عبداللطيف الدعيج

دواعشنا منا وفينا

لفت انتباهي خبر عن قيام تنظيم الدولة الاسلامية في العراق بفرض صيام شهر رمضان على الطائفة الازيدية او ما تبقى منها. وحسب الخبر فان التنظيم لم يعن بفرض هذا الصيام على الطوائف الاخرى كالمسيحية مثلا. مما يعني انه يعتبر الطائفة الازيدية «من المسلمين»… وما داموا كذلك فلم استبحتم نساءهم واستعبدتم اطفالهم وجزيتوا رؤوس اليافع منهم؟!
لكن هذا بالطبع ليس مهما. فلست في مجال مناقشة عقائد التطرف والارهاب. لكن «فرض» الصيام بالقوة في الدولة هو ما لفت نظري في الواقع. وهو المثير في الخبر.. فنحن هنا «دواعش» بامتياز، حيث اننا نفرض الصيام على الناس بالقوة او نعاقب المجاهر بالافطار بحجة إثارته لمشاعر الصائمين!
معاقبة من يجاهر بالافطار او فرض الصوم على المواطنين امر دخيل وجديد على الكويت. وانا اعرف هذا من التجربة والممارسة، وليس وفقا لتاريخ أو أدلة قانونية. وهو تقليد جلبته «الصحوة» الاسلامية في منتصف السبعينات. وقبلها لم يكن هناك قانون معاقبة لمن يجاهر بالافطار.
عندما كان «سبيل الدعيج» مصدرا اساسيا لاطفاء عطش الناس، وليس مكانا لتجمع القاذورات كما هو الآن بعد ان صادرته او عممته، تحت ضغط ورغبة السلف والتلف، وزارة الاوقاف. عندما كان كذلك منذ انشائه في بداية القرن الماضي وحتى السبعينات. كان يخدم الناس الصائمين والفاطرين ايضا. فقد كان تحت العمل اربعا وعشرين ساعة في رمضان وفي غير رمضان. السبب في ذلك ان هناك العطشى من النساء، ممن لا تسمح حالتهن الفيزيائية بالصيام، والعطشى من الاطفال، وهناك، وهذا هو المهم، عابر السبيل والمسافرون القادمون من الصحراء، وهم من اعفوا ربانيا من الصيام. هؤلاء جميعا، كانوا يشربون «جهارا» نهارا من السبيل، ولم يكن يعترض احد او تتأذى مشاعر صائم.
ظل الحال كذلك الى ان جاءنا احد ابناء الحلال، منبها الى ان الشرطة اخذت «تجقد» المساكين من العمال الايرانيين، الذين كانوا يعملون في القيظ ويضطرون الى ان يبردوا كبودهم بماء السبيل، وهو الفعل الذي تعودوا عليه في رمضان وغير رمضان. المساكين لم يعلموا بالقانون والداخلية لم تنبهنا نحن الى ضرورة «الانصياع» للقانون وإغلاق السبيل. وابن الحلال استخدم كلمة اذكرها جيدا «انتو استأثمتم في هالمساكين». ودرءا للاثم واخلاء للمسؤولية صرنا نفضي «الحبوب» من المياه بعد السحور.
لمن يريد ان يجادل في شرعية المجاهرة بالافطار. الشاهد الاول على وصية «السبيل» هو حاكم الكويت في ذلك الوقت المرحوم الشيخ احمد الجابر، والشاهد الثاني هو مفتي الكويت وشيخ الجزيرة العربية كلها المرحوم الشيخ عبدالله الخلف، ولم يوعز لا الحاكم ولا المفتي وقتها للواقف بضرورة تعطيل السبيل في رمضان.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *