سامي النصف

القاهرة الجديدة والتشريعات القديمة!

سيكون مشروع القاهرة الجديدة New Cairo حين اكتماله قريبا من وقفات كبرى حدثت في مصر وخلدها التاريخ كحال بناء الأهرامات وشق قناة السويس، ولا شك ان السنوات الخمس الفاصلة بين اليوم واكتمال المشروع ستمضي في حياة أمة عريقة كمصر كحال انقضاء ثوان في عمر الإنسان.. لا أكثر!

***

أول الأسئلة الواجب طرحها هذه الأيام بمصر ومنذ اللحظة الأولى لبدء المشروع الذي تساهم فيه دولة الإمارات هو هل ستطبق في القاهرة الجديدة الأنظمة القديمة نفسها، فيسمح بالتلوث والديزل ووقوف السيارات على الأرصفة والزحمة الشديدة وما ينتج عنها من أتربة سوداء ستغطي مبانيها خلال عام أو عامين من اكتمالها؟ ان كانت الاجابة بالإيجاب فما الفارق النوعي الذي سيحدث بين القاهرة الجديدة والقديمة؟!

***

اما اذا قيل ان القاهرة الإدارية المزمع إنشاؤها ستحظى بقوانين وتشريعات متطورة كالمعمول بها في أغلب مدن العالم المتقدم كالتي تحد من دخول السيارات الخاصة لصالح استخدام المواصلات العامة المحترمة، وسيشجع السكن بالضواحي لا قلب المدينة منعا للزحام وتشجيعا للمفاهيم الجديدة بالبعد عن السكن في قلب المدن، فالسؤال الذي سيطرح هنا هو: ألن يحد هذا من انتقال المواطنين من المدن القديمة (السهلة) التي يسمح فيها بكل شيء الى تلك المدينة «الصعبة» في التعامل؟! وهل يجوز في بلد واحد ان تكون هناك انظمة وتشريعات متغيرة بتغير المدن؟

***

ان الحل المنطقي لإشكال القاهرة الجديدة هو ان تكون هناك تشريعات وأنظمة جديدة على ان يبدأ تطبيقها التدريجي لمعرفة صلاحيتها وملاءمتها للمدن القائمة كحال القاهرة والاسكندرية منذ اليوم، والتي ستبقى مدنا تاريخية عالمية تستقطب السياحة الدولية فيما لو طبقت عليها التشريعات التي تحد من الزحمة والتلوث وتشجع في المقابل السكن في المدن الجديدة الجميلة التي أنشأها القطاع الخاص والقائمة بالضواحي وعلى الطرق الرئيسية المؤدية من القاهرة الى الاسكندرية والسويس.. إلخ، أسئلة تحتاج إلى اجابات، فالعواصم والمدن الكبرى ليست مباني فقط، بل أنظمة وتشريعات.

***

آخر محطة:

(1) كانت لندن حتى عقود قليلة لا تقل تلوثا عن القاهرة حتى خلقت تشريعات بيئية حدت من استخدام الديزل ودخول السيارات الخاصة فأصبح رئيس الوزراء، والوزراء يصلون لمقر الحكومة بالباصات والتاكسي.

(2) سعر تذكرة المترو في القاهرة القديمة هي جنيه واحد بينما تتجاوز التكلفة الحقيقية أكثر من 10 جنيهات، فهل ستطبق معايير الدعم نفسها على القاهرة الجديدة؟

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *