علي محمود خاجه

في دبي

علك “بوسهم” كما نسميه في الكويت تعود ملكيته لويليام ريجلي الذي أطلق مشروعه الصغير في عام 1891 بمدينة شيكاغو الأميركية، حيث كان هذا المشروع المتواضع متخصصاً ببيع الصابون وبودرة الطعام ويقدم العلكة كهدية مجانية للزبائن، حققت العلكة المجانية التي يقدمها للزبائن رواجا أكبر من منتجاته الأساسية ليحول السيد ويليام ريجلي نشاطه إلى إنتاج العلكة لتصبح شركة ريجلي اليوم أكبر شركة منتجة للعلك على مستوى العالم.
أغتاظ فعلا عندما أسمع الكثير من المواطنين يتذمرون من حال الكويت مقارنة بالإمارة الجميلة دبي، فعبارة “شوفوا دبي” دائما ما يسبقها انتقاد لوضعية معينة في الكويت مثلا “ما عندنا مطار نفس العالم وشوفوا دبي”، هذه العبارة وغيرها من العبارات سليمة وصحيحة وقائمة على أسس مفهومة أيضا، وليست هي ما يغيظني بقدر ما يستفزني أن يكرر الكويتيون، والكويتيون تحديداً، مثل هذا الكلام ولي أسبابي.
لنقيّم تجربة دبي ونتفق بعدها إن كنا سنتمكن أن نكون “دبي” ومن المتسبب فعلا في عدم قدرتنا على الوصول لنموذج دبي، فتلك الإمارة التي ستتخلص من الاعتماد في ميزانيتها على النفط قريبا جدا هي باختصار قائمة على الحرية الشخصية وصرامة القوانين بالمقام الأول، وإن كنت أستثني حسبما أسمع “الحرية السياسية”، فالكل هناك حر في دينه أو لا دينه في سكره أو صلاته في جنسيته أميركية أو أوروبية أو آسيوية دون تمييز أو أفضلية أو ازدراء.
في دبي تستطيع الذهاب للمسجد أو الملهى لا مشكلة ولا نظرة دونية ولا مبالاة طالما التزم من ذهب للمسجد أو الملهى بالقانون، في دبي كل الفعاليات متاحة وكل نجوم الترفيه في العالم مرحب بهم لإقامة فعالياتهم وأنشطتهم دون خوف من تهديد نيابي أو تصعيد شعبي، في دبي القطاع الخاص يبني ويعمر ويطوّر ويحصد الأرباح وتنطبق عليه القوانين بعيداً عن مصطلحات “حيتان” و”كلونا”، والكل له الحق في المنافسة ودخول السوق.
في دبي مخالفاتك المرورية لا يتم تجاوزها إن كنت تعرف المسؤول، في دبي يصرح حاكمها بأنه يريد من الجامعات ترشيح وزراء شباب دون تحديد انتماءاتهم العائلية أو الدينية أو القبلية بل مستوى الكفاءة.
بعد تلك الأمثلة عن دبي يتضح أن هناك شقين لنجاحها: الأول والأهم برأيي هو الشق الشعبي، والآخر هو الشق الإداري والرؤية، وسؤالي متعلق بالشق الشعبي تحديدا وموجه إلى كل متذمر كويتي، هل تقبل بأن تفتح الكويت للكل وما يصاحب هذا الانفتاح من إباحة لكل شيء تمكن الجميع من العيش دون قيود؟ وهل تقبل بألا ترى نفسك بمنزلة أعلى من الجنسيات الأخرى لمجرد أن الجينات جعلتك كويتيا؟ وهل تقبل بألا تُستثنى بوزارات الدولة ومؤسساتها لمجرد معرفتك بمسؤول هنا وهناك؟ وهل تقبل بأن يكون معتقد الناس ولباسهم وأفكارهم وعاداتهم اليومية شأناً خاصاً بهم لا يمسّك أو تمسّه؟ إن قبلت بكل ذلك حينها فقط يمكن أن تكون الكويت كدبي.
أما بالنسبة إلى الشق الإداري والرؤية وانعدامها في الكويت فهو مبحث كتبت عنه سابقا، وسأستمر في الكتابة عنه مستقبلا.

ضمن نطاق التغطية:
لو كان ويليام ريجلي اليوم في دبي لتمكن من أن يكون إمبراطوريته هناك، أما لو كان في الكويت فلن يتمكن من فتح شيء أكبر من محل بقالة… هذا هو الفرق.

ته.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *