عبدالله غازي المضف

لماذا قلنا «الحدّاقْ» و«الشاوي»؟!

عندما نرى الصور الفوتوغرافية تُلتقط بشكل طولي على متن الطائرة أو الهليكوبتر، حينها فقط سوف تتكشف لنا معالم وتفاصيل المدينة كاملة، فيتحول عندئذ كل شيء ضخم إلى حشد من الأقزام، وتتشكل صورة شديدة الواقعية في عقل الإنسان تعكس حقيقة التطور العمراني لبلده ونهضته.. تلك التقنية الفوتوغرافية كنت قد استعنت بها في مقالي الأخير «الحدّاقْ والشاوي» على نحو صحافي مكتوب.. كيف؟ عدت بالذاكرة إلى الوراء قليلاً، حيث الأحداث السياسية التي بدأت منذ خطاب مسلم البراك في ساحة الإرادة وردده الكثيرون قبل عامين ونصف العام، واخترت لكل مرحلة كلمة أو جملة واحدة يكون لها مفعول «الفلاش باك».. عندما أفرغت من سرد تلك الأحداث الكثيرة في مقال واحد، تكشفت لدي ولدى الكثيرين الحجم الحقيقي لتلك الأحداث السياسية التي طالما أفزعت أهل الكويت، على حين أنها بدت لنا الآن على الورق كنسمة هواء ونحن نقرأها دون انفعال نفسي أو قلق.. جميع ما سبق كان يدفع برأسي سؤالاً واحدا وأنا أقرأ تعليقات المغردين في تويتر: شدخل الوحدة الوطنية الآن؟! وكيف ذهب البعض إلى تحليل كلمتيّ «الشاوي» و«الحداق» تاريخياً، وربطها بالتركيبة السكانية في الكويت؟! كيف ساقوا إسقاطنا السياسي سوقاً إلى اتهام فئوي مُقيت! فمهنة «الشاوي» مهنة شريفة وجدت منذ قرون عدة واستمرت إلى وقتنا الحاضر، ومن يذهب بسيارته إلى طريق الوفرة فسيجد حينئذ العشرات من «الهنود» و«البنغال» يقودون قطيعاً من الغنم على مرأى من الجميع، ومن يذهب للتفسح في سوق السمك فسيجد، أيضاً، عشرات الإيرانيين «الحداقة» هناك يستعرضون بضائعهم، فأين الفئوية إذاً؟!
أيها السيدات والسادة.. حتى لا نخوض بالموضوع كثيراً ونعطيه زخماً أكبر من حجمه، فالمقصود من هذا الإسقاط السياسي هو مقارنة صفات «الحداق» التي تمتاز بقوة الصبر، والهدوء، وطول البال.. و«الشاوي» الذي يقود قطيعا بالصراخ إلى هنا وهناك مُستدلا بفطرته إلى الأمام، بلا توقف، وإلى حيث لا يدري: هل تذكركم تلك الصفات «سياسيا» بأحد؟
وحتى نُقفّل هذا الموضوع على مصراعيه، فإننا إذ نؤكد أن لطمية «الوحدة الوطنية»، ووصاياها، ودروسها، وترانيمها ليست الا اسطوانة مشروخة كنا قد صممنا آذاننا عنها منذ أزل، ولا نحتاج أحدا من إخواننا الاعزاء في «الحراك» أو غيرهم لينثرها علينا ابدا.. فحب الكويت، وحب اهلها، وصون دستورها ووحدتها مفاهيم تسري في دمائنا منذ أن ولدنا، فنكبح من أجلها غضبنا وسخطنا ومشاعرنا ودمنا الفائر.. وأكبر دليل أنه عندما «بربر» صاحبهم على تاريخ «أسوار الكويت» بلعنا «موسىً» وقتها وسكتنا كرمال عيون الوحدة الوطنية وأهلها.. فمان الله!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *