عبداللطيف الدعيج

نعم للمراجعة.. لا لعودة التحالف

المصالحة المطروحة، بشكلها وظروفها وشروطها الحالية، تعني ان تعود الامور الى مجاريها بين النظام وحلفاء الامس. اي احياء التحالف الثلاثي، الحكومي ــ الديني ــ القبلي، او وفقا للتجارب السابقة اعادة معاناة القوى الوطنية الديموقراطية، وتعطيل اي جهود او خطوات على طريق التنمية.
الوضع المأساوي الذي نعيشه الآن تتحمل السلطة جزءا منه، لكن بالتأكيد ليس كله. وليست هي المسؤول الاول عنه. التردي السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي وصلنا اليه هو مسؤولية مشتركة بين السلطة ومجاميع التخلف، التي بزت السلطة مؤخرا في معاداتها للحريات، وفي وضعها للعثرات في طريق التنمية. صحيح ان السلطة قد اعطت الضوء او اختطت طريق التدهور عبر تزويرها للانتخابات، وعبثها بالجداول الانتخابية، ثم تجنيسها العشوائي وتعطيلها غير الدستوري لمجلس الامة، صحيح ان هذه شكلت الانتكاسة الاساسية للديموقراطية في الكويت. لكن صحيح ايضا انه منذ التحرير وحتى الان فإن المساهم الاكبر في العبث بالنظام الديموقراطي هم شركاء السلطة وحلفاؤها في المرحلة السابقة. الذين استلموا راية الردة ويرفضون تسليمها اليوم.. حتى للربيب الاول.

الذين يتألمون ويستصرخون ويتشكون اليوم من التعسف المزعوم للسلطة. هم وليس احدا غيرهم من سنّ القوانين، وحتى الاعراف التي تستثمرها مؤسسات النظام هذه الايام لكبت الآراء وفرض الرأي الرسمي على الآخرين بالقوة. ومن نافل القول هنا ان الرأي الرسمي هو في الغالب رأي مجاميع التخلف، او رأي التحالف الثلاثي بشكل عام، وليس بالضرورة رأي القوة السياسية وحدها. هم من طالب بإغلاق القنوات، وهم من هدد واستجوب الوزراء لتهاونهم المزعوم مع حرية الرأي. وهم، ولا احد غيرهم، من استن سنن منع الآخرين من دخول الكويت وترحيل المعارضين.
الوضع المأساوي الذي نعيش مسؤول عنه بالدرجة الاساسية المعارضون الجدد. الذين استرخصوا التعدي على القوانين، وتلذذوا بانتهاك الدستور وأسسوا اخلاقيات وأعراف القمع والكبت، التي اقتفت أثرها المؤسسات العامة هذه الايام. فهم من أدانوا الغير بلا دليل، وهم من جرجروا الناس الى المحاكم استناداً الى الإشاعات والاقاويل.
ان الدستور صريع التآمر الرجعي عليه. والقوى الرجعية في المجتمع هي القوى الاجتماعية ــ بغض النظر عن قربها او بعدها عن السلطة ــ من التي تتعارض معتقداتها، مثل مصالحها مع النظام الديموقراطي.. بغض النظر عن قربها او بعدها عن السلطة.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *