عبداللطيف الدعيج

العفو لا المصالحة

أتمنى جدياً ان يشرح لنا البعض معنى «المصالحة»، التي يطالب بها، وان يفسر كيفية تحقيقها ووضعها موضع التنفيذ. إذ على ما يبدو ان معلوماتنا في هذا المجال ليست كافية.
اذا كان مفهوم «المصالحة» هو ان تلغى القضايا والاتهامات التي حوكم وسيحاكم بناء عليها افراد المعارضة. وان يتم العفو الكامل والشامل عمن صدرت بحقهم احكام بالسجن او الادانة. اذا كان هذا هو المفهوم، فهو عمليا وواقعيا طلب «عفو» واسترحام، وليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بمفهوم وشروط المصالحة.
اما اذا كانت المصالحة ان يجلس الطرف الحكومي الممثل للنظام على سبيل المثال، مع اطراف ما يسمى بالمعارضة، وان يقدم كل طرف تنازلا للآخر. اي ان يتخلى عن بعض حقوقه، وان يتنازل عن اي مكاسب حققها سياسيا ضد الطرف الاخر. فالسؤال هنا: ما الذي لدى الاطراف المعارضة من مكاسب او نتائج ايجابية كي تتفاوض عليها؟ وفي المقابل، ما الذي لدى السلطة للتخلي عنه او وقف تنفيذه غير العفو عن المطلوبين والمحكومين؟!
ليس في الامكان إلغاء قانون الانتخاب، فهو اصبح واقعا وحقيقة. خصوصا بعد ان حصنته اكثر من مرة المحكمة الدستورية. وليس هناك امكانية ولا حتى نية لحل مجلس الامة وإجراء الانتخابات بما يتناسب ومطالب المعارضين. اي انه ليس لدى السلطة شيء لتتنازل عنه. وفي المقابل، ليس لدى المعارضة هي الاخرى شيء لتقدمه. فكل ما لدى المعارضة تقديمه هنا هو المشاركة في الانتخابات، وهذا بحد ذاته خسارة واحراج للسلطة، وليس مكسبا تتطلع اليه. لهذا فان دعوات «المصالحة» دعوات فاشلة وغير عملية، وليس هناك اي ذرة من امل في تحقيقها. فهي تعني بكل بساطة نفخ المزيد من القوة والهيبة في شخوص المعارضة، مقابل إضعاف السلطة والنيل ممن ساندها في الفترة الاخيرة.
لهذا فان كل ما تملك الاطراف المعارضة فعله هو الاستمرار في «النضال». او بالاحرى العناد حتى يضمحل وتضمحل.. وغير ذلك اضغاث احلام ونتائج مبكرة لصيام الشهر الفضيل.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *