فؤاد الهاشم

استيراد الشوكولاته وتصدير ..التوابيت!!

كنت واحدا من ملايين البشر في المنطقة والعالم الذين فرحوا بسقوط نظام الشاه الديكتاتوري في عام 1979 وتوقعت مثل هؤلاء الناس أن النظام الثوري الجديد سوف يصدر لكل جيرانه وللعالم بأسره علماء الكيمياء والفيزياء والتراث الفارسي الفني وطلبة الجامعات والبعثات الدراسية و..و..و.. وإذا به يقرر أن يصدر إلينا ثورته!! تخيل إنك تحب وتعشق تناول «مرق الشبزي» على الإفطار والغداء والعشاء ثم تفتتح مطعما لاتقدم فيه سوى هذه الوجبات التي ينقلها عمال «الديلفري» إلى المنازل ليجبروا الأهالي بالقوة على تناولها هذا ما فعلته الثورة الإيرانية.

الثورة البلشفية التي قادها عمال العالم في بدايات القرن الماضي لم تكن بحاجة لأن يصدرها أصحابها للآخرين بل كان المستضعفين هم من يسعى إليها سعي «الوحوش الضارية خلف الطريدة الطرية»!! الثورة الفرنسية انتشرت مبادئها عبر العالم لأن الناس تعشق الحرية والمساواة والعدالة ولم يكن الفرنسيين بحاجة لإنشاء «حزب المسيح» في لندن و«الحزب الحوثي والإيطالي» وضخ مئات الملايين عليه تسليحا بالكلاشنكوف حتى تصل «المبادئ» إلى الناس!!
حين قامت الثورة الإيرانية توقعت أن تقام جسور وكباري بين «الفاو» و«بر فارس» تنقل البضائع والعلوم والمعرفة إلى العالم ويتحرك الناس بكل حرية في كل اتجاه فتزدهر التجارة وينتعش الاقتصاد ويتحسن دخل المواطن الإيراني فيختفي الفارق المالي بينه وبين جيرانه في دول الخليج فتزول من الصدور معالم الغيرة والحسد ولوم الذات ..الخ ..الخ!! لكن شيئا من ذلك لم يحدث فما إن قرر الراحل «الخميني» أن يصدر مبادئ ثورته حتى دخلت المنطقة في حرب أحرقت ملايين الأجساد ومليارات الدولارات وتحطمت الاقتصاديات وانتعشت تجارة الموت ولمدة ثماني سنوات كاملة وحين انتهينا من هذا كله ابتدأنا في تبادل الجثث والجثامين والرفات والأسرى وبقايا عظام بشرية وتوابيت نخرة ترقد تحتها ملايين الألغام التي تنفجر بمن بقي حيا في مشروع التصدير.. هذا!!
العالم اليوم لم يعد يرغب في تناول «مرق الشبزي» ثلاث مرات في اليوم بل صارت الشعوب تحب الشوكولاته السويسرية والهامبورجر الأميركية والسوتشي اليابانية و«تمن على قوزي العراقية» وغيرها!! الزمن الآن لم يعد زمن البدلة الموحدة التي اخترعها الزعيم الصيني الراحل «ماو -تسي – تونغ» بل صارت الفترينات تمتلئ بأشكال وموديلات من كل نوع وشكل! العالم يتغير ويتطور والأجيال تأتي بما تشتهيه وترفض إرث الماضي لأن لا أحد يرغب في أن يضع قدمه اليمنى في القرن الحادي والعشرين واليسرى في القرن السابع ..هجري!!
هل تعتقدون أن أحدا من مصدري الثورات سيقتنع بحرف واحد مما كتبته في هذا المقال؟! لا أظن ذلك ولانهم حتى الآن لايعرفون ماذا يريدون ولو عرف الإنسان ماذا يريد لما كان هناك شئ في هذه الدنيا اسمه .. ندم!!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *