احمد الصراف

الرسم البياني والوضع الكحياني

“>قامت جهة ما، وقد تكون صحيفة أميركية شهيرة، بوضع رسم بياني احتوى في الجانب العمودي منه على أسماء الجهات التالية: تنظيم القاعدة، مصر، حماس، حزب الله، إيران، العراق، داعش، إسرائيل، السلطة الفلسطينية، تركيا والولايات المتحدة. ووضعت الأطراف والدول نفسها على الاتجاه الأفقي من الرسم، وبيّنت نوعية العلاقة بين كل طرف والأطرف الأخرى، كل منها على حدة، من خلال وجوه ملونة. فالوجه الأصفر يعني أن العلاقة بين أميركا مثلاً وتركيا معقدة وليست على ما يرام. كما أن الوجه الأحمر يعني أن العلاقة بين سوريا وحماس سيئة جداً، والوجه الأخضر يعني أن العلاقة بين مصر والعراق مثلاً جيدة وفي حالة وئام.
وبمحاولة قراءة بعض التقاطعات من الرسم البياني نجد أن أميركا تعادي القاعدة، وتحب مصر، وتكره حزب الله، وتعادي إيران، وتحب العراق وإسرائيل. أما علاقتها بالسلطة الفلسطينية، فمشوبة بالحذر، وسيئة مع سوريا، وحذرة مع تركيا. ولو نظرنا إلى تركيا، لوجدنا أنها تعادي القاعدة ومصر وإيران والعراق وداعش وسوريا، ولكن في وضع ملتبس مع أميركا وإسرائيل وحزب الله، وفي الوقت نفسه تصادق حماس والسلطة الفلسطينية فقط. أما حماس، فإنها لا تعادي القاعدة ولا حزب الله ولا إيران ولا العراق ولا السلطة، ولكنها تصادق تركيا فقط وتعادي مصر وداعش وإسرائيل وسوريا والولايات المتحدة.
وبالتالي، من الواضح أنه ليست هناك صداقات دائمة وواضحة ولا عداوات مستمرة للأبد وواضحة، فالظروف الدولية والمصالح هي التي تقرر في نهاية المطاف من هو الصديق ومن هو العدو. فقد كانت فرنسا وألمانيا، على مدى قرون، عدوين لدودين، وجاء الوقت الذي أصبحت فيه عملتهما واحدة ولا حدود بينهما، وتحكمهما محكمة عليا واحدة وتتقارب قوانينهما يوماً عن يوم.
كل هذا يبين أن العلاقة بين دول الشرق الأوسط والقوى الكبرى مربكة لكل من يحاول تحليل الوضع ومعرفة ما يجري.
وبالتالي، فإن بعض أصدقاء أميركا يدعون أعداءها، وبعض أعدائها يحاربون أعداءها الآخرين، وهي تريد الشر لهؤلاء لأنهم أعداؤها، ولكنها لا تريد الشر لأعداء آخرين لأنهم يعادون من تعادي، وتعال حل وحلل كل هذه الفوازير!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

محمد الوشيحي

سينيور آل أخمي يشكر دبي وماراذونا

عودة إلى الكتابة بعد الإجازة، وهي إجازة مغضوب عليها وملعونة، ومقالة طويلة مجنونة.
وغادرت الكويت، وكي أرتاح، أعلنت القطيعة للأخبار وللقوافل التي تنقلها، لكن عقب نحو أربعة أيام، حُبس مسلم البراك، فهاجت الدنيا وماجت، فخرج بكفالة، فحُبس بعض المحتجين، ثم جاءت الطامة، فسُحبت “جناسي” النائب السابق عبدالله البرغش وبعض أقربائه، ورئيس مجلس إدارة قناة اليوم (التي أقدّم فيها برنامجي التلفزيوني) أحمد جبر الشمري وأبنائه، وسُحب ترخيص القناة، وبدأ التحريض على جنسيتي و”جناسي” بعض المعارضين، ووو… فصرت أنتظر القوافل عند آبار المياه، بحثاً عن آخر الأخبار. متابعة قراءة سينيور آل أخمي يشكر دبي وماراذونا

عادل عبدالله المطيري

الحوار.. الورقة الأخيرة!

أكثر من عامين منذ أن صدر مرسوم الصوت الواحد الذي عارضته ومازالت تعارضه أغلبية 2012 والتي تمثل وبلا شك قطاعا من المواطنين والعديد من التوجهات السياسية.

لم تكن خلافات المعارضة مع الحكومة بالشيء الجديد، فالمعارضة دائما ما تتصدى لقضايا فساد، ولطالما طرحت أفكارا إصلاحية وحاولت فرضها على الحكومات المتعاقبة، ولكن آلية عمل المعارضة في السابق كانت تتم داخل الإطار الدستوري والبرلماني ووفقا لقواعد اللعبة السياسية.

أما الآن وقد قاطعت المعارضة الانتخابات ولم تعد ممثلة ولا ترغب بذلك أصلا – فإن المعارضة تجد نفسها مجبرة على العمل خارج الآليات المعتادة مستخدمة الشارع السياسي واللغة الحادة.

ربما ميزان القوى الآن يميل لصالح الحكومة والتي نجحت بفرض واقع سياسي ودستوري على المعارضة والتي بدورها حاولت بكل السبل تغييره ولم تنجح إلى الآن.

من المؤكد ان فشل المعارضة في إعادة الأصوات الانتخابية الأربعة سريعا اجبرها على التصعيد السياسي وعلى المزيد من المطالب الشعبية كالحكومة المنتخبة والأحزاب وغيرها بضغط من الشارع.

ربما تدرك الحكومة اكثر من غيرها أن أصل المشكلة هو قانون الصوت الواحد، اما بقية المطالب الاصلاحية فيمكن للمعارضة تأجيلها الى حين.

وهناك اشارات ايجابية عبر عنها النائب السابق محمد هايف بعد زيارته الرمضانية للديوان الاميري العامر، حين صرح بانه متفائل ببداية حوار سياسي قريب، اضافة الى تصريحات القيادي السلفي احمد باقر التي يدعو فيها الى ضرورة تعديل قانون الانتخاب ليكون عشر دوائر وبصوتين انتخابيين.

ختاما، يجمع كل السياسيين وعلى مر العصور على ان افضل وقت للدخول في المفاوضات والمساومات هو عندما تكون قويا – وبما ان حكومتنا الآن في أوج قوتها، فان دخولها بحوار سياسي مع اطراف من المعارضة وبعض الشخصيات السياسية والوطنية المستقلة، سيؤدي الى تحقيق صفقة مربحة للوطن!

وخصوصا بعد أن استخدمت كل الأوراق من المعارضة والحكومة على السواء – ولم يبق على الطاولة إلا ورقة واحدة وهي «الحوار».

سامي النصف

التعريف الغريب للنصر العربي!

كانت هزيمة حرب السويس عام 1956 هي بداية التعاريف الكوارثية للنصر العربي الذي يجعلنا لا نتعلم من هزائمنا، ومن ثم حتما تكرارها فقد كتب الأستاذ هيكل آنذاك ان الانتصار في الحرب قام على معطى انها قامت على جائزة هي الاستحواذ على قناة السويس وبما انها بقيت في يد عبدالناصر فهو المنتصر، ما لم يقله هيكل ان حرب 56 كانت هزيمة ماحقة بامتياز، فقد نتج عنها فتح مضائق تيران لإسرائيل كي توسع علاقاتها وتجارتها مع دول آسيا وأفريقيا، كما قامت مصر عام 57 بتعويض حملة اسهم شركة قناة السويس بمبالغ خيالية وكان بإمكان مصر ان تشتريها من بورصتي لندن وباريس بأبخس الثمن بسبب محدودية أرباح الشركة، كما أسقطت تلك الحرب أحد أكبر أصدقاء العرب والمتحدث بلغتهم والذي أعطاهم عام 1942 وعدا بتحقيق وحدتهم مطابقا لوعد بلفور وهو وزير الخارجية البريطاني أنتوني ايدن، اما بقاء القناة بيد مصر فلم يدع احد في تلك الحرب انه ينوي نقلها منها الى مكان آخر وهل يرضى احد تأميم متاجر هارودز بعد تملك المصري الفايد لها بحجة انها بنيت على ارض انجليزية بأيد انجليزية؟! يا لها من حجة ساقطة!

***

وتلت تلك الحرب سلسلة من الانتصارات الكاذبة والوهمية التي يقوم صلبها على ان نضع نحن لأهم هدف ندعيه للحرب وبما انه لم يتحقق حسب معطانا لذا نعتبر أنفسنا المنتصرين وهم المهزومين، فحرب 67 التي دمرت بها الطائرات المصرية على الأرض في نسخة طبق الأصل مما حدث عام 56، قررنا ان سببها هو إسقاط نظامي الحكم في القاهرة ودمشق وبما ان النظامين صمدا وبقيا بعد الحرب فذلك انتصار باهر للعرب، وتكرر الأمر في انتصارات حرب الاستنزاف 67 ـ 70 التي اضطر بسببها ناصر لسحب تعهده بلاءات قمة الخرطوم الثلاثة وقبل بمبادرة روجرز للسلام، ومثل انتصار عرفات الباهر على اسرائيل في حرب بيروت عام 82 وخروجه منها مكللا بالغار الى تونس.

***

وأعلن صدام انتصاره الباهر في حرب تحرير الكويت عام 91 وأسماها ام المعارك الخالدة وطبل لها من طبل، لذا تكررت الحافر بالحافر عام 2003 على تخوم بغداد، وكرت السبحة في الحروب اللاحقة مع اسرائيل فجميعها انتصارات باهرة على اسرائيل رغم ان الطرف العربي هو من ينجلي غبار معاركها وهو المجندل او المقتول او المأسور ومدمر المباني والأنفس.

***
وسيعلن الانتصار الباهر قريبا اذا لم يكن قد أعلن مع اللحظة الأولى لتوقف الحرب الحالية لغزة كي تمهد الأرض لانتصار مستقبلي قادم خلال اعوام قليلة، واي انتصار هذا وقد دمرت مبانينا لا مبانيهم وسفكت دماؤنا لا دماؤهم (ألف مقابل ثلاثين) وتيتم أبناؤنا لا أبناؤهم، وحوصرت أرضنا لا أرضهم، وعاش أهلنا في المخيمات بعد تدمير منازلهم بينما ينعم أهاليهم بالبيوت الدافئة العامرة، ويبقى أطفالنا في الشوارع بينما يتلقى أطفالهم العلم في مدارسهم بأجل صوره ضمن صراع حضاري طويل المدى كما ندعي، اذا كان هذا حال انتصاراتنا فما هو حال هزائمنا إذن؟!

***

آخر محطة: (1) خسائر إسرائيل بالسمعة وانقلاب بعض الإعلام الغربي عليهم هو كسب مؤقت قصير المدى سينساه العالم بسرعة عندما تقوم جماعتنا ـ كالعادة ـ بأعمال إرهابية مروعة تجعل من قام بلوم إسرائيل يعود سريعا لتأييدها.
(2) أما خسائرنا كعرب في غزة فهي خسائر دائمة فالألف شهيد لن يعودوا الى الحياة وكل حالة إنسانية منهم ستبقى إشكالا دائما، فمن سيأتي بالرزق للأبناء؟ ومن سيبقيهم بالمدارس بدلا من البحث عن الرزق في الشوارع؟ ومن سيعيد بناء آلاف المنازل والمدارس التي هدمت مع انعدام وجود الأسمنت والحديد وغيرها من متطلبات البناء؟
(3) في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة 2008 أصدر لواء حرب حسام سويلم كتابا موسوعيا مختصا من 500 صفحة عن تلك الحرب وعن كيف بدأت وكيف انتهت، ومن يطلع عليه يجد ان ما يحدث اليوم هو صورة طبق الأصل مع ما حدث بالأمس وما سيحدث في الغد!

احمد الصراف

الإخوان و«عوار الراس»

“>جرت في الأسابيع القليلة الماضية أحداث مرعبة ورهيبة في الموصل والمدن العراقية والسورية الأخرى، وارتكبت جرائم لم تعرف البشرية في العصر الحديث لها مثيلا، وبخاصة أنها ارتكبت ممن كانوا بالأمس فقط أخوة ومواطنين متحابين. وعلى الرغم من كل هذا القتل والتنكيل فان الاتحاد العالمي لما يسمى بـ«علماء المسلمين»، ومقره قطر، وكذلك إتحاد «علماء الدين» في الخليج الذي يرأسه عجيل النشمي، لم يقوما بإصدار ولو بيان إدانة «خجول» لكل هذا التوحش والإجرام! ولو علمنا أن اصول الاتحادين تعود للتنظيم العالمي لـ«الإخوان المسلمين»، لربما زال العجب.
فهؤلاء الإخوان هم الذين سبق وان ارتكبت فصائلهم قطع الرؤوس وجز الأعناق في الجزائر، لأكثر من مئة ألف مواطن كما تردد في الاعلام، قام بها جزائريون عرب «مسلمون سنة» في حق جزائريين عرب «مسلمين سنة»، فقط بسبب اختلافهم ربما على كلمة أو جملة. وهؤلاء الإخوان هم الذين كانوا وراء نشوء تنظيمات مثل بوكو حرام في نيجيريا والشباب في الصومال، وقبلها القاعدة، وبعدها النصرة وداعش، وغيرها من تنظيمات إرهابية في مختلف الدول العربية والإسلامية.
مقال في الزميلة الجريدة ذكر ان علماء «اتحاد علماء المسلمين»، الإخواني، كانت لهم مصائب عدة، فهم الذين أعلنوا النفير العام إلى سوريا، وشكلوا تكتلاتٍ ضد بلدانهم، ووقعوا بياناتٍ تحريضية لا تحقق أياً من مقاصد الشريعة ولا من مبتغيات النهوض والتقدم والتصحيح. وتسبب ذلك في خروج البعض منهم بعد أن عرفوا أنه اتحاد أيديولوجي يقوم بأعمالٍ سياسية تخريبية تحريضية، ويأمر رئيسه بالقتل كما فعل حين استباح دم القذافي على الهواء مباشرةً، هذا هو المعلن، ولا تسل عن الأوامر الخفية والمخططات السرية.
لقد مرّت المنطقة بأحداثٍ كبيرة كان لرموز الصحوة والإخوان المسلمين الدور السلبي بشأن استقرار المنطقة والخليج، فقد وقفوا ضد الاستعانة بالحلفاء، وأشعلوا فتيل المعارضة والنزاع، وقادوا التظاهرات ضد بلدانهم، ومع كل أزمةٍ يكون لهم الدور الكارثي نفسه على بلدانهم، فهم لا يسالمون ولا يريدون للسلم أن يحل.
والآن ما الذي تنتظره الحكومات الخليجية، او ما تبقى منها، كالكويت لكي تتحرك ضد تنظيم الإخوان المخرب؟ لقد زاد شر هؤلاء وزاد فسادهم وحلت ساعة حل تنظيماتهم، ومصادرة أموالهم ومنعهم من ممارسة اي أنشطة سياسية، فأعمالهم جميعها تخريبية، وهم سبب كل «عوار راسنا».

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سامي النصف

ربع قرن على الجريمة الغامضة!

يصادف هذه الأيام مرور ما يقارب ربع القرن على جريمة غزو الكويت وتهديد دول الخليج ومازالت الأسئلة تطرح حول ذلك الحدث الجلل دون إجابات شافية عنها، وأولها ما هدف القيادة العراقية آنذاك من ذلك الغزو الذي ادعت بعد أن عجزت عن تبريره أنه وحي أتى من السماء (!) فقد كان العراق قد خرج للتو من حرب طاحنة ضد إيران وقبلها وبعدها حرب دموية ضد الأكراد، وكان الاعتقاد أن النظام سيخطط لمائة عام من السلام لبناء العراق المدمر وتعويض شعبه الصابر.

***

ولم نسمع حتى اليوم عن سبب مقنع واحد للغزو، فلو أن الكويت وقفت ضده أو حتى على الحياد في حربه مع إيران لقيل ان ذلك مبرر الغزو، إلا أن الكويت وقفت معه وتحملت الأذى لأجله دون مقابل، كما لا يصدق أحد ان الكويت ذات الإنتاج الذي لا يتجاوز المليون برميل آنذاك يمكن لها أن تتحكم في أسعار سوق نفطي يبلغ مجمل إنتاجه 87 مليون برميل يوميا، ومثل ذلك أكذوبة احتلالها لأرضه حيث تبين العكس تماما وان العراق هو الذي كان يحتل أراضي الكويت دون علم أحد، وفي مؤتمر جدة تحقق مطلب العراق بالحصول على 11 مليار دولار، حيث وافقت الكويت على دفع 10 مليارات والمملكة على دفع مليار، فلماذا ترك الدوري اللقاء دون سبب أو مبرر ليبدأ الغزو فجر اليوم التالي؟!

***

وتظهر مذكرات قادة الحرس الجمهوري انه تم إبلاغهم بالرغبة في احتلال الكويت كاملة في أوائل شهر يوليو وتم تحليفهم على المصاحف ألا يفشوا السر ومن ثم تصبح المذكرة العراقية التي أرسلت في 17/ 7/ 1990 ولقاء الرئيس العراقي مع السفيرة الأميركية في 24/ 7/ 1990 ومؤتمر جدة اللاحق ما هي إلا عمليات لذر الرماد في العيون، فالأمر مقرر سلفا بأمر إلهي سماوي – الأصح شيطاني أرضي – على القائد الضرورة وهو أمر لا راد له أو مانع.

***

والغموض لا يغطي فقط أسباب حرب الكويت عام 1990 ومحاولة قتل الدجاجة التي تبيض المليارات الأغلى من الذهب وآخرها 10 مليارات مؤتمر جدة، بل يمتد الغموض لأسباب حرب أم الهزائم عام 1991 بعد أن حصل النظام على تعهد بألا يمسه سوء إذا ما قرر الانسحاب من الكويت، من الدولتين العظميين في العالم أي أميركا وروسيا، وكان بإمكانه الانسحاب والبقاء على الحدود ولإكمال ابتزازه، ولا يعلم أحد كذلك أسباب تجويعه لجيشه وإرعابه له بالنشرات الدورية التي تصل له مما جعل الجيش ينهار قبل الحرب لا بعدها.

***

آخر محطة: (1) واضح فيما حدث منذ أغسطس 1990 حتى أبريل 2003 وقد صمد العراق رغم توقفه عن تصدير النفط ان الوضع الاقتصادي لم يكن بالسوء الذي صوّره صدام وحاول جعله مبررا للغزو.

(2) قد يكون السبب الحقيقي للغزو هو خوف صدام من جيش المليون جندي أن يرتد عليه، لذا تآمر على جيشه وزجه في حروب غير متكافئة لتدميره، إلا أن السحر ارتد على الساحر!

@salnesf

سعيد محمد سعيد

تكريس الصراع السني – الشيعي

 

هل يمكن القول، كما نكرر دائماً، أن الصهاينة ودوائرهم وعملائهم يقفون وراء تكريس الصراع السني – الشيعي في المجتمع الإسلامي؟ وهل هذا المجتمع، دولاً وحكومات ومؤسسات وشعوباً، لديه القابلية لأن يأكل الطعم المسموم وينفذ الأجندات الطائفية؟ ولماذا تفشل جهود المؤسسات والهيئات الإسلامية المعتدلة، كالأزهر الشريف والمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب مثلاً، في صد تلك المؤامرة؟

مع وجود الكثير من الدلائل والحقائق، سنعتمد على مؤتمر «هرتزيليا» الثالث عشر، وسنعود إلى شهر مارس/ آذار من العام 2013، ولنعيد النظر قليلاً في أهم توصية صدرت عن ذلك المؤتمر، وهي «ضرورة تكريس الصراع السني – الشيعي، وتشكيل محورين من دول المنطقة: سني وشيعي»… (انظر المقال المنشور في الوسط، الأحد 0 أبريل/ نيسان 2013 تحت عنوان: «هرتزيليا تشكر جهود الطائفيين»).

ولقراءة المشهد بوضوح، حري بنا أن نعيد التذكير بالتقسيم الإسرائيلي، فإن هناك محور شر هو المحور الشيعي، ويبحث الصهاينة عن محور بديل أسموه «المحور السني» تكون نواته من الملكيات العربية التي تخشى أن يصل قطار الثورات العربية إليها، إضافةً إلى مصر وتركيا، اللتين أشار إليهما تقرير المؤتمر بـ «الأطراف التي عملت على إنهاء الأزمة في أعقاب العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة في 2012»، وأن هذه الأطراف «تجسد التغيير، حتى لو كان محدوداً، الذي طرأ في المجموعة السنية في المنطقة، والمهتمة بعمل علاقات مع إسرائيل، سواء مباشرة أو غير ذلك، بهدف الحفاظ على الأمن الإقليمي».

وهذه الجزئية الخطيرة بحثها مؤتمر الصهاينة بتكثيف عميق، فاختيار مصر وتركيا إضافةً إلى الأردن للانضمام للمحور السني المرتقب، الذي من المفترض أن يكون متحالفاً مع «إسرائيل» والغرب، لم يأتِ من فراغ، فـ «التحركات الدبلوماسية حول العملية في غزة والأزمة السورية تشير إلى تعاون وتنسيق متزايد بين الولايات المتحدة الأميركية، مصر، تركيا، الأردن ودول الخليج»، بحسب التقرير، الذي يرى في تشكيل هذا المحور ضرورة استراتيجية، و»صفقة شاملة» من شأنها أن تزيد من أمن «إسرائيل»، وتدفع نحو شرق أوسط جديد.

لكن، هل انتبه الباحثون والمخططون الاستراتيجيون العرب والمسلمون، لتلك التوصيات ووضعوها تحت مجهر البحث؟ حسب متابعتي المتواضعة، فإن الباحث المصري في الشئون الإسرائيلية طارق فهمي أعد دراسة مفصلة حول المؤتمر وتوصياته، وما يهمنا هنا هو الجانب المتعلق بتأجيج الصراع السني – الشيعي، فالباحث توقف عند أوراق عمل من واقع القراءة التحليلية أمام المخاطر التي تواجه «إسرائيل» داخلياً، فمن المهم إشغال الأنظمة السياسية العربية والشعوب الإسلامية بالصراع الطائفي.

وفى هذا الإطار، كما يرى الباحث فهمي، يمكن تصور آليات التعامل الإسرائيلى فى المحيط الإقليمى والدولى التي تراها دوائر الاستخبارات في الكيان الصهيوني، فنجاح ثورات التحرر والمطالبة بالحقوق والديمقراطية وإحياء المناهضة والمقاومة للكيان المحتل، ستجعل الأنظمة السياسية العربية أقل خضوعاً للمطالب الإسرائيلية بفعل تنامي وزن الشارع العربي في القرار السياسي، وهو أمر قد يخلق حالة من الاضطراب الواسع في المنطقة بشكل يؤثر على الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.

الصفقة الشاملة التي يخطط لها الصهاينة، ومع انتقادهم لما أسموه «سياسة الاختفاء من أمام العاصفة»، وهو المصطلح الذي يوجب استفادة الصهاينة من الاضطرابات في المنطقة واستغلال الفرص لتحقيق المزيد من التدمير للمجتمعات الإسلامية والعربية، تعتبر بالنسبة للصهاينة من أنجح الصفقات وأيسرها تحقيقاً! كيف؟

الصهاينة يدركون أن الحليف الأقوى لهم وهو الولايات المتحدة الأميركية، يتحكم في المنطقة كيفما يشاء، ولهذا، فمن السهولة بمكان ضمان استمرار الصراع المذهبي بين السنة والشيعة في الأمة وتأجيجه إلى الدرجة التي تضاعف الحريق المدمر، ولأن هناك بيئات حاضنة، من قادة وأنصار وأتباع الايديولوجيا الطائفية، فإن الصورة التي نشهدها اليوم في المجتمعات الإسلامية من احتدام الصدام الطائفي، ومشاركة حكام في إشعال المزيد من النيران الطائفية، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن المجتمعات الإسلامية حينما تتصارع مذهبياً فليس من أجل «الدين الإسلامي وأبناء الأمة»، إنما بالتأكيد، هو لصالح الغرب عموماً والصهاينة تحديداً.

الإعلام العربي والإسلامي، في واجهته الكبرى التي تظهر اليوم من خلال آلة التدمير في الفضائيات الطائفية ووسائل الإعلام الجديد، تعمل باجتهاد من أجل إشعال الصراع المذهبي إلى أعلى درجاته، وتطبق سياسات كيان العدو ضد العرب والمسلمين لتمزيقهم، وتبدو الكثير من الحكومات العربية متآمرة مع هذا الاتجاه، لكن ربما يعيد الصهاينة حساباتهم مع العدوان الوحشي على غزة وصمود المقاومة الفلسطينية، ومع ذلك، لن يعيد الطائفيون وأسيادهم حساباتهم إلا في حالة كونها تصب في صالح أسيادهم الصهاينة.