عيد ناصر الشهري

صندوق المشروعات الصغيرة ثقيل.. بطيء.. يتهدده الفشل

كتبت مقالا عن الصندوق الوطني للمشروعات الصغيرة في مايو الماضي في الزاوية نفسها، وكانت توصية ذلك المقال هي خلق منطقة تجمع الجامعات ومراكز الابحاث والشركات الخاصة لتوفير بيئة مناسبة للابداع، وتمت متابعة اعمال الصندوق منذ ذلك الوقت للتعرف على نشاطه واستراتيجيته، وتبين ان التغيرات التي يمر فيها الصندوق في الوقت الحالي سوف تؤدي حتما الى فشله في الدور المطلوب منه وافلاسه.

فشل الشركة السابقة

قامت فكرة الصندوق الجديد بعد فشل شركة المشروعات الصغيرة في الاستثمار وخلق فرص عمل، حيث تم اقرار مبلغ ملياري دينار للنهوض بالمشاريع الصغيرة في الكويت، والسبب الرئيسي لفشل الشركة الحكومية السابقة هو خوف القائمين عليها من المبادرة، لان اي خسارة محتملة تؤدي الى التشكيك والعزل من الوظيفة، وفي حال الربح لا يحصل الموظفون الا على مكافأة محدودة، لذلك يتم خلق بيئة تشجع على عدم العمل وتبقي الاموال مجمدة في البنوك.

مرحلة التأسيس

أصدر القائمون على الصندوق الوليد استراتيجية قائمة على التشارك مع المؤسسات المحلية والعالمية لتنفيذ برامج تساعد المبادرين والشركات الصغيرة على تفادي الاخطاء والتعلم من المبادرين الناجحين، وكان من المهم عدم الاعتماد على قرارات موظفي الحكومة للاستثمار في المشاريع المعروضة، والسبب هو عدم وجود حافز لهم لاتخاذ قرارات جريئة لمصلحة المبادرين، وتأخر الفريق في التنفيذ لمدة ثلاث سنوات وتم اصدار برنامج للتعاون مع بنك الخليج لتوفير قروض لتلك المشاريع.

تغيير الحرس

ثم تم تعيين مديرين جدد لتنفيذ الاستراتيجية الجديدة، لكن خبرة المديرين الجدد تدل على التوجه للاستثمار المباشر في الشركات الصغيرة، وسوف يراهن المديرون على رواد الاعمال الجدد وقد يتخذون مخاطرة غير محسوبة، وبسبب الطبيعة الحكومية للصندوق، لا يكون هناك اي حوافز واضحة للادارة التنفيذية الجديدة، وسوف يواجه مصير شركة المشروعات الصغيرة نفسه، والاخطر هو عدم وجود هدف واضح للادارة الجديدة، وقد تكون هناك اهداف غير معلنة وهي خلق عدد محدد من فرص العمل او المساهمة في نسبة محددة من انتاجية الدولة خلال فترة زمينة محددة، الا انه لم يتم نشر هذه الاهداف للشعب، ولا يوجد هدف ربحية محددة للصندوق، مما يعني بالضرورة تقبل خسارة كامل رأس المال.
ولن يقوم المسؤولون عن الصندوق بنشر الاداء او ربحية الصندوق بشكل سنوي، وتعتبر السرية سمة جميع المؤسسات الحكومية لاخفاء الفشل والتقاعس وتجنب الانتقاد.

مركب واحد ونوخذتان

تبين من القانون الجديد وجود خلل في الادارة وتشتت المسؤولية، حيث يقوم اعضاء مجلس الادارة المتفرغون بدور تنفيذي وكذلك يقوم المديرون التنفيذيون بدور مشابه، والخلل هو عدم وجود شخص واحد مسؤول عن الاداء وتنفيذ الاستراتيجية، ويصبح الصندوق اشبه بالمركب «اللي فيه نوخذتين ويطبع (يغرق)» ولا يوجد اي مسؤول في الدولة يستطيع توضيح او تحديد الاداء المطلوب من المديرين التنفيذيين.

البنك الحكومي

لذلك سوف يكون الاداء المتوقع للصندوق شبيها بالصناديق السابقة او المؤسسات المستقلة الحالية، حيث سيتم استثمار المبالغ في البنوك وتوفير الدعم لمشاريع محدودة وصرف رواتب اكثر من الارباح المحققة، وسوف يسجل الصندوق خسائر متتالية او ارباحا محدودة من الفوائد البنكية، ولن يتم خلق فرص كافية لمواجهة تحدي البطالة القادم، وسوف يتحول الصندوق الوطني الى بنك حكومي متخم بالودائع وثقيل الحركة ويخدم مصلحة كبار المديرين التنفيذيين اكثر من خدمته للمبادرين الشباب.

الانجاز الزائف

يجب تحديد هدف واضح قابل للقياس والمتابعة والتنفيذ، وتحد حقيقي يسعى القائمون على تنفيذه، ويجب ان يكون الهدف مصحوبا بقياس ربحية حتى نضمن الاستمرارية وعدم خسارة رأس المال، وقام وزير التجارة مؤخراً بالاحتفال بتمويل 40 مشروعا، واذا تم اعتماد هذا العمل فانه يعد انجازا، يصبح هدف الصندوق هو استثمار مبلغ 20 مليون دينار سنويا، وهو انجاز بلا قيمة حقيقية ولا يعبر عن اي رؤية تم تحقيقها، لذلك سنقوم بتحديد هدف للصندوق، ونشجع القائمين على صياغة هدف مناسب مختلف اذا كان لديهم الرغبة في العمل الجاد.

خلق 25 ألف وظيفة

نقترح ان يكون هدف الصندوق هو خلق 25 الف فرصة عمل سنويا، وهو نفس رقم الشباب الذين يتخرجون من الجامعات بنفس الفترة، وقد يكون هذا التحدي صعبا جداً، لكنه الهدف الاسمى للدولة وهو ضمان توافر الفرص الوظيفية لمواطنيه.
ومن البديهي ان تكون هذه الوظائف دائمة وليست مؤقتة، وليس من الضرورة ان يقوم الصندوق بالاستثمار المباشر لتحقيق هدفه، بل الانسب هو التعاون مع الشركات الاستثمارية العاملة حاليا والبناء على خبراتهم للوصول الى الاهداف المرجوة. ويجب الالتزام بهذا الهدف وتقبل الخسائر المرحلية، لكن يجب ان يكون هناك هدف مناسب للربحية على المدى الطويل، وان تكون اعلى من العائد على الودائع المصرفية حتى لا يميل المديرون نحو عدم الاستثمار والاحتفاظ بالنقد في البنوك لضمان وظائفهم فقط مثل باقي المؤسسات الحكومية، ويجب نشر العائد الوظيفي والعائد الربحي بشكل سنوي واعلام الشعب بما تم تحقيقه في ادارة اموال الشعب، وهو ما يعتبر شبه المستحيل في المؤسسات الحكومية.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عيد ناصر الشهري

شركة الأجيال القادمة للاستشارات
e7sibha@
* تقدم الشركة خدمات إعادة هيكلة للشركات المتعثرة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *