حسن العيسى

ليتها وقفت عند رواتب القياديين

يضرب فوكوياما في كتابه الأخير "النظام السياسي والتآكل السياسي" مثلاً عن الفساد وعجز الحكومات عن مكافحته من إندونيسيا في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حين فشلت الحكومة هناك في وضع حد لجريمة الرشوة التي انتشرت في إدارة استيفاء رسوم الدولة من الواردات الخارجية، واضطرت الحكومة عندئذ للتعاقد مع شركة سويسرية لاستيفاء رسوم الدولة المقررة.
ويعطينا الكاتب مثالاً آخر عن الهند حين أظهرت دراسة أن 48 في المئة من المدرسات في القرى الهندية النائية يقبضن الرواتب الحكومية من غير دوام، تلك أمثلة بسيطة، تذكرتها وأنا أقرأ خبر  تقرير ديوان المحاسبة عن قياديين في الحكومة يقبضون رواتبهم رغم انتهاء مدة مراسيم التكليف، يعني الجماعة يحيون في ربيع دائم على مدار العام، لكن من الظلم إدانة هؤلاء القياديين فقط، فهم في النهاية "غيض من فيض" بدولة "أكبر حكومة في العالم"، وهي حكومة الكويت مثلما ورد في تقرير الشال.
 واستمعت مرة إلى أستاذة ذات ضمير تدرّس في معهد "عالي" وهي تقول، إنها تشاهد يومياً معيدات في قسمها، يأتين في الصباح ويضربن كرت الدوام ويخرجن وماكينات سياراتهن تعمل، ثم يعدن قبل نهاية الدوام قبل الساعة الثانية ظهراً، ليضربن كرت نهاية الدوام، ثم يعدن مرة أخرى للدوام المسائي ويداومن لقبض زيادة الإضافي. بكلام آخر، هن يقبضن الرواتب كاملة دون عمل، وكرّسن واقعاً كاذباً بنقص أعضاء هيئة التدريس ليقبضن من الإضافي! عيب عليهن وعيب على هذه الشاكلة من وزارات النوم العميق.
مثل تلك الحكايات السابقة، يصبح أمرها شأناً عادياً مقبولاً لدرجة كبيرة بثقافة "هذا سيفوه وهذي خلاجينه" السائدة بالدولة فلا محاسبة ولا رقابة، ولو فُرِض أن الحكومة- مجرد فرض- تريد مكافحة مثل هذا السلوك، فلن تقدر، فحالها من حال الحكومة الإندونيسية في الخمسينيات أو كحال الحكومة الهندية مع المدرسات في القرى النائية، لكن مع الفرق أن الهند أطلقت مسباراً حول المريخ كدليل عن واقع التنمية والحداثة اللتين تتقدم بهما إلى الأمام من دون ريع النفط ومن دون وفرة الموارد، غير مورد الإنسان الهندي المنتج، بينما الجماعة هنا وقتهم مشغول بملاحقة المغردين، وماذا كتب هذا المغرد، وكيف يمكن متابعة حسابه لمعاقبته…!
الفساد مرتبط بفعالية وكفاءة الحكومة وجهازها الإداري، والعلاقة بين الاثنين عكسية، فكلما نقصت هذه الفعالية، بمعنى تناقص مبدأ سيادة حكم القانون، زادت نسبة الفساد، والعكس صحيح… وياليتها وقفت عند رواتب القياديين أو مدرسات الإضافي…! "الشق عود" بإدارة الدولة، وكيف يمكن مواجهة هذا التسيب وهذا الفساد خلال الأيام المقبلة بكل ما تحمله من "كسافة"؟. الله العالم.

احمد الصراف

عزيزتي زيبا

لفت صديق عربي أميركي نظري، صباح الجمعة، إلى مقال الزميلة زيبا رفيق، الذي ردّت فيه على مقال لي عن شاعر الهند، باكستان لاحقا، محمد إقبال، وذكرت فيه: أن «التطرف الليبرالي ليس أقل من التطرف الديني»! وهنا سأرد عليها، ليس احتراماً لما كتبت، ولا لما تضمنه مقالها من كلمات إطراء تُشكر عليها، ولكن أيضاً لتوضيح أمور غير دقيقة أوردتها، ولبيان ما لم يُتح لي ذكره في مقالي السابق. أولاً يا عزيزتي، لقد ظلمت نفسك وظلمتني بمحاولة وضعي، بما كتبت من كلمات «متطرفة» بنظرك، في كفة، وكل ما ارتكبه التطرف الديني من جرائم غاصت، ولا تزال تغوص الأمة العربية والإسلامية في وحولها المختلطة بالكثير من الدموع والدماء والأشلاء البشرية المبعثرة، في كفة واحدة! وغريب أن تأتي امرأة، وهي الهدف الأكبر لظلم الجماعات الدينية المتطرفة، لتساويني، بما كتبت من كلمات، لم أعتقد أنها متطرفة، مع هؤلاء الوحوش الذين سبّوا أخواتها، وألبسوهن شر اللباس، وأطعموهن الذلّ والهوان، وحرموهن من نسائم الحرية والإنسانية! أليس من الظلم يا عزيزتي، أو تلميذتي، كما أحببت أن تصفي نفسك، أن تضعيني، بكل ما بذلت طوال عقود عدة من الصراع مع التيارات المتخلفة للدفاع عن حقوق المرأة، أن تضعيني في كفة واحدة معهم، وتصبح بضع كلمات لم تعجبك «جريمة ارتكبتها ضد البشرية»، حسب وصفك؟ ما علينا، فلك أن تعتقدي بما تشائين. ولنعد إلى ما تضمّنه مقالك من «هفوات». فقد ذكرت. أن مقالي نُشر بتاريخ 2014/8/27، والصحيح أنه نشر يوم 21 أكتوبر. وذكرت أنني ألصقتُ كل السلبيات بشعب، ونسبت كل الإيجابيات لشعب آخر! وهذا ما لم يحصل، ونص المقال موجود على الموقع التالي www.kalamanas.com، فمن أين أتيت بهذا.. يا عزيزتي؟ ثم وصفت. عدم اطلاعي على حقيقة لغة الأورد بـ«المصيبة الكبرى»، وأنني سردت معلومات تاريخية لم أكلّ.ف نفسي عناء البحث عن صحتها، وأن الصحيح، حسب رأيك، أن الهندية لغة قديمة، أما الأوردو فلغة جديدة بدأت مع قدوم الأتراك والأفغان والعرب والفرس إلى شمال الهند، ونشأت الأوردو من تخالطهم! وهذا كلام أقل ما يقال عنه أنه غير صحيح أبدا(!) فالأوردو، كما ذكرت في مقالي السابق، هي اللغة الهندية نفسها، وليست لغة جديدة، ولكنها تأثرت بالفارسية والعربية، وبدرجة أقل بالتركية، وانتشرت في شمال القارة، وكتبت في مرحلة تالية بالأحرف العربية بتأثير فارسي إسلامي، كما حدث مع اللغة البهلوية الإيرانية. وبالتالي من لغو الكلام وصفها بلغة جديدة، والدليل على ذلك أن أفراد شعبي الهند وباكستان يتكلم بعضهم مع بعض بطلاقة، من دون أن يكلف أحدهم نفسه تعلم لغة الآخر، ولكن عند الكتابة يختلف المسار. ولسبب ما يعتقد البعض أن الأوردو جاءت مع الغزو المغولي للهند، وهذا أيضا غير صحيح، فلغة بلاط المغول كانت الفارسية، وعندما استعمر البريطانيون الهند فرضوا التحدّث بالهندية، مع حق البعض في كتابة الأوردو بالأحرف الفارسية (العربية). كما أن تسمية الأوردو جديدة فقد استخدمها لأول مرة الشاعر غلام حمداني مشافي عام 1780، وكانت قبلها بقرون تسمى بالهندية Hindi. أما عن سؤالك الأخير، المتعلق بمن تسبَّب في قتل وتشريد ملايين الهنود عند انفصال الهند، فردي أن الجواب مستحيل، فالخطأ شمل الجميع، ولكن خطيئة إقبال، الشاعر المرهف الحس، كانت الأكبر. وربما نعرف اليوم أن الهند كانت المستفيد الأكبر من انفصال مئات ملايين المسلمين عنها! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

فؤاد الهاشم

مدرس.. إبليس!

من أفلام الزمن الجميل -ذات اللونين الأبيض والأسود التي أحب مشاهدتها على الدوام- فيلم «سي عمر» للكوميديان الراحل «نجيب الريحاني» وهو من إنتاج 1941 يتحدث عن رجل فقير يعمل في مزرعة لأحد الأثرياء يديرها وكيل أعماله «اللي يأكل مال النبي» كما وصفه بطل الفيلم «الريحاني» في أحد مشاهده الضاحكة! يطلب «الوكيل الحرامي» من الموظف «الغلبان» أن يسجل مبالغ وهمية في كشف مصاريف المزرعة منها «خمسون جنيها» قيمة خروف يستنكر الموظف هذا الرقم وينصح الوكيل بأن يقسم المبلغ تحت بند «شيء لزوم ..الشيء» فيسأله هذا عن معنى كلامه فيقول: «خمسة جنيهات سعر الخروف وجردل ماء بثلاثة جنيهات لشرب الخروف وخمسة جنيهات قيمة فحص طبيب بيطري لصحة الخروف وأربعة جنيهات قيمة برسيم وفول لأكل الخروف .. شيء لزوم الشيء.. وهكذا حتى ترتفع مصاريف الخروف إلى أكثر من الرقم الذي حدده الوكيل أصلا ثمنا له»!! ينبهر وكيل المزرعة بقدرة هذا الموظف وذكائه ويطلق عليه لقب ..«مدرس .. إبليس»!! متابعة قراءة مدرس.. إبليس!

مبارك بن شافي الهاجري

عاشت مصر

يا قاتلين العساكر في بلاد السلام

مصر العروبة جنود الحق من دونها

يا فرز الارهاب والتخريب جُند الظلام

أقرب اسرائيل لكنْكم تهابونها!!

عاشت مصر رغم أنوف آبائكم يا لئام

إن قدّر الله فشلتوا ما تحَكْمونها

د.فيصل المناور

«كتاتيب البدون»… كارثة إنسانية في مركز الانسانية

كلنا تابع في الايام الماضية، قضية اقصاء أطفال الكويتيين البدون من غير الحاملين لوثيقة شهادة الميلاد من مدارس التعليم العام، ان هذا الإجراء الحكومي كان قاسيا ومريرا على فئة تكافح بكل قوتها من اجل إيجاد بارقة أمل لنيل بعض الحقوق الانسانية في مركز الانسانية.
ان هذا التمييز والإقصاء ليس بمبرر ولن تجد له اي تفسير منطقي يمكن للحكومة ان تستند إليه، لان هذا التمييز لن تجني منه الكويت الا سمعة سيئة في إطار المنظومة العالمية، فما ذنب ذلك الطفل الصغير الذي هو في الأساس ضحية سياسات عنصرية ضد فئة اجتماعية حرمت من كل حقوقها الانسانية؟ لماذا يواجه أطفال الكويتيين البدون خطر الجهل والتهميش والإقصاء التعليمي؟ هل فعلا نحن في بلد يعد مركزا للإنسانية على المستوى العالمي؟ متابعة قراءة «كتاتيب البدون»… كارثة إنسانية في مركز الانسانية

مبارك الدويلة

آن الأوان

آن الأوان لوضع حد لهذه المسيرة المبعثرة للعمل السياسي والعلاقات السياسية في الكويت. آن الأوان كي تضع هذه الحرب الخفية والعلنية أوزارها. وحان الوقت كي نصرخ بصوت عالٍ أن كفى ضياعاً للبلد، فقد وصل الأمر إلى أن «نكون أو لا نكون»! وأصبح الأمن الوطني في خطر، ونحن ما زلنا نتعامل بنفس أبجديات العمل السياسي، الذي كنا نتعامل به قبل خمسين سنة ماضية! الحكومة مصرّة على عنادها، والمعارضة متشبثة بثوابتها! الحكومة ترى في النظام الذي ابتدعته «فانوس علاء الدين السحري»، الذي حققت من خلاله كل ما كانت تتمناه وأكثر، والمعارضة تعتقد أنه النظام الذي ظاهره الرحمة وباطنه العذاب! صحيح أن المعارضة حققت مكاسب محدودة من خلال مقاطعتها للانتخابات، إذ لا جدال في ذلك، فلولا المقاطعة لما اقتنع الناس بأن المعارضة لم تكن في يوم سبباً في تعطيل التنمية، فها هي الحكومة تتعامل مع مجلس في جيبها، كما يقولون، ومع هذا مازالت عجلة التنمية بطيئة ودون الطموح، كما أن غياب رموز العمل الوطني والسياسي جعل هذا المجلس ربما مجالاً لتهكم عامة الناس وتندّرهم في مجالسهم، مما زاد من قناعتهم بأهمية وجود المعارضة السياسية في السلطة التشريعية! متابعة قراءة آن الأوان

عادل عبدالله المطيري

حرب البترول القادمة

هناك حرب مستعرة بجانب الحرب الدولية ضد داعش وربما لا تقل ضراوة عنها، إنها حرب من نوع آخر ـ طابعها اقتصادي وسلاحها البترول والدولار وأهدافها سياسية واستراتيجية، إنها الحرب البترولية القادمة.

يبدو أن بعض الخليجيين قد ضاقوا ذرعا من التدخل الإيراني في شؤون المنطقة، ففي كل صراع عربي تكون إيران حاضرة فيه، فكان لا بد من مواجهة إيران ولو بطريقة غير مباشرة ـ كالحرب البترولية ـ و لما لا؟

فالبترول سلاح ذو حدين ليس بالمفهوم السلبي بل بالمفهوم الإيجابي، فكما يمكن استخدام قطع إمدادات البترول أو التقليل منها لرفع الأسعار عاليا ومعاقبة «دولة مستهلكة» ـ يمكن أيضا إغراق السوق بالبترول وتنزيل أسعاره بشكل حاد ومعاقبة «دولة منتجة».

إيران وبالرغم من الحصار الاقتصادي المفروض عليها لعدة سنوات مازالت مستمرة في تمويل المليشيات المتطرفة التابعة لها ـ كحزب الله والحوثيين وبعض التجمعات في العراق، ناهيك عن دعمها لنظام بشار في سورية.

تعاني إيران عجزا مستمرا في الموازنة العامة بلغ العام الماضي أكثر من 30 %، ومع ارتفاع نسبة التضخم لأكثر من 40%، مما تسبب في انهيار العملة الإيرانية بأكثر من ٥٠% منذ فرض العقوبات الاقتصادية عليها.

إيران لا يسمح لها بتصدير أكثر من 1.3 مليون برميل نفط يوميا، ومع نزول أسعار البترول بنسبة 20% منذ بداية العام الحالي وارتفاع الدولار بأكثر من 9% أمام سلة العملات الرئيسية، فإن خسارة إيران ستكون «مزدوجة» فمن جهة ستنخفض العوائد البترولية ومن جهة أخرى سيستمر نزول التومان الإيراني أمام الدولار.

الخليجيون هم ملوك النفط بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث يتصدرون الدول الأكثر إنتاجا له، واستفادوا ولسنوات عديدة من ارتفاع أسعار البترول وكونوا فوائض مليارية كبيرة ستساعدهم في حربهم هذه عندما تنخفض أسعار البترول مستقبلا.

ختاما: أقدام إيران تزداد انزلاقا في وحل الثورات العربية، فالميليشيا التابعة لها في مواجهات مفتوحة في لبنان وسورية والعراق واليمن وبحاجة إلى دعم مادي كبير ومستمر ـ ستعجز إيران عن تأمينه مستقبلا، خيار الحرب البترولية وبالرغم من قساوته إلا أنه أفضل الخيارات المتاحة.

* ملاحظة أخيرة: مهما ازدادت «الحرب البترولية» ضراوة فلن تنخفض أسعار البترول اقل من مستوى 70 ـ 80 دولارا للبرميل، وهو نفس تكلفة إنتاج برميل النفط الصخري، والذي يوفر منتجوه للسوق اكثر من 5 ملايين برميل، عند هذه المستويات السعرية سيتوقف إنتاج النفط الحجري وسيزداد تلقائيا الطلب على النفط السائل وسيرتفع السعر مرة أخرى.

سعيد محمد سعيد

قصة… «جلاد»!

 

في الحج، من السهل اليسير أن يدفعك الفضول الصحافي، الطبع الذي يغلب التطبع، لأن تستزيد من قصص الناس، تعرفهم أو لا تعرفهم، خصوصاً أولئك الذين بالإمكان – مع قليل من العيش والملح – أن يفضفضوا لك بما يجيش في صدورهم.

في سيارة الأجرة المتجهة إلى شارع عبدالله خياط، أحد أشهر شوارع مكة، حشرت نفسي مع مجموعة من الحجاج المتكدسين في السيارة، فليس من الهين الحصول على شبر في سيارة أجرة تقف ليتهافت عليها الحجاج من كل الجنسيات.

وتستطيع في ذلك الازدحام أن تختبر صبرك وطول بالك في المشوار الذي يطول بسبب طوابير الحافلات و(السيكس ويلات) وتحويلات الطرق التي تزيد من المشكلة، بسبب إغلاق هذا المنعطف أو تحويل السير في ذلك الاتجاه وهكذا.

نعود إلى الفضول الذي دفعني للحديث مع الراكب الأخير الذي بقي معي في سيارة الأجرة، ومدخل الحديث هو الدعاء لأن يتقبل الله من الحجاج سعيهم ويغفر ذنوبهم. ذلك الراكب، من جنسية عربية، كان يحمل في سره الكثير الكثير من المآسي التي لم يجد لها مفتاحاً للراحة النفسية إلا بحج بيت الله الحرام وطلب التوبة. ولكن، أي جرم مهما عظم، سيغلق الله أمام فاعله باب التوبة؟ لا والله، فبابه مفتوح لسائليه، لا سيما العاصين.

فتح لي الرجل قلبه ليتحدث بمرارة: كان يعمل مسئولاً أمنياً في إحدى الدول العربية الأفريقية قبل أن يترك عمله قبل بضع سنين قليلة مضت، ويعمل عملاً حراً في مجال المقاولات. وفي سيرة حياته المهنية الكثير من المصائب التي تجاوز فيها حدوده مع الناس، الأبرياء منهم والمذنبين. هكذا كان يقول: ظلمت الكثير من الناس. عذّبت الكثيرين. لم أرحم طفلاً ولا شاباً ولا حتى امرأة ضعيفة. كنت أشعر أنني في موضع قوة وسلطة ونفوذ. آخذ البريء بجريرة المجرم. رضا الكبار مقدّم على رضا رب العالمين.

لكنه منذ سنين، بدأ يفقد طعم النوم. الكوابيس تلاحقه في كل ليلة. حتى علاقته مع أسرته وأهله وأصدقائه تأثّرت فيما تضاعف نظرات الاحتقار والصد من جانب الناس عذابه وآلامه. لا حول ولا قوة إلا بالله. أسأل الله أن يتوب عليّ… ثم توقف عن الكلام.

حالة صمت سادت السيارة الصغيرة، ليتحدث سائق التاكسي العربي الجنسية فيقول: “يا أخي… إن الله سبحانه وتعالى يقبل توبة العاصين والمذنبين. إن شاء الله يصفح رب العالمين عنا وعنك وعن كل هؤلاء الحجاج… اللهم آمين”..

يا للهول. كم هو مفجع تخيل ما تتناوله تقارير التعذيب في السجون بالوطن العربي والإسلامي، وكأن من تمرس في ذلك التعذيب لا عهد لهم بالإنسانية ولا بالأديان السماوية. ومن اللافت الاطلاع على تجربة فريدة من نوعها قام بها الباحث المصري في مجال الاغتيال السياسي وأساليب التعذيب محمد عبدالوهاب الذي أسّس أول متحف من نوعه في مصر والعالم العربي. ذلك المتحف كما ورد في تقرير صحافي كتبته الصحافية في صحيفة “الوفد” المصرية رشا فتحي بتاريخ 10 أغسطس/ آب 2014، يضم ما يزيد على ألف أداة كانت تستخدم في التعذيب ضد الإنسان على مر العصور حتى وقتنا هذا، بهدف توثيق الأعمال الوحشية التي تُمارس ضد آلاف من الضحايا في مختلف العصور. وفكرة إنشاء المتحف استلهمها المؤسس خلال زيارته للعراق، حيث سمع خلالها قصصاً وشاهد صوراً لأعمال تعذيب وحشية مورست ضد الضحايا.

المتحف الذي يقع في أحد المنازل بمنطقة المريوطية في حي الهرم بمحافظة الجيزة، يضم مجموعة من بعض أدوات التعذيب، إضافةً إلى صور لضحايا ومجموعة من وثائق التعذيب موزّعة على خمس حجرات يضمها المتحف، إلا أن المؤسس يقول إن عملية جمع أدوات التعذيب ليست عملاً سهلاً، لكن الهدف الأول كما يقول نصاً في التقرير الصحافي: “الهدف من إنشاء مثل هذا المتحف يرجع إلى تذكير الزوار بوحشية مجموعة غير سوية من البشر تفننت في قدراتها على التعذيب، وليوثق ما ارتكبوه من جرائم في حق البشرية”، وهو يأمل في أن يتحول متحفه إلى موقع جذب سياحي للمهتمين بالتاريخ الإنساني.

من بين قصص التعذيب والمعذبين، التائبين منهم والعاصين، قد تمتليء آلاف الكتب بالقصص في عالمنا العربي والإسلامي، لكن السؤال هو: هل يحتاج الوضع إلى معاهدات واتفاقيات دولية أم إلى “بشر” يحترمون إنسانية الإنسان… حتى المجرم والمذنب، فيطبقون عليه القانون من بوابة العدالة، أم إلى وحوش تنهش في أجساد الناس ثم يندم بعضها ويتوب ويستمر بعض آخر في غيه؟

وقد لا يستغرب البعض من أن تُمارس تلك الوسائل الوحشية في سجون ومعتقلات بلاد ليست إسلامية، بل إن بعض البلدان غير الإسلامية أكثر رحمةً واحتراماً لبني البشر. أما أن يحدث ذلك في بلاد الإسلام، فذلك يعني أن الإنسان الذي كرّمه الله سبحانه وتعالى، تسحقها وحشية الذئاب البشرية، وليس هناك حل أفضل من العدالة… العدالة ولا غيرها.

د. شفيق ناظم الغبرا

بين العنف والتغيير السلمي في العالم العربي!

ما بدأ مع ثورات الربيع العربي فتح طريقاً في منطقتنا لا عودة عنه، فبلادنا العربية هي آخر واحات اللاديموقراطية المقرونة بغياب التنمية وتنوع الفساد في العالم وهي اليوم في عين واحدة من أعتى عواصف التغير والانتقال في الكوكب. من هنا، فإن ما يقع في الكثير من الدول العربية مرتبط بطبيعة التحولات من حالة سياسية تسودها الهرمية والمركزية الأحادية والفشل الإداري والتنموي إلى حالة منقسمة على كل شيء قبل أن تصل الى صيغة جديدة فيها تمثيل أفضل وصيغ ديموقراطية. ففي العقود السابقة لم نطور أنظمتنا ومؤسساتنا لتزهر حقوقاً متساوية ومواطنة متزنة وتعايشاً صادقاً بين مكونات مختلفة، كما لم نحقق إنجازات تنموية تعود بالمعنى على الطبقات الشعبية، بل تلاعبت الدولة الأمنية المسيطرة على المجتمع بالنسيج الاجتماعي والحقوقي العربي وذلك للتعويض عن شرعية غير مستمدة من قاعدة انتخابية حرة. ما نمر به منذ عام٢٠١١ عملية معقدة وشاقة ومتعرجة وطويلة (سنوات وتتجاوز العقد) ولكنها في أسوأ حالاتها لن تعيد العرب الى كنف ما كان قبل الثورات، وما عودة مظاهر التسلط وخنق المجتمع المدني وملاحقة الحقوقيين، حيث تعثر التحول الديموقراطي والاصلاح السياسي، إلا شكل مرحلي لحالة سياسية ميزتها الأهم المفاجآت والتحولات. متابعة قراءة بين العنف والتغيير السلمي في العالم العربي!

سعد المعطش

فيصل الدويش

كان الكثيرون يتحدثون عن تواضعه وعن حلمه وطول باله وسعة صدره، وكنت أقول في نفسي إنهم يمتدحونه لأنه شيخ وهم أقرباؤه، ولم يحصل أن قابلته وجها لوجه إلا مرتين فقط، ولم تتعد في كل مرة السلام عليه وتقبيل خشمه ورأسه بحكم سنه ومركزه الاجتماعي.

وتشاء الأقدار أن أتشرف بحواره في لقاء تلفزيوني في قناة «رواسي» على مدى حلقتين تحدث فيهما بكل شفافية وصراحة وكان في اللقاء يحرص في حديثه وردوده على أن ينصح الشباب بالبحث عما ينفعهم، ويركز على دورهم في خدمة بلدهم ويحثهم على ذلك. متابعة قراءة فيصل الدويش