اسامة العبدالرحيم

« العلّامة المستنير فضل الله .. الفقيه العضوي »

سأبدأ مقالتي بإقتباس للفقيد الراحل السيد محمد فضل الله:

أن تكون إنساناً أن تخرج من سجن ذاتك ..

أن تكون إنساناً أن تكون كل هذا الهواء الطلق الذي يُعطي الفضاء حيوّيته ..

أن تكون إنساناً أن تعيش الإنسان كُله في معنى إنسانيتك لأن معنى إنسانيتك أن تشعر أنك جزء من كل هذا الكيان الإنسانيّ ..

نعم هو الفقيه العضوي وفق مفهوم المفكر الماركسي أنطونيو غرامشي للمثقف العضوي الذي يكون ملتصقاً بمشاكل وهموم المجتمع ويدرسها لتوعية الناس كيّ يكونوا قوة فاعلة حقيقية في تغيير واقعها إلى الأفضل ، كان الفقيد الراحل محمد فضل الله يحمل فكراً إنسانياً مستنيراً يدعو فيه للتعايش وتقبل الإختلاف الديني أو الفكري في قوله:” إن اختلاف الفكر لا يعني أن نفقد الحب فالحب إنسانيٌّ يُغني إنسانيتنا و يفتح لنا الطريق إلى أن نتفاهم ونتفق لأن طريق العقل هو القلب ” .

استند فكره الإنساني القويم على نبذ جميع أشكال التعصب الطائفي أو العنصري ، وأكد أيضاً في رسالته على الإنفتاح و الحوار مع الآخر بالإضافة إلى تأكيده على المقاومة ودورها الإنساني من حيث رفضها للظلم و انتصارها للمظلوم ، العقلانية كانت أحد سماته الرئيسية فقد كان يؤمن بأن مواقف وأعمال الإنسان هي التي تحدد مكانته وقيمته في الحياة و ليس دينه أو فكره ، و لا يمكن أن ننسى الجرأة في طرحه التي أثارت جدلاً في الوسط الإسلامي بالدفاع عن حقوق المرأة و مساواتها مع الرجل بالإنسانية فقد كان الفقيه الراحل يتميز عن غيره من الفقهاء بالرؤية الواقعية الحكيمة و التفكير العقلاني خارج الصندوق المغلق بعيداً عن التعصب التاريخي ، حيث رأى بأن الإنعزالية عن الواقع بالرجوع إلى التاريخ لإعادة إنتاجه بأدوات الماضي يكشف عن مشكلةٍ في فهم البُعد الإنساني للتاريخ بحيث يتحوّل التعصب للتاريخ و أدواته إلى ظاهرة صنمية وهذا أحد أهم أسباب غيّبوبية الفكر الديني في الوقت الراهن .

لذلك نجد بأن الفقيد الخالد محمد فضل الله كان مُحارباً و لا زال يتعرض لهجوم وحملات تكريهية تشويهية و إقصاء من قِبل الإسلاميين المتطرفين و كان رده عليهم جميلاً ويُدرّس قائلاً:” حاولوا أن لا تحقدوا لأن الحقد يقتل إنسانيتكم و أنا أشفق على إنسانيتكم أن تُقتل ، حاولوا أن تحاوروا لأن الحوار يحل الكثير من المشاكل ، حاولوا أن تقرؤوا لأن مشكلة الكثير مِن مَن رجموني بحجارة الكلام لم يقرؤوني جيداً ، إنني أفتح كل عقلي لكم فتعالوا إلى عقلٍ يعانق عقلاً ،و أفتح كل قلبي لكم فتعالوا إلى قلبٍ ينبض بنبضات القلب الآخر ” .

نحن بحاجة بأن يسود هذا الفكر الوطني الجامع بالحوار و الإنفتاح بين الأديان والحضارات والثقافات مع تعزيز ثقافة الإختلاف و ليس الخلاف ، فالإختلاف أمر إيجابي وصحي لتطوّر المجتمعات الإنسانية .

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

اسامة العبدالرحيم

للتواصل:

Twitter: @OAlAbdulrahim

Email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *