على رفضها، وهدد بإلغاء المؤتمر، لولا التحركات المكوكية من أبو بدر مع العم يوسف الحجي وأحمد الجاسر، والتنقل بين جناح العم عبدالعزيز الصقر وجناح الشيخ سعد، إلى أن تم التوصّل إلى حل وسط رضي به الجميع، وتم إنقاذ المؤتمر الشعبي الأول والأخير من الفشل!
العم عبدالله علي المطوع (أبو بدر)، كان محبوباً من الجميع، ولم نسمع أن أحداً عاب عليه موقفاً أو تصرفاً، وكان حزمة من الإخلاق الفاضلة تمشي على الأرض، رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى، حيياً يستحي من ظله، متواضعاً يقضي أكثر وقته بين الفقراء والمحتاجين ويتجنب التفاخر والمباهاة، رغم ما يملكه من ملايين، كان دائماً يُرجع الفضل لله وحده في ما هو فيه من نعمة!
أبو بدر لم يكن متطرفاً في تفكيره وسلوكه ومنهجه، وكان يرفض العنف بكل أشكاله كوسيلة للتغيير أو التعبير، وكانت السلطة تستعين به لتهدئة التيار الإسلامي عندما يثور انتصاراً لدينه، أو غيرة على رسوله، لكنه كان جريئاً في الحق لا يخاف في الله لومة لائم!
هذا هو أبو بدر، عملاق في زمن تقزّم فيه الكثير، واليوم يأتي أحد هؤلاء الأقزام يعترض على تكريم هذا الرمز الذي ندر أن تنجب الأرحام مثله! هزلت وسامها كل مفلس!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *